جسر مدمّر.. طريق إجباري للفرار من حرب الموصل

وكالة الأناضول للأنباء
العراق
نشر في 13.01.2017 00:00
آخر تحديث في 13.01.2017 23:29
جسر مدمّر.. طريق إجباري للفرار من حرب الموصل

يلهث "أبو علي"، وهو مسن في العقد السابع من العمر، من شدة التعب عندما يحاول تسلق جسر شبه مدمر على نهر الخوصر شرقي الموصل على أمل الوصول إلى الضفة الأخرى وإكمال طريقه بعيدا عن جحيم آلة الحرب التي تئن المدينة تحت وطأتها منذ نحو ثلاثة أشهر.

وكان "أبو علي" إلى جانب مسنين آخرين ومئات المدنيين يفرون من حي المثنى شمال شرقي الموصل باتجاه أحياء أخرى في الشرق تعتبر أكثر أمنا.

ويضطر سكان الحي الذي حررته القوات العراقية خلال اليومين الماضيين إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم بسبب تساقط قذائف الهاون التي يطلقها مسلحو تنظيم "داعش" على الحي بشكل متواصل.

ولا يجد الفارون سبيلا أمامهم إلا بعبور جسر شبه مدمر على نهر الخوصر، مدخل حي المثنى من الجهة الشرقية للوصول إلى الأحياء الواقعة شرقي المدينة.

وكانت القوات العراقية قد أعلنت يوم الجمعة الماضي، عبور نهر الخوصر وهو عبارة عن مجرى مائي صغير في الجانب الشرقي من الموصل ينتهي في المحصلة بنهر دجلة.

ويضطر المسنون من النساء والرجال إضافة إلى مقعدين يحملون على الأكتاف إلى تسلق سلالم وضعت لتغطية الأجزاء المدمرة من الجسر للوصول إلى الضفة الأخرى.

ويقول "أبو علي" الذي تحدثت معه الأناضول على ضفة النهر بعد تمكنه من عبور الجسر، إن "طائرات التحالف دمرت منزلي بسبب صعود القناصة من تنظيم داعش على سطح المنزل عنوة".

وأضاف وهو يلهث من شدة التعب: "اضطررت إلى العبور عبر الجسر بهذه الطريقة التي لا تناسب أعمارنا لأصل إلى منزل أقارب لي حتى تستقر الأوضاع في حي المثنى ثم أعود مجددا إلى منزلي لأعيد بناءه".

واستدرك قائلا: "قذائف الهاون تسقط على الحي وبعض السكان يخلون منازلهم"، لكن رغم كل ذلك يقول الرجل المسن بأنه يشعر بالفرح بعد الخلاص من حكم تنظيم "داعش".

وكانت طائرات التحالف قد دمرت جسر الخوصر بضربة جوية في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مع انطلاق العمليات العسكرية من اجل قطع امدادات داعش ما بين حي المثنى والاحياء الشرقية الاخرى.

كما دمرت طائرات التحالف خمسة جسور إستراتيجية تربط جانبي الموصل الشرقي والغربي على ضفة نهر دجلة لقطع إمدادات داعش وعزل المسلحين في الجانب الشرقي، حيث المواجهات بين القوات العراقية ومسلحي "داعش" لكن الجانب الغربي لا يزال هادئا.

وتقول الحكومة المحلية في نينوى إنها تبحث عن بدائل لإنهاء معاناة السكان من عبور الجسر.

وقال عضو مجلس محافظة نينوى (مركزها الموصل) حسام الدين العبار الذي كان في موقع جسر الخوصر المدمر إن "الجهد الهندسي لبلدية الموصل وبالتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب (يتبع الجيش) يعمل على إنشاء معبر مؤقت على نهر الخوصر على مقربة من الجسر لإنهاء معاناة السكان الفارين من الحي".

وأضاف العبار أن "الحل المؤقت يتمثل في مد أنبوب كبير وسط مجرى النهر لتمر المياه من خلاله ومن ثم طمر الأنبوب بالتراب كي يكون معبرا للسكان الى الضفة الاخرى بدلا من العبور على الجسر بهذه الطريقة الصعبة".

المقدم سعدي الحمداني الضابط في جهاز مكافحة الارهاب قال للاناضول، إن "قصف الجسور ياتي لقطع الامدادات عن داعش وإصلاح مثل هذه الجسور ليس بالامر الصعب".

وتابع بالقول: "الأصعب هو إصلاح الجسور الإستراتيجية الخمسة بالموصل التي لم تقصف فقط من قبلنا وإنما الجسر الرابع بالموصل جرى تفجيره من قبل تنظيم داعش من الضفة الأخرى في الجهة الغربية خشية تقدم القوات العراقية".

وأضاف الحمداني أن "السكان لا ينظرون إلى حجم الدمار في الوقت الحاضر؛ ففرحة التحرير والحرية تطغى على ذلك"، على حد قوله.

وختم حديثه بالقول، إن "نهاية داعش باتت قريبة في الضفة الشرقية"، وفق قوله.

وتواجه القوات العراقية صعوبات كبيرة جدا في عملية اقتحام الاحياء السكنية لمدينة الموصل لاعتماد تنظيم داعش على العبوات الناسفة والبراميل المتفجرة والسيارات المفخخة والقناصة وشبكة الانفاق لسهولة الحركة، فضلا عن ذلك معرفتهم الجغرافية بالمنطقة.

ويسقط مدنيون قتلى وجرحى يوميا نتيجة المعارك وخاصة السيارات المفخخة التي يخفيها مسلحو "داعش" بين الأزقة السكنية، فضلا عن القصف المتواصل للأحياء التي خسرها التنظيم.

ووفق أرقام وزارة الهجرة والمهجرين العراقية فإن 169 ألف مدني نزحوا من المدينة التي يقطن فيها أكثر من مليون نسمة منذ بدء الحملة العسكرية.

ويشارك في هجوم استعادة الموصل، الذي بدأ في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ائتلاف يسانده التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يضم 100 ألف من جنود الجيش والقوات الخاصة والشرطة الاتحادية والمقاتلين الأكراد وقوات الحشد الشعبي الشيعي في معظمه ضد بضعة آلاف من الإرهابيين في المدينة.

ومنذ بدء الهجوم استعادت القوات العراقية نحو 70 في المئة من القسم الشرقي للمدينة، وسط توقعات بطول أمد المعركة بعد أن توقعت الحكومة العراقية سابقا أنها ستستعيدها قبل حلول نهاية العام المنصرم.