جبهة النصرة تعلن فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 29.07.2016 00:00
آخر تحديث في 29.07.2016 09:28
جبهة النصرة تعلن فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة

أعلنت جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، الخميس فك ارتباطها بالتنظيم الذي قاتلت تحت رايته منذ 2013 وذلك بلسان زعيمها أبو محمد الجولاني الذي كشف وجهه للمرة الأولى في شريط فيديو.

وفي الشريط الذي بثته قناة الجزيرة القطرية أعلن الجولاني، زعيم ثاني أكبر تنظيم جهادي في سوريا، تغيير اسم النصرة إلى "جبهة فتح الشام". وقال: "نزولاً عند رغبة أهل الشام في دفع الذرائع التي يتذرع بها المجتمع الدولي وعلى رأسه امريكا وروسيا في قصفهم وتشريدهم عامة المسلمين في الشام بحجة استهداف جبهة النصرة التابعة لتنظيم قاعدة الجهاد، فقد قررنا إلغاء العمل باسم جبهة النصرة وإعادة تشكيل جماعة جديدة ضمن جبهة عمل تحمل اسم جبهة فتح الشام".

وأضاف: "هذا التشكيل الجديد ليس له علاقة بأي جهة خارجية" متوجهاً بالشكر إلى قادة تنظيم القاعدة وعلى رأسهم زعيمها أيمن الظواهري على "تقديم مصلحة أهل الشام وجهادهم وثورتهم المباركة وتقديرهم لمصالح الجهاد عامة".

وبدا الجولاني في الشريط شاباً مبتسماً بلحية سوداء كثة وعمامة بيضاء.

لكن قائد القيادة الأميركية الوسطى الجنرال جو فوتل سرعان ما صرح أن جبهة النصرة ما تزال تشكل في الواقع تهديداً وأنها على علاقة بتنظيم القاعدة رغم إعلانها فك ارتباطها به.

وقال خلال منتدى أمني في إسبن في ولاية كولورادو: "هذه المنظمات ماكرة للغاية، وتتمتع بمرونة بشكل غير عادي. وعلينا أن نتوقع قيامها بأمور في أي وقت كان".

وأضاف فوتل الذي يشرف على القوات الأميركية في سوريا والعراق وأفغانستان: "يمكنهم إضافة فرع لشجرة وجعله مختلفاً قليلاً، لكن هذا الفرع يجد جذوره في إيديولوجية ومفهوم أصولي. ووسط كل هذا، فهي لا تزال تنظيم القاعدة".

* ضمان المستقبل

تشارلز لستر، الباحث في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، قال لوكالة فرانس برس: "في نهاية المطاف، سينعكس هذا التغيير بشكل طفيف على النصرة كتنظيم، وعلى كيفية تصرفها وعلى أهدافها. لقد تدفق العشرات من كوادر القاعدة القدامى إلى سوريا خلال السنتين الماضيتين لتعزيز صورة النصرة وبينهم أحمد سلامة مبروك الذي ظهر إلى جانب الجولاني في شريط الفيديو".

وأضاف: "القاعدة تلعب دوراً مهماً وحاسماً في هذا التطور، فتفكيرهم وتخطيطهم سيبقى أساسياً بالنسبة لجبهة فتح الشام الجديدة. وستظل ضد معظم المنظمات المعارضة المعتدلة في سوريا كما ستظل تعمل على أساس طائفي وستظل تسعى لإقامة إمارة إسلامية في سوريا مع احتمال تنفيذ هجمات خارجية في الغرب".

ولفت إلى أنه "لا ينبغي النظر إلى هذا التطور باعتباره خسارة لتنظيم القاعدة. ففي الواقع قد يعود الأمر بالفائدة على الحركة المتطرفة الدولية على المدى البعيد. فبعض كبار مفكري القاعدة كانوا قد بحثوا أهمية قيام حركة أقل مركزية، وتبدو هذه المؤشرات الأولى على إدراك قيمة ذلك". وقد مهد تنظيم القاعدة الذي أسسه أسامة بن لادن لفك الارتباط عبر تداول ذلك عبر الانترنت.

ويأتي إعلان الجولاني بعد ساعات على تسجيل صوتي نشره تنظيم القاعدة، توجه فيه أحمد حسن أبو الخير، "نائب" زعيم القاعدة أيمن الظواهري وفق التسجيل إلى جبهة النصرة قائلاً: "نوجه قيادة جبهة النصرة إلى المضي قدماً بما يحفظ مصلحة الإسلام والمسلمين ويحمي جهاد أهل الشام ونحثهم على اتخاذ الخطوات المناسبة تجاه هذا الأمر".

وقد جاء فك جبهة النصرة ارتباطها مع تنظيم القاعدة، بعد اتفاق روسي أميركي تم التوصل إليه قبل أسبوع لتنسيق الجهود العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة في سوريا.

علماً أن الولايات المتحدة تصنف جبهة النصرة منظمة "إرهابية" وقد استهدفتها الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي في سوريا مرات عدة وإن بوتيرة أقل بكثير من تنظيم الدولة الاسلامية.

ومنذ أيلول/سبتمبر 2015، شكلت الجبهة هدفاً للطائرات الروسية التي تنفذ حملة جوية كثيفة دعماً لقوات النظام السوري، تقول إنها تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات "إرهابية" اخرى.

وكان لستر قد كتب في تغريدة قبل أيام أن الهدف من فك ارتباط النصرة هو حماية نفسها من حملة روسية أميركية تستهدفها وضمان "مستقبلها في سوريا على المدى البعيد".

* تحالف مع فصائل إسلامية

وجبهة النصرة أكبر مجموعة إسلامية مقاتلة في سوريا بعد تنظيم الدولة الإسلامية. برزت في كانون الثاني/يناير 2012، أي بعد عشرة أشهر على بدء حركة احتجاجات سلمية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما لبثت أن تحولت إلى نزاع دام بعد تصاعد حدة قمع النظام. وفي نيسان/أبريل 2013، رفضت جبهة النصرة الاندماج مع تنظيم الدولة الإسلامية وبايعت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الذي أعلن في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته أن النصرة هي الممثل الوحيد لتنظيم القاعدة في سوريا.

وإلى جانب "قاعدة الجهاد في جزيرة العرب" وتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، كانت جبهة النصرة أحد أبرز فروع تنظيم القاعدة الذي تراجع نفوذه في السنوات الأخيرة مع بروز تنظيم الدولة الإسلامية الذي بات يمثل التهديد الأخطر في العالم.

وتختلف النصرة عن تنظيم الدولة الإسلامية في أنها تحالفت مع فصائل إسلامية ومسلحة تقاتل النظام السوري وتمكنت من ترسيخ تواجدها في مناطق سيطرتها.

أما تنظيم الدولة الإسلامية فيقاتل كل من يرفض مبايعته.

تحالفت النصرة مع فصائل مسلحة في محافظة حلب في الشمال وفي إدلب في شمال غرب سوريا تحت اسم "جيش الفتح". ولا تسيطر جبهة النصرة على أي منطقة بمفردها لكنها تهيمن على إدلب. وتضم جبهة النصرة مقاتلين أجانب وسوريين التحقوا بها نظراً لقدراتها التمويلية وقوتها التنظيمية.