"الآخرون" في أوروبا وتأثيرهم على الانتخابات

إسطنبول
نشر في 25.04.2017 00:00
آخر تحديث في 26.04.2017 02:53

لقد وضع سياسيو اليمين المتطرف في أوروبا ثلاثة مواقف رئيسية أمام المسلمين الأوروبيين وهي: "إما أن يغادروا" أو "إذا بقوا، يجب ألا يتصرفوا كمسلمين" و"لا ينبغي أن يأتي المزيد من المسلمين إلى هنا".

أصبح المسلمون في أوروبا واحداً من أهم المتغيرات الانتخابية في الاتحاد الأوروبي في الوقت الراهن. وقد وضع سياسيو اليمين المتطرف ثلاثة مواقف رئيسية تجاههم: "يجب على المسلمين المغادرة"، "إذا بقوا، فيجب ألا يتصرفوا كمسلمين" و"لا ينبغي أن يأتي المزيد من المسلمين إلى هنا".

ولكي نكون صادقين، هناك العديد من الأوروبيين الذين ينتقدون هذه المواقف وهؤلاء السياسيين، كما توجد في أوروبا التيارات القوية المناهضة للعنصرية والتمييز أيضا. ومع ذلك، حتى أولئك الذين لديهم آراء أكثر ليبرالية عن المسلمين كانوا غير متماسكين من وقت لآخر.

عندما يتحدث السياسيون الأوروبيون عن "المسلمين الأوروبيين"، فإنهم لا يريدون أن يقولوا ببساطة.. المسلمون الذين يعيشون في أوروبا، لكنهم يفكرون في نوع مختلف من المسلمين، أي مسلمين مختلفين جدا عن المسلمين في أوزباكستان أو قطر أو باكستان. هم يعتقدون أن المسلمين في أوروبا ينبغي أن يكونوا مختلفين عن المسلمين الذين يعيشون في أجزاء أخرى من العالم، ويتوقعون أن يعتمد هؤلاء في أوروبا طريقة حياة أكثر عصرية. أنا لست متأكدا من أن لديهم تمييزاً مماثلاً في رأيهم بين كاثوليك أوروبا والآخرين من كاثوليك أمريكا اللاتينية مثلا أو الكاثوليك في الشرق الأوسط.

لقد أصبح المسلمون موضوع نقاش، ليس فقط لأن الموقف تجاههم سيؤثر على الناخبين، ولكن أيضا لأن الكثير من المسلمين سيصوتون في تلك الانتخابات. على سبيل المثال، في فرنسا، هناك حوالي 6 ملايين مسلم من أصل 66 مليون نسمة، ومن المهم أن يعرف السياسيون لمن سيصوت هؤلاء الناس.

ومن الخطأ بالطبع أن نعتقد أن المسلمين في بلد أوروبي معين سوف يصوتون جميعا في نفس الاتجاه كما لو كانوا مجموعة اجتماعية واقتصادية متجانسة. وكل من يقول "إن المسلمين يصوتون لهذا الحزب أو ذاك" يعترفون في الواقع أنهم لا يستطيعون رؤية المسلمين كأفراد بمقدورهم تطوير آرائهم السياسية وفقا لمصالحهم الخاصة أو معتقداتهم السياسية.

والحمد لله ليس هناك الكثير من السياسيين في فرنسا من الذين يقولون إن المسلمين سوف يصوتون فقط وفقا لهويتهم الدينية. ولكنهم لا يزالون يناقشون ما يسمونه "التصويت الإسلامي". نحن نستخدم هذا النوع من النقاش في تركيا، حيث يثير بعض الناس باستمرار ما يسمونه بـ "التصويت الكردي".

ومع ذلك، نعلم أن تركيا تتعرض لانتقادات مستمرة من قبل الأوروبيين بسبب سياستها تجاه الأكراد. وللحقيقة، لو كان هناك شيء مثل التصويت الكردي، فربما تكون بعض الانتقادات مبررة. بطبيعة الحال، أولئك الذين ينتقدون تركيا يجب أن ينظروا أحيانا في المرآة وعليهم التفكير في النقاش حول ما يطلقون عليه "التصويت الإسلامي" في بلدانهم. ومن المشکل بمكان أن یُعتقد أن الأشخاص الذین یتم استدعاؤھم للإدلاء بأصواتھم ليسوا مواطنين فرادى فقط، بل أعضاء من مجموعة أقلية دینیة أو إثنية معينة.

منذ زمن طويل، نوقشت "المواطنة المتساوية" في تركيا. بيد أن المشكلة على ما يبدو ليست مشكلة تركيا وحدها. وعلى أية حال، فالمشكلة مهمة وتجب معالجتها. حتى في البلدان ذات التدابير القانونية والإدارية الفعالة لمكافحة التمييز، لا يوجد تغيير يذكر في عقول الناس وتصوراتهم. إذ ما زالوا يصنفون بعض الناس على أنهم "آخرون"، ويعتقدون أن هؤلاء "الآخرين" يعيشون ويتصرفون بالطريقة نفسها.

وربما تحتاج الدول إلى وضع تدابير اجتماعية لمعالجة تلك التحيزات بدلا من مجرد اعتماد قوانين لمكافحة التمييز. إذ من الواضح أن التدابير القانونية تتغير قليلا في أذهان الناس العاديين. وقد تتسبب المخاطر المسبقة المتراكمة في إثارة اضطرابات اجتماعية خطيرة، عندما يحين الوقت المناسب، إذا لم يتم القيام بأي شيء بشأنها. فمثل هذه الاضطرابات لن تقتصر على بلد واحد، مما يهدد السلم الدولي.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.