منظمة غولن الإرهابية تسمم الأجواء التركية الأمريكية

إسطنبول
نشر في 16.03.2021 13:48

لا يستطيع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن أن يثبت بحال من الأحوال أن ثلث أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 170، الذين كتبوا إليه عن مشاكل حقوق الإنسان في تركيا، قادرين على تحديد موقع تركيا على الخريطة. وأود أيضاً أن أطلب منه أن يقدم مثالاً واحداً على انتهاك تركيا للمجال الجوي اليوناني كما ذكر لبعض ممثلي مجلس النواب في الأسبوع الماضي.

من المقرر في اليومين القادمين عقد الجلسة الثانية من الاجتماعات الاستكشافية بين تركيا واليونان في أثينا. وتمثل هذه الاجتماعات الجانب السلمي الوحيد الذي تطرق إليه بلينكن في حديثه عن تركيا، وعليه أن يعلم أن الحكومة التركية هي التي بادرت بإطلاق هذه المحادثات عام 2002 وأن اليونان هي التي أوقفتها عام 2016.

وليس من قبيل الصدفة أن تمتنع اليونان عن حضور الاجتماعات الاستكشافية قبيل محاولة الانقلاب الفاشلة التي قامت بها جماعة غولن الإرهابية في 15 يوليو/تموز مباشرة. وقد استغرق إقناع الجانب اليوناني بالعودة إلى طاولة المفاوضات السلمية أكثر من 3 سنوات. وبعدها قاموا بإرسال بيروقراطياً متقاعداً كممثلٍ لهم إلى إسطنبول، لكن ذلك كان أفضل من عدم الاستجابة بالمطلق.

وخلال الاجتماعات اتفق الجانبان على مواصلة استكشاف كيفية الحفاظ على السلام، في حين استمرت اليونان والقبارصة الروم برفض حقوق تركيا السيادية في شرق البحر المتوسط.

وبدا رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس سعيداً بإقناعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بشراء طائرات حربية ودبابات. وربما من المنطقي بمكان أن يفهم المرء احتياج بلد مكون من أرخبيلات وجزر إلى شراء الطائرات، ولكن لماذا تشتري الدبابات على الأرض؟ أتشتريها ضد جمهورية مقدونيا وهي التي تشكل خمس حجمها أم ضد تركيا وهي أكبر منها بستة أضعاف؟

يبدو أن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن استلهم خبرته في السياسة الخارجية مما قرأه في صحيفة لوموند ديبلوماتيك عندما التحق بمدرسة ثانوية ثنائية اللغة في باريس ومن سنواته الست كمستشار لبايدن في مجلس الشيوخ الأمريكي. لكنه حضر أيضاً ندوات روبرت كاجان الخاصة حول كيف تصبح محافظاً دولياً مع البقاء ليبرالياً محلياً في معهد بروكينغز حيث شارك في تأليف مقالات تقترح سياسات الرئيس الديمقراطي المستقبلي.

نعلم أنه كان يلعب كرة القدم كل يوم أحد في واشنطن مع بعض أصدقائه في السياسة الخارجية، بما في ذلك توم مالينوفسكي عضو الكونغرس، وروبرت مالي مهندس الاتفاق النووي الإيراني، وفيليب جوردون مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الأوروبية وآخرين. وهو الآن يمثل فريق المحافظين الجدد في البيت الأبيض.

لكن اللعبة هذه المرة أكثر جدية إذ لا يمكن لوزير الخارجية الأمريكية ولا ينبغي له أن يتحدث بدون أدلة. وعلى بلينكن أن يتوقف عن التشدق بالقول إن الولايات المتحدة انتقدت الإجراءات، بما فيها تلك التي صدرت عن الجانب التركي، والتي تنتهك القانون الدولي... بما في ذلك... انتهاك المجال الجوي. ربما لو تمت مواجهته بهذا القول سيرد بشيئ مثل: حسناً، أنا لم أنتقد تركيا في حد ذاتها، لكني انتقدت كل الأفعال. ولكن بصفته وزير خارجية الولايات المتحدة هو ملزم بإدراج جميع انتهاكات المجال الجوي التركي ضد اليونان.

