كبير أئمة جامع آيا صوفيا: لم نكن نحلم بالصلاة في هذا المكان

وكالة الأناضول للأنباء
إسطنبول
نشر في 30.07.2020 12:53
آخر تحديث في 30.07.2020 13:13
كبير أئمة جامع آيا صوفيا: لم نكن نحلم بالصلاة في هذا المكان

قال كبير أئمة جامع آيا صوفيا الكبير، البروفسور محمد بوينو قالن، إن الله استجاب لدعاء ملايين الأتراك والمسلمين الذين كانوا يحلمون بعودة آيا صوفيا إلى سابق عهده والصلاة فيه مجدداً.

وفي حوار معه، عقب توليه مهامه، أوضح بوينو قالن "عندما كنت صغيرا في سبعينيات القرن الماضي كنا نصلي خارج آيا صوفيا، ومئات الآلاف كانوا كذلك، وكنا ندعو الله ونهتف بأن يُفتح آيا صوفيا مجدداً وتُكسر قيوده، فاستجاب الله لدعاء ملايين الأتراك والمسلمين الحالمين بذلك".

وأضاف البروفسور وهو أيضا رئيس قسم القانون الإسلامي بكلية الشريعة بجامعة مرمرة التركية، "نحن سعداء بإعادة افتتاح آيا صوفيا للصلاة ولم نكن نحلم بأن نشهد ذلك، ولكن الله يسر الأمور ووفقنا لها، فالنية كانت حسنة، ويوفق الله أهلها لما يحبه ويرضاه".

وفي رده على سؤال حول إن كان حلم بيوم من الأيام بحضور تلك اللحظة أو تولي هذه المسؤولية الكبيرة، أجاب بوينو قالن "كنا نحلم بذلك كحلم بعيد المنال، ولم نكن نتوقع أن تكون إعادة افتتاح المسجد قريبة، والحمد لله الله يسر الأمور".

وفي 24 يوليو/ تموز الجاري، أقيمت أول صلاة جمعة في "آيا صوفيا" بعد أن ألغت المحكمة الإدارية العليا التركية في 10 من الشهر ذاته، قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1934، بتحويله من مسجد إلى متحف.

** عبادة وعلم

وحول مرحلة إسناد المهمة الكبيرة له ككبير أئمة آيا صوفيا ومشاعره حيال ذلك، قال البروفسور "شعرت بسعادة غامرة عندما كلفت بهذه المهمة عن طريق رئيس الشؤون الدينية علي أرباش.. وهذه وظيفة مشرفة جداً ونحمد الله الذي وفقني لها وأشكر المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي قبل التكليف وشرفوني بهذه المهمة".

وزاد "اتصل بي رئيس الشؤون الدينية وأخبرني بأنهم فكروا بتعيين أستاذ جامعي يعرف اللغتين العربية والإنكليزية وله مقدرة على التواصل، ومعرفة بالعلوم الشرعية والقراءات وحسن التلاوة، ووقع الاختيار علي للقيام بهذه المهمة".

كما أفاد بوينو قالن أن رئيس الشؤون الدينية أوضح له أنه في عهد الدولة العثمانية كانت هناك مدرسة ضمن المسجد، وكان المدرسون الكبار يخطبون فيه، فلذلك وضعوا مقاييس الجمع بين أهل العلم والوظيفة لهذا المنصب.

وأضاف البروفسور "قبلت مباشرة بهذا المنصب وتشرفت به، وأشعر بنشوة كبيرة هذه الأيام، بسبب سعادة المسلمين في تركيا وخارجها بإعادة افتتاح المسجد".

** مهام كثيرة

وعن بدء مهامهم والتحديات التي تواجههم، قال بوينو قالن، "المهام نتقاسمها كأئمة ومؤذنين وعاملين، والمسجد يحتاج خدمات كبيرة نعمل على القيام بها بالشكل الأمثل، فهو مفتوح 24 ساعة كما أن هناك 500 عنصر أمن يسهرون على حراسة المسجد".

وأردف "كل يوم نسجل ما يمكننا القيام به من مهام لتحسين أدائنا، وبالنسبة لي الوظيفة منصبة أكثر على أداء صلاة الجمعة وخطبتها وأداء الصلوات بأحسن وجه، وكذلك الدروس العلمية التي ستقام في المسجد لنحيي سنة الأجداد الأقدمين، لعل الله يرزقنا القول السديد وينفعنا بالعلم".

