"تجمع المحامين السوريين الأحرار" يكافح لحفظ ملكيات السوريين في بلدهم

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 20.06.2018 00:00
آخر تحديث في 20.06.2018 15:30
الدمار في ضواحي دمشق رويترز الدمار في ضواحي دمشق (رويترز)

تسببت الأزمة السورية منذ اندلاعها عام 2011 بتشريد وتهجير أكثر من نصف السوريين داخل البلاد وخارجها أي حوالي 11 مليون نسمة. ومعلوم أن الكثير من النازحين واللاجئين لم يتمكنوا من إحضار أوراقهم الثبوتية وحتى جوازات سفرهم أو هوياتهم أو أي فواتير قديمة أو مستندات تثبت ملكيتهم في بلدهم الأم، الأمر الذي يعرضهم لخطر خسارة تلك الملكيات في ظل القانون رقم 10 الذي أصدره نظام دمشق.

وفي هذا الإطار، تعمل منظمة "تجمع المحامين السوريين الأحرار" منذ تشرين الأول/أكتوبر 2013، على حفظ نسخ من وثائق رسمية من مناطق سيطرة الفصائل المعارضة خشية تعرضها للحرق أو التلف أو التلاعب بها.

ويعتمد التجمع على ناشطين يصورون المستندات الموجودة في الدوائر العقارية ويحملونها على حواسب نقالة، قبل أن يتم نسخها على أقراص التخزين الصلبة، تمهيداً لنقلها إلى تركيا. وجرت العملية الأخيرة في مناطق سيطرة المعارضة في ريف حمص الشمالي الشهر الماضي قبل سيطرة قوات النظام في أيار/مايو 2018.

ويقول رئيس المنظمة المؤلفة من محامين متطوعين غزوان قرنفل المقيم في تركيا منذ العام 2012: "كانت تلك العملية الأكثر تعقيداً التي نقوم بها". ويوضح "الآن لدينا ثمانية تيرابايت من الوثائق، حوالي مليون وسبعة مئة ألف وثيقة هي عبارة عن سجلات قضائية وحصر إرث وثبوت ولادة وزواج ووفاة".

وبين تلك الوثائق حوالي 450 ألف مستند ملكية من شمال ووسط سوريا مثل سجلات عقود الملكية والسندات وغيرها من الوثائق التي تتيح للنازح السوري إثبات ملكيته لعقار معين.

وتحظى هذه الوثائق حالياً بأهمية كبيرة بعد صدور القانون رقم 10 الذي يتيح لحكومة النظام السوري إقامة مشاريع عمرانية جديدة ومصادرة أملاك المواطنين في حال لم يتقدموا بإثبات ملكياتهم خلال مهلة حددت بشهر واحد أولاً ثم جرى تعديلها لمدة عام بعد جدل كبير أثاره القانون.

ويقول قرنفل "هذا العمل يحمي في الوقت ذاته السجلات من الأعمال القتالية التي تهددها ومن محاولات النظام عبر القوانين الجديدة العبث بملكيات الناس" ويضيف "بكل تأكيد، تمثل هذه الوثائق الامل بالعودة".

سباق مع الوقت:

وبدأ "تجمع المحامين السوريين الأحرار" عمله في هذا المجال بعد حريق كبير طال إحدى الدوائر الرسمية في مدينة حمص عام 2013. واتهم ناشطون حينها قوات النظام بافتعال الحادثة بهدف التخلص من الوثائق التي تثبت حق الأهالي في أراضيهم وبيوتهم.

وكانت حمص، ثالث أكبر المدن السورية، تعد بمثابة "عاصمة الثورة". وتمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليها في ايار/مايو 2014 بعد عامين من الحصار الخانق والقصف.


وتفادياً لخسارة الوثائق او اتهامهم بالتلاعب بها، لجأ 15 محامياً من أعضاء المنظمة إلى خيار بديل وهي تصويرها ونقلها الكترونياً.

وبمساعدة منظمة "اليوم التالي"، إحدى منظمات المجتمع المدني المعارضة للنظام، سافر هؤلاء إلى تركيا للمشاركة في دورة تدريبية حول كيفية التعامل مع الوثائق الرسمية، وتصويرها وحفظها في الأرشيف. وبعد عودتهم إلى سوريا، بدؤوا العمل في دوائر سجلات مهجورة في مناطق سيطرة المعارضة في شمال سوريا وبينها مدن حارم وأعزاز وسراقب.

ويقول عضو التجمع المحامي سامر، أحد المحامين الناشطين في الرابطة، "كنا ننشئ ما يشبه الاستوديو الصغير في غرفة يدخلها الضوء كثيراً". حيث تقتصر المعدات على كاميرات رقمية وحاسوبين وأجهزة إضاءة "فلاش" وحاملات كاميرات.


ويوضح سامر "كل سجل عبارة عن مئتي صفحة، وكلما ننتهي من سجل نسلّم بطاقة التخزين في الكاميرا لأحد أعضاء الفريق ليحمّلها على الحاسوب". ولا يعني ذلك انتهاء العمل، بل يضع هؤلاء بطاقة تخزين جديدة في الكاميرا ويواصلون عملهم.

وفي كل شهر، يحمِّل المحامون كافة السجلات المخزنة في الحواسيب على أقراص تخزين صلبة يرسلونها لاحقاً إلى قرنفل في تركيا.

ولم يكن العمل المرهق التحدي الوحيد أمام هؤلاء المحامين، بل كان عليهم حماية معداتهم وأنفسهم من غارات جوية أوقعت في إحدى المرات إصابات بينهم. كما كان يجدر بهم إنهاء العمل قبل أن يطال القصف دوائر السجلات. ويقول سامر "حين نصل إلى الصفحة الأخير، كنا نشعر بالسرور أننا انتهينا أخيرا. ومهما يحصل الآن وفي حال تعرضنا للقصف، فإن أقراص التخزين باتت بين أيدينا".

فرصة للعودة:

عمرو شنّان من منظمة "اليوم التالي"، يتوقع أن "يسعى الكثير من الأشخاص للحصول على نسخ من الوثائق". لإثبات ملكيته لعقاره أو أرضه في سوريا.

والوثائق محفوظة الآن على قرصي تخزين حتى الآن، واحد في تركيا وآخر في دولة أوروبية مجهولة.

ويقول شنّان "إذا كان اللاجئون سيعودون يوماً ما، فمن المهم جداً أن يجدوا منزلاً وأرضاً يعودون إليهما".