هُزم الانقلاب.. لكن آثاره لا تزال قائمة

إسطنبول
نشر في 18.07.2017 00:00
آخر تحديث في 18.07.2017 23:41

أحيا ملايين الأتراك في كل مدن تركيا يوم 15 يوليو / تموز ذكرى هزيمة الانقلاب. الواقع، لم يكن هذا احتفالاً بدحر الانقلاب فحسب، بل كان بمثابة يوم وطني أيضًا. وأثبتت الجماهير عزمها على مقاومة أي محاولة انقلاب عسكري جديدة.

هذه الاحتفالات ليست قضية حزبية بطبيعة الحال، لأن مقاومة الانقلاب العسكري أمر يجب أن تدعمه جميع الأحزاب السياسية، بحكم تعريفها. والسبب في ذلك بسيط جدا: أن الانقلاب العسكري، سواء كان ناجحا أو لا، ضربة كبيرة للديمقراطية. وكل قطاع اجتماعي سيعانيه، لأنه يقطع الآليات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية المنتظمة في البلاد.

فجميع الانقلابات التي حدثت في التاريخ التركي لم تؤد إلا إلى تفاقم الاستقطاب القائم دون حل لأي مسألة جوهرية تواجهها الأمة التركية. دائما ما كانت تجرى الانقلابات تحت شعار "إرساء النظام"، فعادة ما كان يتهم منفذو الانقلابات الحكومات المنتخبة بالتسبب بالاضطرابات داخل البلاد. هذا لا يعني بالطبع أن جميع الحكومات المنتخبة نقية، لكن الديمقراطية تعني القدرة على تغيير الحكومات من خلال صناديق الاقتراع، والانقلابات تلغي هذا الحق الأساسي. الانقلابات تدور دائما حول مجموعة من العسكريين الذين يعتقدون أن لديهم "الجواب الصحيح" لجميع المشاكل، والذين يحاولون فرض وجهة نظرهم على الأمة بأسرها.

بحمد الله، لم تقع البلاد في الهاوية في يوليو الماضي. لكن يجب أن نعترف بأن هزيمة الانقلاب لم تضع حدا للاستقطاب السياسي في البلاد. ونتيجة لذلك، اعتبرت وسائل الإعلام الدولية الاحتفال بـ 15 يوليو فقط باعتباره احتفالا للحزب الحاكم ومؤيديه. لقد شعرنا بالفعل أن المعارضة كانت ترى الأحداث بهذه الطريقة أيضا، ويبدو أن العالم الخارجي قد قبل بوجهة نظرهم.

على الرغم من أن الهدف الرئيسي من المتآمرين كان شخص الرئيس ثم الحزب الحاكم.. لكنهم، في الواقع، قاموا بذلك من خلال مهاجمة البلاد بكاملها. ولا يمكن لأي حزب سياسي أن يقبل أبدا أن يكون للجيش الحق في إطاحة الرئيس المنتخب. ولسوء الطالع، لم تشدد أحزاب المعارضة على هذه الحقيقة بما فيه الكفاية، لأنها لا تريد أن ينظر إليها على أنها كانت تدافع عن الرئيس الحالي. ومع ذلك، فإن هذا ليس أفضل خط للسياسات التي ينبغي اعتمادها، لأنه إذا أردنا تجنب خطر حدوث انقلاب عسكري آخر في المستقبل، فيجب على جميع الأطراف أن تتصرف معا.

بيد أن المعارضة تفضل اتهام الحكومة والرئيس باستغلال الاحتفالات لأغراضها السياسية الخاصة. ويبدو أنهم ينسون أن هذه الحكومة هي التي تعرضت للهجوم، ومن الطبيعي أنها سوف تستفيد سياسيا من نجاح هزيمة هذه المؤامرة. إذا كانت المعارضة لا تريد من الحكومة استخدام هذا الحدث، فإن الشيء الوحيد الذي يجب القيام به هو المشاركة بشكل كبير في الاحتفالات واعتناق القضية كقضية وطنية، وليس فقط اعتبارها أنها مختصة بالحزب الحاكم.

في الليلة التي قصف فيها برلماننا، ظهر أعضاء الجمعية الوطنية، من جميع الأحزاب السياسية، جبهة موحدة. للأسف، سرعان ما اختفى هذا الشعور بالوحدة. واليوم، وفي حين يبدو أن الحكومة تركز على ما حدث قبل الانقلاب وخلال الانقلاب، تتحدث المعارضة فقط عن ما حدث منذ الانقلاب.

الانقلابات العسكرية هي دائما نتيجة لعملية، وكلها تستفيد من الاستقطاب السياسي. ربما هذه العملية لا تزال ناشطة. وحقيقة أنه تم إيقاف الانقلابيين في العام الماضي لا يعني أن جميع الجهود الرامية إلى تحويل الحياة السياسية في تركيا قد انتهت. وما زلنا نلاحظ العديد من المحاولات لمنع تركيا من أن تصبح ديمقراطية صلبة، ولهذا السبب تواصل الحكومة القتال والمقاومة.

نحن نعترف بأن الوضع السياسي في تركيا معقد جدا لكي يفهمه الغرب؛ ولذلك، علينا أن نذكرهم دائما بأن عملية الانقلاب لم تنته تماما وأن الكفاح من أجل مستقبل تركيا مستمر وبشكل يومي.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.