بمناسبة القمة الإنسانية أردوغان يكتب: لسنا عديمي الحيلة بل نحن الحل

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 23.05.2016 00:00
آخر تحديث في 23.05.2016 18:12
بمناسبة القمة الإنسانية أردوغان يكتب: لسنا عديمي الحيلة بل نحن الحل

ترجع أسباب العديد من المشاكل والأزمات الحالية في العالم إلى انعدام الشفقة والتعاطف، وليس إلى نقص الإمكانات المادية؛ لذا علينا أن نوقظ الضمير العالمي.

هناك 125 مليون إنسان حول العالم في حاجة لمساعدات إنسانية عاجلة بسبب الصراعات المسلحة الدائرة في سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا؛ والنزاعات العرقية في دول آسيا وأفريقيا، وأيضاً بسبب الكوارث الطبيعية. وجميعنا يعلم أن هناك 60 مليون إنسان اضطروا لترك أوطانهم، يحاولون التمسك بالحياة كمهجَّرين أو لاجئين تحت ظروف معيشية صعبة للغاية. وما المشاهد الأليمة التي نشاهدها في المعابر الحدودية، وأجساد الأطفال التي تقذفها الأمواج العاتية، ومشاهد الفقر والجوع التي نشاهدها، سوى مجرد انعكاسات لهذه المأساة. ومع الأسف يظل النظام العالمي للمساعدات الإنسانية، ببنيته الحالية، عاجزاً أمام تلك الأزمات والمشاكل التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، وتهدد مستقبل الإنسانية المشترك.

تركيا هي الدولة الأكثر كرماً

إن القمة الإنسانية العالمية، التي تستضيفها تركيا في الفترة بين 23-24 مايو/أيار الجاري، برعاية منظمة الأمم المتحدة، تُعد خطوة تاريخية في سبيل حل المشكلات التي يعاني منها النظام منذ سنوات، وجعله نظاماً أفضل وأكثر فعالية. فلأول مرة سيجتمع رؤساء الدول والحكومات مع ممولي النظام العالمي للمساعدات الإنسانية، تحت سقف واحد بمناسبة تلك القمة، وسيحاولون إيجاد حلول مشتركة للمشكلة. واستضافة تركيا واسطنبول على وجه الخصوص لهذه القمة التاريخية، ليس من قبيل الصدفة.

بل على العكس تماماً، فترجيح تركيا لاستضافة القمة هو نوع من إعادة الحق لأصحابه. فبلادنا كانت على مدار التاريخ ملاذاً آمناً لكل المحتاجين الفارين من الحروب والنفي والظلم في بلادهم. واليوم تقدم تركيا مساعدات إنسانية لأكثر من 140 دولة في قارات العالم الخمس، تبلغ قيمتها 6.4 مليار دولار سنوياً، لتصبح تركيا هي الدولة الأكثر سخاء في العالم، من حيث نسبة المساعادات إلى دخلها القومي. ونحن لم نقم أبداً بالاستهانة بمن نقدم لهم المساعدات، ولم نسع قط لإجبارهم على فعل شيء، أو تنفيذ أجندات خفية. فنحن نهتم بتحسين حياة الإنسان وبالتطورات الملموسة، بدلاً من الأرقام والتقارير والدعاية البراقة. كما نفضل التعاون والتنسيق في مجال التنمية ونقل ومشاركة الخبرات المشتركة، بدلاً من نمط العلاقة التقليدية التي يوحي بها مفهوم المساعدة. إن "النموذج التركي في المساعدات الإنمائية" الذي بدأته وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) وإدارة الكوارث والطواريء (آفاد)، والهلال الأحمر التركي، ووقف الديانة التركي، ومؤسسات المجتمع المدني لدينا، أصبح بديلاً حقيقياً للغة وبنية النظام الإنمائي الموجود حاليا.ً

إن الموقف الذي اتخذته تركيا حيال الأزمات في سوريا والصومال، يُظهر جوهر السياسة التركية في مجال المساعدات الإنسانية والإنمائية. وعندما زرت الصومال مع وفد كبير في 21 أغسطس عام 2011، كانت الصومال وكأنها دولة منسية تم تركها لتواجه مصيرها وحدها.

