ماذا تريد الولايات المتحدة؟

نشر في 02.11.2016 00:00
آخر تحديث في 23.11.2016 11:26

الولايات المتحدة لا تعرف ماذا تريد أو ما تفعله في الشرق الأوسط، لذلك فمن الطبيعي لتركيا وغيرها من اللاعبين الإقليميين أن لا يثقوا بها.

ما السبب الذي دفع الولايات المتحدة إلى غزو العراق عام 2003؟ وهل كان السبب الوحيد لذلك هو رغبتها في وضع حد لجرائم صدام حسين ضد الإنسانية؟ أم أرادت أن تخضع الشرق الأوسط لسيطرتها في الوقت الذي كانت فيه روسيا لا تزال تعاني الضعف؟ الحقيقة الوحيدة التي ندركها هي أن الغزو الأمريكي قد خلط كل توازنات المنطقة. ربما كانت الغاية الاستفادة من ضعف روسيا، فقررت واشنطن استكمال حربها على الإرهاب بغزو العراق، تزامناً مع استمرار العمليات العسكرية في أفغانستان. لكن السؤال الذي لا يزال يبحث عن إجابة: لماذا توقفت الولايات المتحدة في نصف الطريق دون استكمال أهدافها في كلا البلدين؟

التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة غزا أفغانستان، لكنه أدرك في غضون عامين عدم قدرته على التعامل مع البلد. لذلك خرج تاركاً البلاد في حالة هي بين الاحتلال والاستقلال. وكرر التحالف التجربة نفسها تقريباً في العراق. والآن فإن الحكومة المركزية واللاعبين المحليين في البلدين ليسوا تماماً تحت سيطرة الولايات المتحدة. لكن البلدين تحولا إلى نسخ جديدة من لبنان وروسيا، يمتلكان المزيد من التأثير في المنطقة. وكأن كل هذا لا يكفي، فأصبحت سوريا أيضاً معرضة اليوم للمصير نفسه.

هذا هو المشهد الذي يتراءى أمام عينيك إذا تأملت أداء الولايات المتحدة في السنوات الخمس عشرة الأخيرة. فلنتخيل للحظة أن الهدف الرئيسي كان جعل أوروبا متوجسة تجاه روسيا إلى الحد الذي يجعلها أقرب إلى الولايات المتحدة. حتى هذا الهدف لم يتحقق. بل على العكس، فقد خلفت حالة انعدام الاستقرار في الشرق الأوسط المزيد من المشاكل في داخل الاتحاد الأوروبي.

إن كان هناك من يدعي قدرته على فهم ما تحاول الولايات المتحدة فعله في السنوات الخمس عشرة الأخيرة، فسأكون ممتنة بالجلوس والحديث معه. فكل ما أراه في صورة الولايات المتحدة هو دولة لديها مشاكل جدية مع حلفائها التقليديين، مثل إسرائيل والسعودية، وكثيراً ما تغضب تركيا، وهي غير قادرة على إرضاء بريطانيا أو منح الثقة لفرنسا وألمانيا.

جانب آخر من السياسات الأمريكية غير المفهومة تتمحور حول سياساتها مع إيران. فواشنطن قررت حتى زمن معين أن تبعد إيران عن روسيا، محاولة إرساء قواعد لتحالف جديد بينها وبين إيران، على أمل الاستفادة من نفوذ هذه الأخيرة في العراق وسوريا. ولكن ألم تدرك واشنطن أن إيران تعاني الشك في كل نواياها ومبادراتها؛ إلى الحد الذي يجعل من المستحيل للدولتين أن تصبحا صديقتين.

إيران لا تملك ذرة ثقة تجاه الولايات المتحدة. أما تركيا فيتنامى لديها القلق من الولايات المتحدة يوماً بعد يوم. وروسيا أصبحت أكثر غضباً تجاه الأخيرة. فكيف ستستطيع واشنطن تصور المستقبل للمنطقة تحت هذه الظروف.

نعلم أن الشرق الأوسط لم يعد بهذه الأهمية للولايات المتحدة، مقارنة بما كان عليه في الماضي. ولكن... ما دامت الولايات المتحدة عاجزة عن تحقيق ما تريد في الشرق الأوسط، فهي ستفقد صدقيتها في مناطق أخرى من العالم.

وكما أنه من الصعب فهم المنطق الذي يسير أفعال الولايات المتحدة، فقد أصبح من الصعب أيضاً على أي من اللاعبين في المنطقة تأسيس إستراتيجيات متناغمة لسياساته الخارجية.

تركيا، على سبيل المثال، ستفضل الثقة بالولايات المتحدة والتعاون معها بدلاً من محاولة الاعتماد على حلفاء محليين غير موثوقين في سوريا والعراق. وعلى الطرف الآخر، يمكن القول إنه من المستحيل الثقة بالولايات المتحدة ما دامت واشنطن مصرة على التعاون مع بعض اللاعبين الذي تصنفهم تركيا على أنهم أعداء.

البعض يتساءل عن سبب الفوضى في الحملة الانتخابية الأمريكية. لكن الولايات المتحدة لا تعرف ما تريده ولا ما تفعله على الساحة الدولية، لذلك لا يتوقع من المرشحين الرئاسين أن يكونا بحال أفضل. لكن دعونا نأمل أن يتحسن الوضع بعد الانتخابات.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.