الولايات المتحدة بحاجة إلى اتخاذ خيارات في سوريا

اسطنبول
نشر في 20.09.2017 00:00
آخر تحديث في 20.09.2017 19:44

إذا كانت الولايات المتحدة تريد تجاوز فشلها في سوريا، فسيكون من الحكمة أن تبدأ بمعالجة علاقاتها مع تركيا

خلال الجولة الأخيرة من المحادثات فى أستانة الأسبوع الماضي، وافقت تركيا وروسيا وإيران على إقامة مناطق خفض التوتر في أجزاء من سوريا لمدة ستة أشهر. وستشمل المناطق الغوطة الشرقية ومحافظات إدلب وحمص واللاذقية وحلب وحماة.

وطبقا للاتفاق، ستعمل الدول الثلاث كضامنين بينما من المفترض أن تحترم الجماعات والقوات المناوئة للنظام السوري وقف إطلاق النار. وللإشراف على هذه العملية، سترسل تركيا وإيران وروسيا 500 جندي للانتشار في تلك المناطق.

عند النظر إلى الخريطة، قد تلاحظ أن منطقة خفض التوتر الجديدة هذه، التي أضيفت إلى مناطق خفض التوتر المعلنة سابقا في المناطق الحدودية بين لبنان وإسرائيل والأردن، تتضمن أجزاءً مهمة من سوريا. كل مناطق خفض التوتر هذه، من الشمال إلى الجنوب، هي للتأكد من أنه لن يكون هناك قتال أكثر في محافظات البحر المتوسط في سوريا.

وتقع مناطق خفض التوتر في موقع إستراتيجي على أمل إنهاء القتال على الأرض. لكن هذا لا يعني أن قوات النظام السوري ستتحكم بشكل كامل في هذه المناطق بعد توقف القتال. والواقع أن هذه المناطق لن تسلم للنظام السوري ولا للمعارضة، بل مصيرها سيقرر لاحقا.

يذكر أن الولايات المتحدة قررت فرض منطقة حظر جوي فى شمال العراق في أعقاب حرب الخليج عام 1991. وكانت واشنطن تأمل التأكد من أن صدام حسين لن يسيطر على هذه المناطق المأهولة بالسكان الأكراد، بل فقدت بغداد كل سلطة على المنطقة منذ تلك اللحظة. وحتى بعد سقوط صدام، لم يتغير الوضع حقا. وخلال كل هذه السنوات، اعتبرت الولايات المتحدة قادة كردستان محاورين لهم، ولفتت إلى أن شمال العراق قد يصبح يوما كيانا مستقلا، متحالفا مع تركيا وإسرائيل، ولكن معادٍ لإيران.

وبعد فترة طويلة عمل فيها الإقليم بحكم الأمر الواقع بشكل مستقل عن بغداد، يريد شمال العراق الآن جعل الاستقلال رسميا ومعترفا به من المجتمع الدولي من خلال استفتاء. ومع ذلك، فإن الحليف الرئيسي في المنطقة، وهي الولايات المتحدة، تقول إن التوقيت ليس صحيحا. غير أن القادة الأكراد العراقيين لا يبدون اهتماما كبيرا بالتحذيرات.

وقد يتكرر هذا السيناريو في سوريا. وهذا هو السبب في أن تركيا وروسيا وإيران تريد أن يكون لها وجود على الأرض في وقت واحد.

مناطق خفض التوتر هي نتيجة إرادة للتوصل إلى حل توفيقي، لأن هذه المناطق لن يحكمها بشار الأسد أو أي جماعة معارضة. إذ ستكون هذه المناطق شبيهة بالأقاليم الدولية التي هي منفصلة عن الإشراف المباشر من دولة واحدة. والدافع الرئيسي للدول الثلاث المعنية بالأمر هو علاقات الولايات المتحدة مع الأكراد السوريين. هم يخشون أن تحاول واشنطن القيام في سوريا بما فعلته في العراق. بعبارة أخرى: دفع الأكراد السوريين نحو الاستقلال.

أولا، لا أحد متأكد مما إذا كان تقسيم سوريا فكرة جيدة أم لا؛ إلى جانب ذلك، لا يمكن لأحد أن يقول ما إذا كان الكيان الكردي السوري في نهاية المطاف وديا تجاه تركيا و/أو إيران. غير أن موقف الأكراد العراقيين كان واضحا: إذ فضلوا أن يظلوا أصدقاء مع تركيا وأعداء مع إيران. أما بالنسبة إلى الكيان الكردي المستقل في سوريا، فمن الواضح أنه سيكون لديه صديق واحد فقط هو الولايات المتحدة. جميع اللاعبين الإقليميين يعارضونه؛ ومن ثم، فإنهم يعملون معا لمنع قيامه. وعلاوة على ذلك، لا يبدو أن إسرائيل تشكو من إنشاء مناطق تخفيف التوتر؛ ومن ثم فإن الولايات المتحدة بالكاد تجد حججا جيدة لمعارضة ذلك.

تردد الولايات المتحدة في سوريا تحول ضدها، إذ فقدت واشنطن ثقة حلفائها الإقليميين في هذه القضية، في حين استفادت روسيا كثيرا من الفراغ. إذا كانت الولايات المتحدة تريد عكس هذا الفشل، سيكون من الحكمة أن تبدأ بمعالجة علاقاتها مع تركيا

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.