الجزائر.. غموض حول أسباب إقالة عدد من كبار المسؤولين في الأمن والجيش

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 09.07.2018 00:00
آخر تحديث في 09.07.2018 12:23
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من الأرشيف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (من الأرشيف)

أصدر الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، خلال الأيام القليلة الماضية، أوامر بإقالة عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين رفيعي المتسوى، مما أثار موجة من التساؤلات والإشاعات حول ما يجري حقيقة في الجزائر.

وقد تسربت معلومات عبر الإعلام، عن إقالة قيادات أمنية وعسكرية وآخرين، دون معرفة الأسباب إذ تتضارب المعلومات حول خلفيات هذه القرارات وعلاقتها بقضية ضبط كمية ضخمة من مخدر الكوكايين في أحد موانئ غربي البلاد، وكذا اقتراب الانتخابات الرئاسية، العام المقبل.

فقد أنهى بوتفليقة في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، مهام المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل.

وجاء القرار مفاجئا بعد ثماني سنوات قضاها هامل في منصبه، يقود قوة أمنية من 200 ألف عنصر، وكان يوصف بأنه أحد من يثق بهم الرئيس.

كما أعلنت وزارة الدفاع، الأربعاء الماضي، أن بوتفليقة أقال قائد الدرك الوطني، اللواء مناد نوبة منهيا بذلك مسيرة ثلاث سنوات عاشها "نوبة" على رأس هذه القوة الرديفة للجيش، والتي تعوض الشرطة في تأمين المناطق البعيدة عن المدن.

فيما ذكرت صحيفة "النهار"، القريبة من الرئاسة، الخميس الماضي، أن قرارات الإقالة شملت أيضا مدير الموظفين بوزارة الدفاع، اللواء مقداد بن زيان. كما شملت مدير المالية في الوزارة الدفاع، بوجمعة بودواور، ومدير الأمن بالعاصمة الجزائر، نور الدين برّاشدي، وفق الصحيفة.

ملفات فساد:

وفي حين لم تقدم الجهات الرسمية أسبابا لهذه الإقالات المتتالية؛ لكن تزامنها مع ضبط كمية ضخمة من الكوكايين، جعل تأويلات وشائعات تجتاح الشارع ووسائل الإعلام حول العلاقة بين الحدثين.

فقد أعلنت وزارة الدفاع، في 30 مايو/ أيار الماضي، ضبط 701 كيلوغرام من الكوكايين، على متن باخرة قادمة من أمريكا اللاتينية. وقالت وسائل إعلام محلية إن مصدر الشحنة هي البرازيل.

وضبطت السلطات الجزائرية صاحب الشحنة، وهو تاجر لحوم من العاصمة الجزائر، يدعى كمال شيخي، كما ضبطت آخرين، بينهم شقيقه وطاقم الباخرة.

وقال وزير العدل الجزائري، الطيب لوح، إن التحقيقات قادت إلى "ملفات فساد أخرى لمسؤولين تلقوا مزايا من المتهم شيخي من خلال نشاطه في العقارات".

الانتخابات الرئاسية:

تعج شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر بشائعات وتسريبات غير مؤكدة حول توقيف والتحقيق مع مسؤولين رفيعي المستوى في القضية.

ومن بين من تشملهم هذه الأنباء: عبد القادر زوخ، محافظ ولاية الجزائر العاصمة، التي تقع بها أهم نشاطات المتهم الرئيس في قضية الكوكايين.

ونفى زوخ، قبل أسبوع، أن يكون قد خضع للتحقيق في هذه القضية. وعلق في تقارير إعلامية حول التحقيق معه قائلا: "حسبي الله ونعم الوكيل".

حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" المعارض رأى، في بيان، أن "الرأي العام لا يرى في هذا المسلسل الجديد سوى تصفية حسابات في هرم السلطة".

وقال إن الهدف هو "تسليم البلد إلى هذه الجماعة أو تلك، عشية أهم موعد انتخابي دستوري ستشهده البلاد"، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة، المرجحة في أبريل/ نيسان أو مايو/ أيار 2019.

ودخلت ولاية بوتفليقة (81 عاما) الرابعة عامها الأخير حيث تتوالى، منذ أشهر، دعوات من أحزاب الموالاة لبوتفليقة من أجل الترشح رئاسية لولاية خامسة، لكنه يلتزم الصمت إزاءها.

وبالمقابل يدعو معارضون بوتفليقة إلى عدم الترشح بسبب وضعه الصحي الصعب.

ثلاثة تفسيرات:

وفق أكرم خريف، الصحفي الخبير في الشؤون العسكرية بالجزائر، فإن الإقالات بحق قيادات أمنية وعسكرية يمكن تفسيرها من ثلاثة جوانب.

وأضاف خريف، في حديث للأناضول، أن "الجانب الأول هو عزل المتورطين، لا أقول في قضية الكوكايين، بل في شبكة أعمال كمال شيخي".

وتابع أن الجانب الثاني هو "عادي، حيث تقع تغييرات في الجيش والأمن، بمناسبة ذكرى الاستقلال في الخامس من يوليو/ تموز، كما جرت التقاليد".

أما التفسير الثالث، وفق خريف، فهو "سياسي". وأوضح أنها "ربما تكون معركة نفوذ داخل النظام، مع التخلص من الأمنيين المسيسين الذين يمكن أن يكون لهم دور في مرحلة ما بعد بوتفليقة (إن غادر السلطة)".

وختم بقوله إنها "أيضا فرصة لرئيس الأركان، الفريق قايد صالح، لفك الخناق داخل المؤسسة العسكرية، والإبقاء فقط على المؤيدين لخطه وتعزبز مكانه داخل السلطة الحاكمة".

بينما ترى "حركة مجتمع السلم" (أكبر حزب إسلامي في الجزائر) أن حملات الإقالة تعكس "التنافس السياسي على السلطة خارج الأطر الديمقراطية بشكل ولد صراعات عقيمة ومدمرة للبلد ومقدراته وسيادته ويجعل مؤسسات الدولة رهينة في يد العصب المتصارعة".