اجتمع رؤساء تركيا وروسيا وإيران، في العاصمة الإيرانية طهران، الأسبوع الماضي لمناقشة الأوضاع في محافظة إدلب وبحث احتمال شن عملية عسكرية ضد قوى المعارضة فيها وبالتالي تجنب حدوث كارثة إنسانية.
ورغم انخفاض سقف التطلعات تجاه نتائج تلك القمة، لكن نتائج تلك المباحثات حول مصير العملية العسكرية الروسية الإيرانية في إدلب لم تكن لتخفى على أحد.
ويمكن القول إن البيان الختامي الذي صدر عن القمة تمت صياغته بلغة دبلوماسية "مدورة"، مما ترك الباب مواربا أمام جميع التأويلات، حتى لا تكاد تجد قراءتين متشابهتين لهذا البيان.
البيان الختامي نص على إعراب الزعماء "عن ارتياحهم لإنجازات عملية أستانا، والتقدم الذي أحرزته في الحد من العنف في جميع أنحاء سوريا"، وأكد استمرار التعاون بين الدول الثلاث، بهدف "القضاء التام على المنظمات الإرهابية"، مع التأكيد على ضرورة فصل هذه المنظمات عن فصائل المعارضة المسلحة، والرفض التام لمحاولة إيجاد ذرائع جديدة في إدلب بحجة محاربة الإرهاب، إضافة إلى تهيئة الظروف لضمان عودة اللاجئين والمهجرين إلى مناطقهم.
* قمة طهران بعيون أنقرة:
أولت أنقرة أهمية قصوى لهذه القمة، وقد تجلى ذلك من خلال الوفد المرافق للرئيس أردوغان.
رؤية أنقرة للقمة لخصها الرئيس أردوغان في سلسلة تغريدات نشرها باللغات التركية والعربية والإنجليزية والفارسية، قائلا : "نحن كدولة تركية، ومنذ البداية، ناضلنا من أجل وقف إراقة الدماء في سوريا. وقمنا بحماية إخواننا السوريين دون أي تمييز، واليوم أيضا، كما في السابق، لا نريد أن يصاب أحد من إخواننا السوريين".
وأضاف: "إن الأهمية التي نوليها للقمة الثلاثية التركية الروسية الإيرانية تعود إلى اهتمام تركيا بمستقل أشقائنا وشقيقاتنا السوريين".
وتابع: "صرحنا في قمة طهران وبكل وضوح بأن الأساليب التي تتجاهل سلامة أرواح المدنيين السوريين لن تكون لها أي فائدة سوى خدمة مصالح الإرهابيين".
وأردف متعهدا: "في حالة تجاهل قتل عشرات الآلاف من الأبرياء من أجل مصالح النظام، لن نكون شركاء و متفرجين في هكذا لعبة".
وتنطلق الرؤية التركية من المحاور الرئيسية التالية:
فالحل من وجهة نظر أنقرة، يقضي بوقف إطلاق النار ومنح مزيد من الوقت للجهود التي تبذلها في عملية تفكيك التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام وبقية التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب، بحسب قرارات مجلس الأمن الدولي.
وقف إطلاق النار في إدلب، سوف يبعث الثقة والطمأنينة بين المدنيين، ما يسهل عودة النازحين إلى بيوتهم. وقد لوحظ ذلك جليا في الأيام الأخيرة، التي سبقت هجمات الروس والنظام على إدلب وريف حماة، حيث بقي خمسون ألف لاجئ في بيوتهم، ولم يرجعوا إلى تركيا عقب انتهاء عطلة عيد الأضحى.
تركيا باقية في سوريا حتى ضمان الوحدة السياسية والجغرافية والاجتماعية لهذا البلد.
* موقف إيران ؟
على غير المتوقع، فقد اتسم الخطاب الإيراني في القمة بالليونة والدبلوماسية. حيث شدد الرئيس الايراني على ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات الحرب.
صحيح أن الرئيس الإيراني قال إنه "لا بد من اجتثاث الفلول الإرهابية في إدلب، وأنه على جميع الإرهابيين إلقاء السلاح ووقف عملياتهم، لكنه لم يبد اعتراضا على مطالبة تركيا بإعلان الهدنة، كما فعل بوتين.
ثمة ما يوحي أن الطرف الإيراني ربما لجأ لتكتيك تبادل الأدوار مع الروس، فلعب دور الحمائم تاركاً دور الصقور للروس.
* قمة طهران فرصة موسكو لإعلان المعلوم:
في خطابه الهجومي، حرص الرئيس الروسي بوتين على الظهور بمظهر من يمسك بجميع خيوط المسألة السورية. فهو بطل الحرب وبطل السلام، وهو من يقرر وقت المعركة وشروط التسوية.
وعليه يمكن تلخيص الرؤية الروسية بالتالي:
* هل أزفت ساعة الصفر في إدلب؟
كان هذا عنوان مقال في صحيفة "سفوبودنايا بريسا" الروسية، يشير إلى نية موسكو المبيتة في اقتحام إدلب، وأن العائق الوحيد أمامهم هو رد فعل واشنطن.
واضح المقال أن موسكو ماضية قدما في طريق الحسم العسكري في إدلب، رغم التحذيرات التركية، وأن قمة طهران كانت فرصة لإعلان المعلوم. ومثل ارتفاع وتيرة القصف الجوي الروسي على إدلب ومحيطها في الأيام القليلة الماضية خير دليل على ذلك.
