قمة منظمة التعاون الإسلامي: تحديات كبرى وتوقعات مثلى

رجب طيب أردوغان
اسطنبول
نشر في 14.04.2016 00:00
آخر تحديث في 14.04.2016 11:41
قمة منظمة التعاون الإسلامي: تحديات كبرى وتوقعات مثلى

تنعقد اليوم في اسطنبول التركية القمة الثالثة عشر لمنظمة التعاون الإسلامي، وهي منظمة دولية تشكلت في عام 1969، لتكون ممثلة لصوت المسلمين حول العالم. ويأتي انعقادها في وقت صعب تمر فيه الأمة الإسلامية، إذ يعاني الملايين من المسلمين العديد من الأخطار في سوريا والعراق وليبيا وفلسطين وجمهورية افريقيا الوسطى. والبعض الآخر قد حرم فرصته بسبب دول فاشلة وحكومات ضعيفة والمظالم الاجتماعية. وفي الوقت الذي يواجه فيه العالم الإسلامي تحديات صعبة، يتوجب على قادته إظهار الوحدة والتضامن لتعزيز العدل والسلام.

واليوم، يظهر الإرهاب كأبرز تحدٍ يواجه العالم الإسلامي. الإرهاب لم يسرق حياة الأبرياء فقط، بل ألحق ضرراَ لا يمكن إصلاحه بالحضارة الإسلامية، بتشويه الماضي واختطاف المستقبل. كما عزز إرهاب داعش والقاعدة التمييز العنصري وعداء الآخر والإسلاموفوبيا في الغرب، وترك المسلمين معرضين إلى مزيد من الإساءات اللفظية والجسدية.

ومن خلال التركيز على إرهاب داعش وإبقاء الضوء مسلطا عليه، يبدو الربط الخاطئ بين الإرهاب والإسلام وكأنه يعطي الصلاحية الكاملة والمطلقة من المجتمع الدولي للمجموعات الإرهابية الأخرى لتمارس إرهابها. ومثال ذلك، تنظيم بي كا كا المصنف على لائحة التنظيمات الإرهابية في كل من تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. فمنذ ثمانينات القرن الماضي، قتل التنظيم ما يزيد عن 40 ألف مدني ورجل أمن. والبعض يدعم اليوم تنظيم ب ي د الجناح السوري لتنظيم بي كا كا، وجناحه المسلح ي ب ك تحت ذريعة الحرب على داعش. كما تم تجاهل حقيقة أن ب ي د والـ ي ب ك قد هجروا عشرات الآلاف من التركمان والعرب، فضلاً عن مجموعات كردية منافسة.

المشكلة الأخرى التي تواجه العالم الإسلامي هي المذهبية. فمن خلال إذكاء الصراعات بين الشيعة والسنة لتحقيق أهداف سياسية، تلعب مجموعات محددة على وتر قلة حيلة الشباب وانعدام آمال البالغين، من أجل تصعيد الصراعات في العالم الإسلامي. لا بد من التذكير دائماً بأن القادة المسلمين قادرون على خلق تغيير في مجتمعاتهم وبلادهم. ويجب علينا أن نتخذ موقفا ضد الاضطهاد وأن نعبر عن تضامننا مع المضطهدين.

ستسعى قمة منظمة التعاون الإسلامي، التي تترأسها تركيا هذا العام، إلى تعزيز التعاون بين الشعوب الإسلامية ومعالجة مشكلاتها.

الإرهاب مشكلة عالمية لا يمكن لنا القضاء عليها دون تعاون دولي. ولذلك، على منظمة التعاون الإسلامي أن تركز على خطر الإرهاب العلماني، في الوقت الذي تتدارس فيه مع الدول الأعضاء جذور الإرهاب.

المذهبية قضية تتطلب علاجاً سريعاً. يجب علينا العمل بجدية للقضاء على الصراعات المذهبية في العالم الإسلامي وخلق فرص للشيعة والسنة لتطوير حلول للمشكلات الملحة. يجب علينا في البداية أن نتقبل أخوتنا في الإسلام في سبيل تحقيق تأثير أكبر في العالم اليوم.

ولا بد من القول إن هذه الجهود يجب ألا تبقى محصورة في إطار الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بل عليها اعتماد المبدأ الأساسي بسواسية المسلمين جميعاً. يجب أن يولي قادة العالم الإسلامي اهتماماً بمشاكل وتحديات الأقليات المسلمة حول العالم، تماماً مثلما يولون اهتماماً لشؤون الدول ذات الأغلبية المسلمة. سنعمل مع شركائنا من أجل تحديد مشاكل أخوتنا وأخواتنا حول العالم، وإلقاء الضوء عليها ومعالجتها.

تقوية وتمكين الشباب المسلم سيكون مهمة كبرى على عاتقنا. وفي هذا الصدد، كان من المهم جدا أن تنعقد قمة القادة الشباب الأولى من نوعها في منظمة التعاون الإسلامي، في اسطنبول، في الحادي عشر من أبريل/نيسان، الجاري، لردم الهوة بين الشباب المسلم من كافة الخلفيات والمنابع، وتشجيع قادة الغد على البدء في تطوير سياسات فعالة منذ اليوم.

وأخيرا وليس آخرا، يجب ان نعمل من أجل تعزيز دور المرأة في الأمة والحفاظ على أهميته. ولنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم إذ قال: "الجنة تحت أقدام الأمهات"، فلنعمل على إحياء الإرث الإسلامي في هذا الإطار. فإسهامات المرأة في المجتمع وبناء المستقبل في غاية الأهمية.

إن خطة العمل العشرية لمنظمة التعاون الإسلامي2015- 2025، التي نتوقع أن نتوصل إليها خلال هذه القمة، ستحدد ملامح بقية أهدافنا لهذا العقد من الزمن.

قادة العالم الإسلامي يجتمعون في تركيا في وقت حرج تمر به الأمة. والتحديات أمامهم كبرى، لكن لا شك بأننا سننجح في التعامل معها بإذن الله، بفضل العمل الجاد من قبل أخوتنا وأخواتنا المسلمين قادة وشعوباً.