كما تدعي الحكومة اليونانية أن جزرها الصغيرة الواقعة على الجرف القاري التركي يجب أن تتمتع بنفس الحقوق السيادية مثل البر الرئيسي المجاور لها. وتزعم أن البحار الممتدة بين تلك الجزر الصغيرة إلى البر الرئيسي اليوناني، تخضع أيضاً للسيادة اليونانية. ولكن لماذا لا تقدم المملكة المتحدة على سبيل المثال مثل هذه الادعاءات السخيفة ضد فرنسا التي تقع العديد من الجزر البريطانية على جرفها القاري. وهناك العديد من الأمثلة المشابهة لمثل هذه البحار التاريخية.

وأتساءل إن كان بلينكن قد قرأ المذكرة التركية بشأن نزاع بحر إيجة؟ والجواب المنطقي لا، لم يفعل. ويبدو أن نائبته فيكتوريا نولاند لم تفعل ذلك أيضاً خلال سنوات عملها الطويلة في وزارة الخارجية.

وإذا فهمنا لماذا قام 40% من أعضاء مجلس النواب بإرسال خطاب مفاده أن الرئيس رجب طيب أردوغان تسبب في توتر العلاقات التركية الأمريكية قبل أن يدلي الوزير بشهادته أمامهم، فسنفهم حينها لماذا يبدو الوزير ملزماً بالحديث عن انتهاكات القانون الدولي من قبل تركيا.

لا بد أن يكون بلينكن قد لاحظ المصادفة بين الرسالة التي تلقاها وشعار أوقفوا أردوغان المنتشر في جميع أنحاء الولايات المتحدة. كما أنه من السهل عليه التعرف على أوجه التشابه بين الذين قاموا بزيارة أعضاء مجلس النواب طالبين منهم التوقيع على الرسالة والأشخاص الذين نظموا مبادرة أوقفوا أردوغان. إنهم ينتمون لوكالة إعلانات ليست صغيرة بل هي مدعومة برأس مال أولي بقيمة 64000 دولار وتقع في أحد أحياء ماريلاند.

وكذلك يتعين على بلينكن أن يطلب من المحامين العاملين معه أن ينفضوا الغبار عن مئات الملفات والمجلدات حول منظمة غولن الإرهابية التي لا زالت تركيا ترسلها منذ عام 2013. لأنه ووزارة خارجيته لن يكونوا قادرين على مناقشة أي قضية مع تركيا بوجود الملايين من الدولارات التي تدرها مدارس غولن المستقلة في الولايات المتحدة والتي تتكدس في جيوب أعضاء المنظمة الإرهابية كل عام. وسيواصل غولن الإرهابي التأثير على المستويين المحلي والفيدرالي.

لقد سممت جماعة غولن الدموية العلاقات الثنائية التركية الأمريكية وعززت التصور السائد في تركيا بأن الحماية التي تتلقاها هذه الجماعة الإرهابية من الحكومة الأمريكية يمكن أن تستخدم كسلاح ضد بلادنا، الأمر الذي يجعل المحادثات الثنائية صعبة للغاية.

حتى المزاعم الأمريكية المتعلقة بالأمن بشأن نظام الدفاع الجوي إس-400 الذي اشترته تركيا من روسيا يُنظر إليها في تركيا على أنها حيلة أمريكية للتعتيم على طلب تركيا تسليم زعيم غولن الإرهابية.

وإلا فما الذي يمكن أن يعيق اعتقاد بلينكن بأن تركيا تسعى لحل مشاكل بحر إيجة سلمياً ودبلوماسياً وليس عسكرياً ولا من خلال الأعمال الاستفزازية بخلاف شبح منظمة غولن الإرهابية المخيم على العلاقات بين البلدين؟

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.