واليوم وبعد مضي خمس سنوات استطاع الصومال النهوض من جديد، بفضل الله، والمساهمات التي قدمتها تركيا، بعد أن كان الصومال "دولة ساقطة" بسبب المجاعة والجفاف والصراعات الداخلية. كما أن ما حققه الصومال اليوم من تقدم ملحوظاً في تحقيق الاستقرار السياسي، والأمن، ومحاربة الإرهاب، يعد مصدر إلهام لكل المنطقة وليس الصوماليين فقط.

فتحنا أبوابنا للاجئين

تحتضن تركيا منذ ست سنوات، إخواننا السوريين الذين فروا من الظلم والقتل في بلادهم، دون أي تفرقة بينهم على أساس الدين أو اللغة أو العرق.

تستضيف تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري وعراقي، وهي بذلك الدولة الأكثر استضافة للاجئين في العالم. وقد أنفقنا من ميزانيتنا أكثر من 10 مليار دولار لتلبية احتياجات اللاجئين المتواجدين بالمعسكرات. ونعلم أن البلديات ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين الأتراك، قد أنفقوا ما لايقل عن ذلك المبلغ من أجل السوريين المتواجدين لدينا.

ومع الأسف أن المجتمع الدولي قد فشل في دعم الشعب السوري، الذي يشهد أعنف مأساة إنسانية تسببت بمصرع أكثر من 600 ألف شخص وتشريد حوالي 13 مليونًا آخرين. وألقى بكل عبء الأزمة السورية على بعض الدول المجاورة لسوريا ومنها تركيا.

والآن نعتقد أنه حان الوقت، لكي يتحمل كل شخص المسؤولية، ولتقاسم عادل لأعباء اللاجئين.

على الجميع أن يدرك أن مأساة السوريين لن تنتهي طالما لم تتخذ خطوات جادة لحل الأزمة، وطالما استمرت الهجمات التي تستهدف المدنيين، وطالما لم يتم تأسيس مناطق آمنة خالية من الإرهاب.

بلا شك إن أول مؤسسة يتوجب عليها اتخاذ خطوات جادة في تلك الأمور، هي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وننتظر من الدول الخمسة الدائمة العضوية بالمجلس أن تستخدم حق الفيتو من أجل المهمة الأساسية للمجلس ألا وهي السلام العالمي والاستقرار والأمن، بدلاً من أن تستخدمه من أجل مصالحها وسياساتها الخاصة.

ستتعهد الدول المشاركة في القمة، المنعقدة في مثل هذا الوقت الحساس، بالعمل على إصلاح الخلل في النظام العالمي للمساعدات الإنسانية، بشكل يجعله قادراً على تلبية الاحتياجات. صدق هذه التعهدات ومدى الالتزام بالإيفاء بها هو من سيحدد قدر هذه القمة، كما سيحدد مدى اهتمامنا بإنقاذ 125 مليون إنسان في حاجة للمساعدة. جميعنا يعلم جيداً أن سبب العديد من المشاكل والأزمات الحالية في العالم هو انعدام الشفقة والتعاطف، وليس نقص الإمكانات المادية.

علينا أن نوقظ الضمير العالمي، وأن نصلح الخلل الموجود بالنظام العالمي للمساعدات الإنسانية.

وإني أوجه، في هذه المناسبة، بهذه الدعوة المهمة إلى كل الزعماء والمشاركين في القمة وأقول لهم:

لنعمل على تحقيق آمال كل المظلومين الذين توجهوا بأنظارهم وقلوبهم إلى هذه القمة، وإلينا. تعالوا نتخذ معاً خلال تلك القمة خطوة من أجل عالم أكثر عدلاً وآمناً.