ما دلالة القاعدة العسكرية التركية الجديدة في الصومال؟

اسطنبول
نشر في 03.10.2017 00:00
آخر تحديث في 04.10.2017 00:41

افتتاح تركيا أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في الصومال هو رد جيد على أولئك الذين يدعون أن تركيا تحاول الانجراف بعيدا عن المحور الغربي

دخلت أكبر قاعدة عسكرية تركية فى الخارج حيز العمل فى العاصمة الصومالية مقديشو. وستعمل القاعدة بصفة خاصة كأكاديمية عسكرية، إذ ستتمثل مهمة حوالي 200 جندي تركي هناك في المشاركة في تشكيل الجيش الصومالي بشكل فعال. والغرض من ذلك هو تعزيز قدرات الدفاع والقتال، وبصورة أولية، لا علاقة له بالمسائل الأمنية المباشرة لتركيا.

وتجدر الإشارة إلى أن الصومال يشهد حربا منذ عام 1988، إذ أصبحت البلاد مسرحا ليس فقط للحرب الأهلية بل أيضا للصراع الإقليمي الذي يضم إثيوبيا وتشاد. ثم أصبح ساحة للتدخل الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبدعم من الأمم المتحدة وكان السبب الإستراتيجي وراء التدخل هو أن واشنطن لا تريد للتيارات الدينية المتطرفة الاستيلاء على السلطة في البلاد التي تقع على طول واحدة من أكثر المطارات الدولية ازدحاما على طرق الشحن. ومع ذلك، فإن التدخل أضاف فقط فوضى إلى الفوضى المستمرة.

وبعد انهيار الحكومة الصومالية فى عام 1991 أغلقت الولايات المتحدة سفارتها فى مقديشو وسحبت جميع دبلوماسييها، ليعودوا إلى البلاد فى العام التالي ولكن هذه المرة مع القوات العسكرية. ثم اجتمعت جماعات مسلحة متباعدة في الصومال للقتال ضد العدو المشترك، أي الولايات المتحدة. كانت المعارك شرسة بشكل كبير، ولم ينس الرأي العام صور الجنود الأمريكيين الذين تم جرهم في الشوارع في عام 1993، وهو الحادث المعروف بـ "بلاك هوك داون" أو معركة مقديشو.

كما اتضح أن الجيش الأمريكي لن يكون قادرا على تحقيق الاستقرار فى البلاد في وقت قريب، ما دفع واشنطن إلى إنهاء العملية فى عام 1994 وانتظرت حتى عام 2014 لإعادة فتح سفارتها. ومنذ ذلك الحين، تتعاون الولايات المتحدة مع حكومة الصومال لمحاربة جماعة حركة الشباب.

وكثيرا ما جعلت التدخلات الأمريكية في أجزاء مختلفة من العالم المشاكل القائمة أكثر تعقيدا، والصومال ليس استثناء. فالتدخلات الأجنبية تجعل الصراعات أكثر صعوبة في التعامل معها من خلال الإجراءات المحلية، حيث تحول الصراع المحلي أو الإقليمي إلى قضية دولية تتصادم فيها المصالح المتضاربة للقوى العظمى مع بعضها بعضا.

ما تحاول تركيا القيام به في الصومال الآن هو إنجاز، كحليف أمريكي، ما لم تتمكن الولايات المتحدة من إدارته حتى الآن. وستساعد تركيا الصومال على بناء جيش وطني فعال قادر على شن حرب ضد الإرهابيين من حركة الشباب. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن تركيا تعمل في القرن الإفريقي بالتنسيق التام مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

ربما هذه رد جيد على أولئك الذين يدعون أن تركيا تحاول الانجراف بعيدا عن المحور الغربي، لتقترب جدا من المحور الروسي الإيراني. أولا، ليس صحيحا أن روسيا وإيران تشكلان كتلة صلبة لا تفكر إلا في إضعاف الغرب. ثانيا، "الغرب" ليس كتلة متجانسة. والواقع أن إيران ترغب فى إصلاح علاقاتها مع الولايات المتحدة، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين له علاقات ودية جدا مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.

وعلاوة على ذلك، فإن العلاقات بين الدول هي أبعد ما تكون عن الخطية؛ إذ إن الولايات المتحدة لا تتردد في نقل أسلحة روسية إلى منظمة "ب ي د" التابعة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، في حين تتحرك فرنسا مع تركيا للتعامل مع أزمة شمال العراق، على سبيل المثال.

باختصار، كل شخص قادر على التعاون مع الجميع إذا كان ذلك يخدم مصالحه في مسألة معينة.

ومن ثم فإن النقاش حول "إلى من تنتمي تركيا" لا معنى له في عالم اليوم؛ ونحن لا نعيش تحت ظروف الحرب الباردة حيث على الجميع اختيار جانب معين والتمسك به. وأخيراً، ربما الادعاءات حول مكان تركيا في النظام الدولي ليست إلا أداة تستخدم لإبقاء تركيا بعيدا عن الاتحاد الأوروبي.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.