المحاولة الانقلابية والأيادي الأجنبية الخفية

نشر في 27.07.2016 00:00
آخر تحديث في 27.07.2016 16:09

لا شك بأن المحاولة الانقلابية قد هزت تركيا. ولو أنها نجحت، لكانت نتائج وآثار ذلك أسوء بكثير مما هي عليه، وبشكل غير متوقع. فالأمر كفيل بإفشال الاقتصاد والنظام السياسي والنسيج المجتمعي في تركيا.

لهذا السبب، تدفق الشعب إلى الشوارع لحماية نظامهم ودولتهم ومجتمعهم. حتى أن البعض منهم فقد حياته تضحية في سبيل حماية مستقبل الجيل القادم. أتباع غولن، أو ما يعرف باسم الكيان الموازي، كانوا الواقفين خلف المحاولة الانقلابية. إلا أن أكثر المطلعين على طبيعة وحقيقة الكيان الموازي تفاجأوا كثيراً من حجم وضخامة الحدث.

الأكثر غرابة، كان حماس الانقلابيين لقتل أبناء شعبهم. وهو ما يوحي للكثيرين بوجود أيدٍ أجنبية خفية تدير هذا الجنون. مفكرون وسياسيون أيضاً يعتقدون بأنه لا يمكن تفسير هذه المحاولة الخبيثة من خلال الحديث فقط عن زمرة في تركيبة الدولة تسعى للحصول على السلطة. وهنا يظهر السؤال: من الرابح في تركيا والعالم، من نجاح مثل هذا الانقلاب؟

لا شك بأن الكيان الموازي سيسعد بذلك. وندرك أنه لو نجح هذا التنظيم الإجرامي في الحصول على السلطة، فإنه لن يستخدمها لبناء دولة ديمقراطية علمانية. وهو ما يثير الحيرة حول طبيعة السياسات الخارجية التي كان سيتبعها هذا التنظيم.

دولياً، من سينتشي بمشاهدة مقتل رئيسنا، وتفتت الحزب الحاكم؟ الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، وبشار الأسد في سوريا سيبتهجان لذلك. والحكام في المملكة العربية السعودية سيسعدون بسقوط حكومة منتخبة في العالم الإسلامي. ربما تسعد أرمينيا أيضاً برؤية الفوضى في تركيا. ولا شك إن الكثيرين سيسعدون بذلك في العالم المتقدم، وإن أظهروا رفضهم للانقلابات والأنظمة العسكرية.

في المقابل، فإن أمماً أخرى ستشعر بالخشية والحذر من سقوط حكم حزب العدالة والتنمية. ستراقب إيران وأذربيجان وروسيا والعراق ودول الخليج بحذر شديد، مترقبين انكشاف طبيعة الدولة الجديدة التي ستظهر في أعقاب الانقلاب. اليونان وبلغاريا أيضاً سيشعران بالقلق إزاء ذلك، كونهما خاضتا تجربة الحكم تحت إدارة العسكر.

لو نجح الانقلابيون، لصرحت الدول الغربية بادئ الأمر بأنها ترفض الأنظمة العسكرية من حيث المبدأ. ولكن هل يعني هذا أن الغرب سيكون حزيناً لذلك؟ من الصعب التكهن أو التفريق بين من سيحزن بصدق، ومن سيذرف دموع التماسيح.

هذا ليس مجرد رأي شخصي، بل الانطباع العام لدى معظم الشعب التركي. حتى أن الكثيرين من الأتراك يؤمنون بأن الولايات المتحدة تقف خلف المحاولة الانقلابية. المعتقدون بذلك يبررون قناعتهم بالتذكير بأن رئيس الكيان الموازي مقيم منذ سنوات في أمريكا، أو عطفاً على اختلاف الرؤى التركية لمستقبل سوريا عن ما تسعى إليه الولايات المتحدة. أضف إلى ذلك أن الناس لم تنسَ الدعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري. والتاريخ السياسي التركي يشهد على أن الولايات المتحدة وقفت في صف الانقلابيين في المحاولات الانقلابية السابقة. حتى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمح إلى احتمال أن تكون الولايات المتحدة منخرطة في المحاولة الانقلابية الأخيرة. وبالمحصلة، فإن الشكوك وعلامات الاستفهام حول الولايات المتحدة تدور في رؤوس الجميع في تركيا.

ليس من الصعب التخمين بوجود أصابع وأياد أجنبية خلف المحاولة الانقلابية. لكن يجب الحذر من القفز إلى نتائج وأحكام غير صائبة. إن كنا متأكدين من تدخل الولايات المتحدة، فعلينا البحث في إجابة أكثر تفصيلاً حول من بالضبط في الولايات المتحدة يقف خلف هذه المحاولة؟ ربما لا يكونون في الإدارة الأمريكية الحالية. لذلك يجب على الإدارتين التركية والأمريكية التعاون والعمل معاً لإظهار هويات داعمي الانقلاب الأجانب. ربما لن يكون عليهم النظر بعيداً، قد تكفيهم دراسة وملاحظة سلوك حلفائهم.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.