"الدوخا".. شعب تركي في أقاصي منغوليا

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 16.04.2019 13:37
الأناضول (الأناضول)

يعيش أتراك "الدوخا" في المناطق النائية الواسعة على الحدود الجنوبية لسيبيريا، شمال منغوليا، وهم أقلية عرقية لا يتجاوز عدد أفرادها 800 شخص. كانوا حتى وقت قريب، يعيشون حياة شبه معزولة.

والوصول إلى أراضيهم أمر شاق وعسير، ويتطلب رحلة طويلة عبر وسائل نقل عديدة من الطائرات، والسيارات الجبلية، والأحصنة وأخيرا المشي على الأقدام.

وينتشر أتراك "الدوخا" في منطقة تساغانور، وسط غابات "التايغا"، والتي تعد من أبرد المناطق في منغوليا، بالقرب من الحدود الروسية، حيث تصل درجات الحرارة فيها شتاء إلى 50 درجة تحت الصفر.

وتعتبر الحياة الصعبة والترحال الشاق جزءا طبيعيا من حياة أتراك "الدوخا"، ليكونوا بذلك من القبائل التي تحافظ على اللغة والثقافة التركيتين في منغوليا، إلى جانب قبائل "توفا" و"هوتون".

وفي حياتهم، يعتمد أتراك "الدوخا" بشكل أساسي على تربية غزلان "الرنة" (نوع من الأيليات)، ولذلك يُطلق عليهم "تساتان"، وتعني بالمنغولية "رعاة الأيل".

ولزيارة أماكن انتشار قبيلة الدوخا، الواقعة على بعد 8 آلاف كم من تركيا، ينبغي التوجّه أولا إلى منطقة تساغانور شمالي بحيرة "هوفس"، وهي من أكبر بحيرات القارة الآسيوية، ولذلك يجب التوجه بالطائرة من العاصمة أولان باتور، إلى مدينة مورون، ومن ثم الانتقال برا إلى تساغانور.

وفي الطريق إلى تساغانور، ينبغي سلوك طريق إسفلتي لمدة ساعة، يفسح المجال لمشاهدة قطعان من الخيول البرية، والخرفان، والماعز.

وبانتهاء الطريق الإسفلتي، يتم في حال كانت الرحلة شتاء، العبور من سطح بحيرة "هوفس" المتجمدة، والتي يصل طولها الى نحو 160 كم.

رحلة فوق البحيرة المتجمدة:

تتراوح درجة الحرارة في المنطقة بشكل عام بين 20 و40 درجة تحت الصفر، خلال فصل الشتاء، ما يؤدي إلى تجمد سطح بحيرة "هوفس".

ويمكن للسيارات المشي فوق طبقة الجليد المتشكلة على سطح البحيرة لمدة ساعتين، وبهذا يمكن اختصار عدة ساعات من الزمن، عما هو الحال لدى الالتفاف حول البحيرة خلال فصل الصيف.
وتعتبر الرحلة فوق طبقة الجليد ممتعة ومروعة في الوقت ذاته، حيث يُنصح خلالها بقيادة السائقين ذوي الخبرة الكبيرة، وعدم ربط حزام الأمان، تحسبا لاحتمال تكسر الجليد وغرق السيارة.

وبعد قطع الطريق في سطح البحيرة، يبدأ القسم الأصعب من الرحلة، إذ يبدأ الطريق الترابي وسط الغابات والجليد، ويجري خلالها اتباع آثار عجلات السيارات السابقة، وذلك بسرعات متدنية جدا تبلغ نحو 12 كم في الساعة فقط.

وتتراوح مدة الطريق إلى أتراك الدوخا ما بين 8 إلى 12 ساعة، وتعتبر سيارات الدفع الرباعي ونوع من الحافلات روسية الصنع، من أكثر وسائل النقل المستخدمة في المنطقة.

وتقع منطقة تساغانو في ولاية هوفس، على ضفاف بحيرة "أك"، ويبلغ تعداد سكانها حوالي ألفي شخص يشكل المغول الأكثرية فيهم، في حين يبلغ تعداد أتراك الدوخا فيها 263 عائلة، تضم حوالي 700 شخصا، بينما تتوزع نحو 60 عائلة في المناطق الشمالية في غابات تايغا.

ويقيم أتراك الدوخا في منازل مصنوعة من جذوع الأشجار، في الشتاء، بينما يسكنون الخيام صيفا، وتعتبر المدفأة أداتهم الوحيدة للتدفئة شتاء.

الرنة و أتراك الدوخا:
تعتبر حيوانات الرنة مصدر حياة رئيسي بالنسبة لأتراك الدوخا، فهم يعتمدون عليها في تأمين كل احتياجاتهم المعيشية الأساسية مثل اللحوم، والحليب، والصوف، والقرون.

وفي الوقت ذاته، يستخدمون الرنة في نقل البضائع والتنقل، خلال أيام الشتاء الباردة فقط، لأنها تفقد طاقتها ونشاطها مع ارتفاع درجات الحرارة، فيستخدمون الخيول حينها في التنقل.

ويعمل أتراك الدوخا على زيادة أعداد حيوانات الرنة، فتبلغ أعدادها حوالي ألف و600 غزالا، ومن المرتقب أن يصل عددها إلى ألفين في الصيف القادم مع قدوم المواليد الجدد.

لغة وثقافة في خطر:

بعدما كانوا يعيشون حياة شبه معزولة عن العالم الخارجي حتى وقت قريب، نال أتراك الدوخا نصيبهم من التطور التكنولوجي الحاصل في السنوات الأخيرة، فباتوا يستخدمون ألواح الطاقة الشمسية، واللاقط الهوائي، وأجهزة التلفاز، والهواتف.

كما يسافر الطلبة من أتراك الدوخا إلى المدن القريبة للتعلم في المدارس الداخلية بالمرحلتين الإبتدائية والإعدادية.

في حين يغادرون إلى المدن الأكبر والأبعد، لاستكمال المرحلة الثانوية، لكنهم في الوقت ذاته يتعرضون لخطر نسيان لغتهم الأصلية أو عدم تعلمها لكون اللغة المنغولية هي اللغة الرسمية للتعليم في المدارس.

كما يؤدي سفر الطلاب إلى المدن الأخرى الى تأثرهم بالثقافات الثانية وابتعادهم عن ثقافتهم الأصلية، حيث يتقن المسنون من أتراك الدوخا اللغة المنغولية إلى جانب لغتهم الأم، في حين يتحدث قسم كبير من الشباب اللغة المنغولية فقط.

وفي لغة أتراك الدوخا شبه كبير مع اللغة التركية المستخدمة في تركيا أو منطقة آسيا الوسطى، إذ تحتوي على الكثير من الكلمات المشتركة.

ويدين أتراك الدوخا بالشامانية، ويمارسون طقوسا خاصة لدى مرضهم يعتقدون بأنها تساهم في طرد الأرواح الشريرة.

من هم أتراك الدوخا؟

حسب دراسة أجراها الأكاديمي بولنت غول، من جامعة أنقرة، عام 2012، اعتمادا على مصادر صينية، وجد أن الدوخا ينتمون إلى أتراك "توفا".