واستدرك بالقول "فضلا عن كل المهام السابقة سنعمل على تبليغ وتبيان حقيقة الإسلام لمن يسأل عنها، وسنقوم بتنظيم لقاءات حول هذا الأمر".

وعن مشاعره بأداء صلاة الجمعة الماضية لأول مرة في آيا صوفيا منذ 86 عاماً، قال بوينو قالن "الأتراك كانوا ينتظرون هذا اليوم دون معرفة توقيته، وقد فرح الشعب وأنا منهم فرحا عظيما، وقدر عدد المصلين بقرابة 350 ألف مصل (داخل المسجد ومحيطه)، إلا أن ملايين آخرين لم يستطيعوا القدوم وشاركوا بأدعيتهم من أماكنهم وهذه نعمة كبيرة".

وأضاف "بعد افتتاح المسجد وفي كثير من الأحيان يتزاحم الناس للدخول إليه ولا يتسع لهم المجال فيتم تنظيم دخول ألف شخص تقريبا، وبعد خروجهم يدخل مثلهم وهكذا، وفي صلاة الفجر المسجد يمتلئ بالمصلين وندعو الله أن تبقى المشاعر الإسلامية قوية لدى شعبنا والشعوب الإسلامية الأخرى لنعود لأيام عزنا".

** عزة الإسلام

ووصف كبير أئمة جامع آيا صوفيا حمل رئيس شؤون الديانة السيف خلال خطبة الجمعة الماضية، بأنها سنة نبوية شريفة تظهر عزة الإسلام، ولا تزال مستمرة في جوامع تركية أخرى.

وأوضح أن "حمل السيف في خطبة الجمعة له أصل في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، والعلماء والخطباء يقتدون بسنة النبي، كان الرسول في خطبه يتوكأ على قوس أو عصا أو سيف كما ورد في بعض السنن".

وأضاف البروفسور أن "المفسرين فسروا ذلك بأمرين، أنه اعتماد من النبي عليها ليرتاح أثناء الخطبة، وبعضهم قال إنها من أجل إظهار عزة الإسلام".

** رمز للفتح

بوينو قالن واصل حديثه عن معاني ومدلولات حمل السيف إلى المنبر بالقول "وهو أيضا رمز للفتح الإسلامي لهذه البلاد، وأنها بيد المسلمين وستبقى بأيديهم، ومن يريد الكيد بهم والضرر ببلادهم فإنهم سيقفون بوجهه بقوة، وهذه مدلولات عامة، موجودة في كتب الفقه القديمة".

وزاد "مكتوب في هذه الكتب أنه من المستحب أن يتوكأ الخطيب على قوس أو عصا أو سيف، وورد ذلك في كتب فقهية كثيرة في المذهب الحنفي الذي يتبعه أكثر مسلمي تركيا، وكذلك في المذهب الحنبلي".

كبير الأئمة أوضح أن "العثمانيين طبقوا هذه السنة، وفي كثير من جوامع تركيا، وليس في آيا صوفيا فقط، وهذه العادة مستمرة ومتواصلة إظهارا لعزة الإسلام، وفي آيا صوفيا على وجه الخصوص هي رمز للفتح الذي بشر به النبي، ولها مكانة خاصة، فالسلاطين العثمانيون كانوا يتقلدون سيوفهم إيذانا ببدء حكمهم من هذا المسجد".

** رسالة سلام

البروفسور أشار في كلامه إلى أن المعاني العامة تحمل تفاصيل أخرى، "فالإمساك بالسيف باليد اليمنى تعني الجاهزية للدفع بالعدو إن هاجم، والإمساك به باليد اليسرى دلالة للسلم وأن لا حاجة للحرب، فهذه تقاليد موجودة لدى الشعوب، والإسلام له تقاليد كما في الديانات والأمم الأخرى".

واستشهد على كلامه الأخير بأن "ملكة بريطانيا قلدت ضابطا قبل أيام بوضع السيف على كتفيه، فلم يتكلم العالم شيئا عن هذا، وأيضا كثير من أعلام الدول عليها سيف مثل علم السعودية، فهذه تقاليد ورموز لدى الشعوب ولا يجب تحميل الموضوع دلالات أخرى".