ماذا بعد عودة مقاتلي لواء فاطميون إلى أفغانستان؟

وكالة اسوشيتد برس
إسطنبول
نشر في 31.03.2019 00:00
آخر تحديث في 31.03.2019 18:06
شبان عائدون من إيران إلى أفغانستان عبر الحدود البرية AP شبان عائدون من إيران إلى أفغانستان عبر الحدود البرية (AP)

استقدمت إيران الآلاف من المقاتلين الشيعة من أفغانسان وباكستان والعراق علاوة على تدخل حزب الله لإنقاذ نظام الأسد من الانتفاضة ضد حكمه، وأنشأت لذلك شبكة من الميليشيات المكونة من الشيعة من جميع أنحاء تلك البلدان.

والآن مع انتهاء الحرب التي استمرت 8 سنوات في سوريا، فإن السؤال هو ما الذي ستفعله طهران مع تلك القوات المدربة تدريباً جيداً والمسلحة بشكل جيد.

انضم الفقير مهدي إلى موجة الأفغان الذين غادروا وطنهم وهم يحلمون بالوصول إلى أوروبا بحثًا عن فرص عمل.. لكن النهاية كانت مختلفة تماما إذ انتهى به المطاف في ساحات القتال في الحرب الأهلية بسوريا، ضمن ميليشيا شكلتها إيران.

مهدي واحد من عشرات الآلاف من الأفغان الذين جندتهم إيران ودربتهم للقتال لدعم حليفها بشار الأسد.

وفي سوريا، تم إلقاؤه في واحدة من أكثر المعارك دموية في معارك ضد قوات المعارضة.

عاد مهدي وغيره من المقاتلين الذين استأجرتهم إيران من المجتمعات الشيعية الفقيرة في أفغانستان إلى ديارهم، وهناك قوبلوا بالريبة؛ إذ يعتقد مسؤولو الأمن الأفغان أن إيران لا تزال تنظمهم، ولكن هذه المرة كجيش سري لنشر نفوذ طهران وسط النزاعات التي لا تنتهي في أفغانستان.

قال مهدي، البالغ من العمر 21 عاماً والعائد إلى مدينة هيرات مسقط رأسه "نحن هنا في أفغانستان خائفون.. يقولون إننا جميعاً إرهابيون". وقد تحدث شريطة التكتم على هويته خوفا من الانتقام، مرعوبا.

التقى مهدي مراسل الأسوشيتد في سيارة متوقفة في منطقة نائية، معظمها شيعية، وحتى هناك غطى وجهه بوشاح، وهو يلقي نظرة مريبة على كل سيارة تمر.

المقاتلون العائدون يواجهون تهديدا من جوانب متعددة. فهم يواجهون الاعتقال من الأجهزة الأمنية التي تراهم خونة. ويواجهون أعمال عنف من فرع تنظيم داعش في أفغانستان.

وأرسلت إيران لدعم الأسد، المئات من قوات الحرس الثوري إلى سوريا وجلبت عددًا من الميليشيات المتحالفة معها، لعل أكثرها شهرة وقوة كان حزب الله اللبناني.

لكن القوة الأكبر كانت مؤلفة من الأفغان، والمعروفة باسم لواء الفاطميون، والذي قدر الخبراء أن تعداده يصل إلى 15000 مقاتل في كل مرة أو مواجهة.

على مر السنين، تدرب عشرات الآلاف من الأفغان وقاتلوا في هذا اللواء، ومعظمهم من أقلية الهزارة، وهم من بين أفقر فئات الشعب الأفغاني.

عاد نحو 10 آلاف من لواء "فاطميون" إلى أفغانستان، حسبما أفاد مسؤول كبير في وزارة الداخلية الأفغانية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.

تعتقد الحكومة الأفغانية والعديد من الخبراء أن بإمكان إيران حشد هؤلاء المقاتلين السابقين مرة أخرى، خاصة إذا انقلبت الفصائل المسلحة العديدة في البلاد على بعضها البعض في حرب متصاعدة بعد انسحاب قوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو).

