أجندة تركيا الملحة أمام الأمم المتحدة

إسطنبول
نشر في 24.09.2019 13:03
آخر تحديث في 24.09.2019 17:45

السياسيون لا يميلون عادةً إلى الشعور بالقضايا الإنسانية بينما يتحمسون عندما يتعلق الأمر بالمصالح. لذلك، يجب على أوروبا أن تدرك أن مسألة اللاجئين لا يمكن تجاهلها، ويجب على القادة الأوروبيين أن يفهموا أن العمل مع تركيا أمر أساسي لأمن أوروبا.

توجه الرئيس رجب طيب أردوغان إلى نيويورك يوم السبت لحضور افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، بجدول أعمال يحمل ثلاثة بنود: طلب تركيا الحصول على الدعم فيما يتعلق بمصير اللاجئين السوريين، والتزام أردوغان بإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سوريا، وتأكيده على ظلم النظام العالمي الحالي. أعتقد أن الرئيس التركي سيتطرق إلى هذه القضايا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك في اجتماعاته الثنائية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

تصريحات أردوغان الأخيرة حول الأسلحة النووية تدعو إلى ضرورة البحث عن نظام عالمي جديد، وفق المقولة الشهيرة: "العالم أكبر من خمسة". وبالنهاية فإن كشف نية أية دولة في أن تصبح قوة نووية لا يغير من الأمر شيئاً إذا كانت تلك الدولة تصر على ذلك بالفعل.

ترتبط كلمات الرئيس التركي حول اللاجئين والمنطقة الآمنة بشكل مباشر بالتطورات في منطقة شرق الفرات وغربه. يجب أن تشكل هاتان المسألتان المترابطتان أهمية ذات أولوية لأوروبا، ويتعين على زعماء المجتمعات الغربية أن يدركوا خطر تجاهل نداءات أردوغان.

منذ أن حذر الرئيس التركي من الوضع المتفاقم في إدلب والذي من المفترض أن يثير القلق في أوروبا، تماماً كما هو الحال في تركيا، راحت وسائل الإعلام الأوروبية تتداول أخباراً تتنبأ بموجة جديدة من المهاجرين، لكن الزعماء الأوروبيين، الذين تصرفوا إزاء الحرب السورية على مدى السنوات الماضية كما لو أنها تجري في جزر البهاما، بدؤوا أخيراً بالتنبه إلى خطورة الوضع. يمكن أن تمثل الاجتماعات الدولية مثل قمة أنقرة فرصة لتوقف النزاعات العنيفة في إدلب وقد تمنع تدفق اللاجئين الذي ينجم عن تلك النزاعات. إن تشويه سمعة أردوغان في وسائل الإعلام الأوروبية لا يعبر إلا عن القليل، فالوضع في الواقع سيء جدا، وفي سبيل الحفاظ على الديمقراطيات الأوروبية، ينبغي لقادة القارة العجوز لعب دور أكبر في سوريا على صعيد قضية اللاجئين والمنطقة الآمنة على حد سواء.

لا يمكن للاتحاد الأوروبي التنصل من مسؤولياته في إبقاء حوالي 4 ملايين لاجئ في تركيا بمجرد دفع 6 مليارات يورو لقاء إغفال المشكلة، ففي شهر أغسطس/ آب وحده، وصل 9.300 مهاجر غير شرعي إلى الجزر اليونانية، وما زال مئات الآلاف من اللاجئين الآخرين ينتظرون في إدلب، ويبحثون عن طرق للوصول إلى أوروبا، إضافة إلى ملايين آخرين قد يصلون من أفغانستان وباكستان وإيران.

والحل لا يكمن في إغلاق الباب أمام اللاجئين، بل في ضمان استمرارهم في العيش في بلدانهم الأصلية. واقتراح تركيا لإعادة توطين اللاجئين في مناطق آمنة داخل حدود سوريا هو أفضل خطة مطروحة. مكالمة ميركل الهاتفية الأخيرة مع أردوغان في محاولة لتطوير بدائل، تبين أن برلين قد سمعت بالفعل رسالة أنقرة.

يتعين على الاتحاد الأوروبي القيام على الفور بتحديث اتفاقية إعادة التوطين ومنح المزيد من الأموال لتنفيذها، ويجب على أوروبا دعم الجهود الرامية إلى إنشاء مناطق آمنة في سوريا وتقديم مساهمات مالية لتحقيق هذه الغاية. كما يجب عليها الضغط على الولايات المتحدة لكي تحذو حذوها.

كذلك فإن الدعم الأوروبي لـ"بي كا كا/ي ب ك، يجب أن ينتهي على الفور. وعلى الحكومات الأوروبية رفع الوعي حول جهود التطهير العرقي التي تمارسها تلك المجموعات الإرهابية على الأرض.

هناك حاجة إلى خطوات جديدة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. إذ يتعين على أوروبا منح حق السفر بدون تأشيرة للمواطنين الأتراك وإعادة التفاوض بشأن اتفاقية الاتحاد الجمركي. كذلك يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتعاون مع تركيا في أنشطة التنقيب في شرق البحر المتوسط.

أدرك جيداً أن مقترحاتي ترقى إلى إطار شامل للتعاون بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأعلم أيضاً أن السياسيين لا يميلون عادةً إلى الشعور بالقضايا الإنسانية بينما يتحمسون عندما يتعلق الأمر بالمصالح. لذلك، يجب على أوروبا أن تدرك أن مسألة اللاجئين لا يمكن تجاهلها. يجب على القادة الأوروبيين أن يفهموا أن العمل مع تركيا أمر أساسي لأمن أوروبا، وعلى القارة القديمة أن تجد لنفسها موقعاً ضمن توازن جديد للقوة.

ولتحقيق هذه الأهداف، يحتاج الأوروبيون إلى إطلاق مبادرة جديدة للسياسة الخارجية والسعي لإيجاد حلول للصراعات في سوريا وليبيا وأماكن أخرى. لعل الإصغاء إلى تصريحات أردوغان خطوةً جيدةً للبدء بالسير على النهج القويم. دعونا نأمل أن تتمكن الاجتماعات الثنائية على هامش الجمعية العامة من إرساء الأساس لتوثيق التعاون.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.