هل اليونان متورطة في سباق تسلح محموم؟

نشر في 28.12.2021 12:19

دأبت اليونان في السنوات الأخيرة على تسليح نفسها بقوة، في محاولة منها لإضافة طائرات مقاتلة من طراز إف-35 إلى أسطولها من مقاتلات رافال، وفرقاطات Belharra وأنواع مختلفة من الزوارق الحربية. وفي عام 2021 وحده، أنفقت أثينا 2.8 مليار دولار على المعدات العسكرية، أي ما يعادل 5 أضعاف إنفاقها بالعام السابق. وينوي اليونانيون بحلول العام المقبل، زيادة ميزانيتهم العسكرية 7 أضعاف من جديد.

ومن الواضح أن قرار الحكومة اليونانية بشراء طائرات وسفن حربية جديدة، يعكس عزمها على عكس توازن القوى في بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط، والذي راح يتحول لصالح تركيا. وفي الوقت نفسه، اختتم اليونانيون مفاوضات بشأن اتفاقيات التعاون العسكري مع فرنسا والولايات المتحدة، والتي قالت عنها مجلة وول ستريت، أن اليونان تعتبرها "نقطة مضيئة جديدة" في أوروبا.

وأشارت نفس المجلة إلى أن أثينا عززت علاقاتها مع واشنطن في عهد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، على حساب روسيا والصين. ووفقاً لنفس المجلة فقد أقر الكونغرس الأمريكي على خلفية تزايد تجارة الغاز الطبيعي المسال إلى اليونان، مشروع قانون من الحزبين لتحديث الجيش اليوناني وإضافة مستوى أعلى من دعم واشنطن الأمني لليونانيين في شرق البحر المتوسط. وأوضحت المجلة أخيراً أن القاعدة العسكرية الأمريكية في ألكساندروبولي، أصبحت مهمة للوجود العسكري الأمريكي في البلقان والبحر الأسود.

وغني عن القول إن تركيا لا يمكن أن تكون سعيدة بشأن الإنفاق المفرط لجارتها على المعدات العسكرية. ولنتذكر أن الرئيس رجب طيب أردوغان حذر مؤخراً من أن اليونان بأكملها أصبحت "قاعدة أمريكية". وفي غضون ذلك، كرر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو ووزير الدفاع خلوصي أقار، التزام أنقرة بالدفاع عن مصالحها في بحر إيجه وشرق البحر الأبيض المتوسط.

كما انتقد أقار في الآونة الأخيرة، "عرض التسلح" الذي أجرته الحكومة اليونانية وأكد أن أثينا تقوم بعسكرة بعض الجزر في انتهاك للاتفاقيات الدولية قائلاً: "يحاول اليونانيون التفوق على تركيا من خلال تسليح أنفسهم وسط تشجيع واستفزاز بعض الدول. وهذا جهد لا طائل من ورائه. كما يحاولون في الوقت نفسه، تشكيل تحالفات جديدة بالرغم من كونهم جزءاً من الناتو. لقد أوضحنا أن جميع تلك الشراكات مصطنعة".

وأضاف وزير الدفاع أنه من المتوقع أن يزور وفد يوناني أنقرة "للاجتماع الرابع في إطار إجراءات بناء الثقة"، وشدد على أن تركيا تريد "أن يعيش شعب كلا البلدين حياته بأمان وازدهار، من خلال الاستفادة من ثروات المنطقة".

ويعود السبب في كل ذلك إلى أن حكومة أثينا أشارت بشكل متكرر في الأشهر الأخيرة، إلى زيادة حدودها البحرية بمقدار 12 ميلاً في بحر إيجه، معتمدةً على تحالفاتها الجديدة. وقال رئيس الوزراء ميتسوتاكيس في 20 يناير/كانون الثاني، إن قرار حكومته زيادة مياهها الإقليمية في البحر الأيوني يمثل "رسالة تتعلق بحدودنا الشرقية أيضاً".

كذلك ادعى الزعيم اليوناني الأسبوع الماضي، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البلغاري كيريل بتروف، أن تركيا من أجل التطبيع معها، بحاجة إلى "إنهاء أعمالها الاستفزازية، بما في ذلك التهديد الحالي بـ الحرب".

ويلاحظ الخبراء أن نفس الفكرة، التي روّج لها وزير الخارجية نيكوس ديندياس في الأصل، يمكن أن تتطور إلى "استعراض للشجاعة والقوة" لأثينا. وبعبارة أخرى، يحذر اليونانيون أنهم بإمكانهم زيادة حدودهم البحرية في بحر إيجه بمقدار 12 ميل من جانب واحد، وهذا بحد ذاته يعتمد بشكل مباشر على تقييم خاطئ لقوتهم في ضوء شراكاتهم الجديدة مع الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة. ومن المؤكد أن هذا القرار لن ينتهك عملية التطبيع فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى وضع مختلف تماماً. الأمر الذي يعزز الشكوك حول انخراط أثينا في مثل هذا العمل الجنوني في الوقت الحالي. وبرأيي، قد تفضل أنقرة الحوار، لكنها لن تغض الطرف عن الأمر الواقع.

أما من يتحدث في وسائل الإعلام الغربية، عن تحول اليونان إلى "بديل" لتركيا، فمن الواضح أنه لا يفهم توازن القوى المتغير حول العالم، ولا يقدّر مدى حاجة كلا الجانبين لبعضهما على المدى الطويل. وستستمر تركيا في عالم تتصاعد فيه المنافسة بين القوى العظمى، في الاضطلاع بأدوار مهمة على المستويين الإقليمي والعالمي. لذلك من الأفضل أن تستجيب أثينا لتحذيرات أنقرة الودية.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.