يمكن لإيران أن تستغل الفوضى لنشر اللواء، بذريعة أن الأقلية الشيعية الضعيفة تحتاج إلى مدافع.

في هذا السياق، قال بيل روجيو رئيس تحرير مجلة لونغ وار جورنال، وهو موقع مخصص لتغطية الحرب الأمريكية على الإرهاب: "توقع من الإيرانيين إعادة تشكيل ميليشياتهم داخل أفغانستان في مرحلة ما.. إيران لا تتجاهل الأصول التي تستثمر فيها الوقت والكنوز والخبرات".

مثل معظم الذين انضموا إلى لواء الفاطميون، كان مهدي مدفوعا بالفقر، وليس الإيديولوجية أو الولاء لإيران.

مهدي الذي كان فقيرا لدرجة أنه لا يستطيع تحمل شراء الكتب الدراسية، كان يبلغ من العمر سبعة عشر عاما عندما غادر أفغانستان عام 2015.

ذهب إلى إيران وعمل في طهران لعدة أشهر، لتوفير المال استعدادا للمرحلة التالية من الرحلة وهي السفر إلى أوروبا.

لكن حدود أوروبا أغلقت، وتقطعت بمهدي السبل في طهران. فاقترح عليه صديق أفغاني الانضمام إلى المقاتلين الأجانب في سوريا كمقاتل لحساب إيران، ويمكنهما كسب ما يعادل 900 دولار شهريا.

في ذلك الوقت كان مهدي يكسب 150 دولارًا في الشهر، ما دفعه للقول "لقد فكرت في الأمر وجعلت قلبي قويًا مثل النهر الهائج.. قررت الذهاب للعيش أو للموت ".

تلقى هو وأفغان آخرون تدريبات لمدة 27 يومًا على يد الحرس الثوري في قاعدة بمحافظة يزد جنوبي إيران.

بعد ذلك، تم نقل مهدي إلى دمشق مع نحو 1600 من المجندين الجدد الآخرين.

وفي دمشق، فتح المجندون حسابات بنكية تُودع فيها رواتبهم.. ذهبوا إلى مرقد السيدة زينب، وهو موقع خارج دمشق يحظى بالتبجيل من قبل الشيعة، للتبرك به قبل المعركة.

وفي اليوم التالي، تم نقلهم بالحافلة إلى مدينة حلب الشمالية وتم إرسالهم على الفور إلى الجبهة.

تم إلقاء مهدي في واحدة من أعنف معارك الحرب- حملة 2016 ضد فصائل المعارضة للسيطرة على بلدة خان طومان والقرى المجاورة على حافة حلب.

أظهرت هذه المعركة الطبيعة الدولية للحرب؛ كان من بين مقاتلي المعارضة، سوريون وعراقيون وشيشان وتركمان وأوزبك وغيرهم من الأجانب. على الجانب الآخر، كانت قوات النظام السوري والإيراني، ومقاتلو حزب الله اللبناني الشيعي، والشيعة العراقيون والأفغان- مدعومين بالطائرات الحربية الروسية.

قاتلوا هناك لعدة أشهر، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات من الجانبين. يقول مهدي "في كثير من الأحيان في الصباح كنت أرى سبعة أو ثمانية جثث". وقال في معركة واحدة، تم إرسال 800 أفغاني إلى خط المواجهة وجميعهم إما قتلوا أو أصيبوا ما عدا 200.

عاد مهدي إلى أفغانستان قبل عام، لكنه لا يزال فقيرا، وغير قادر على العثور على وظيفة.

تحدث مهدي بمرارة عن افتقاره للخيارات. وأشار إلى أن لواء الفاطميون ما زال في سوريا، وأن بعض المقاتلين الأفغان بقوا هناك بعد خدمتهم من أجل العمل.

وقال "لا أعرف ما الذي يحمله المستقبل بالنسبة لي.. ربما أكون سارقا أو ربما أعود إلى سوريا".