من يحتاج للأعداء مع وجود صديق مثل الولايات المتحدة

إسطنبول
نشر في 18.12.2020 12:11

لتركيا تاريخ مؤلم مع الولايات المتحدة الأمريكية. رغم سلسلة الاتفاقيات التي وقعت خلال حكم رئيس الوزراء السابق "عصمت إينونو"، ووضعت البلاد في مصاف الولايات المتحدة في مواجهة التهديد السوفيتي.

ومن أهم الأدلة على نظرة الولايات المتحدة لتركيا على أنها "دولة تابعة"، تلك النظرة التي ارتبطت بخيوط المعركة لاحقاً، وهي الحادثة التي سُجّلت في التاريخ باسم "رسالة جونسون".

كانت الرسالة المذكورة التي أرسلها الرئيس الأمريكي السابق "ليندون جونسون" في يونيو 1964 إلى رئيس الوزراء التركي آنذاك "إينونو"، بعيدةً كل البعد عن الخطاب الدبلوماسي، حتى أن حزب الشعب الجمهوري لم يكشف عن نصها الحرفي للشعب إلا بعد أن فقد السلطة.

وقال "جونسون" بشكل مباشر وموجز في الرسالة سيئة السمعة "لا تفكر مجرد التفكير في التدخل في قبرص. وإلا سيموت عشرات الآلاف من القبارصة الأتراك. وإذا فعلت ذلك، فلن يكون بإمكانك استخدام الإمدادات العسكرية الأمريكية بموجب الاتفاقية التي أبرمناها عام 1947".

ومنذ ذلك الحين لم يتغير شيء وبقي الوضع على حاله إلى أن تولى حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا مع أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكانت تركيا وقتئذٍ دولة تطرق أبواب إسرائيل من أجل تحديث دباباتها، وتعتمد على الولايات المتحدة في إنتاج الطائرات بدون طيار.

أما اليوم فقد وصلت صناعة الدفاع التركية إلى معدل محلي يبلغ الـ70%. لكنها لا زالت تسعى لامتلاك نظام دفاع جوي خاص بها. وقامت أنقرة في العقد الماضي بعدة محاولات لشراء نظام الدفاع الجوي "باتريوت" من الولايات المتحدة. ومع ذلك رفضت واشنطن هذا الطلب في عدة مناسبات متذرعة بقضايا مثل نقل التكنولوجيا.

ومن المهم ملاحظة أن شركة "يوروسام" الإيطالية الفرنسية أبدت استعدادها لنقل معلومات التصميم الهامة إلى شركات الدفاع التركية. ولذلك منحت تركيا في يناير 2018 عقد تعريف نظام الدفاع الجوي والصاروخي التركي بعيد المدى لشركة "يوروسام" و"أسلسان" و"روكيتسان".

ومن المعروف أن تركيا لا تعارض توقيع صفقة نظام دفاع جوي مع حلفائها الغربيين. لكن عدم رغبة الولايات المتحدة بمشاركة التكنولوجيا الخاصة بالتحالف الغربي مع تركيا، دفعت أنقرة للتوجه نحو روسيا وشراء نظام الدفاع الجوي

إس-400.

ووقفت الولايات المتحدة في غضون ذلك مكتوفة الأيدي لبعض الوقت، ثم قامت بتوجيه تهديدات عرضية مثل "ستكون هناك عواقب"، لكنها لم تقدم أبداً أية بدائل حقيقية لتركيا.

إن إحجام واشنطن عن فهم إحباط تركيا الناتج عن عدم قدرتها على شراء أنظمة "باتريوت"، بالإضافة إلى قرار سحب حلفاء الناتو مثل ألمانيا صواريخ "باتريوت" من تركيا، أجبر الرئيس رجب طيب أردوغان على اللجوء إلى روسيا للتوصل إلى حل.

واليوم يبدو قرار الإدارة الأمريكية بالمضي قدماً في العقوبات ضد تركيا في إطار قانون عقوبات مواجهة أعداء أمريكا المسمى اختصاراً "CAATSA"، على وشك التحول إلى منعطف حاسم ليس بالنسبة لمسيرة العلاقات التركية الأمريكية فحسب بل بالنسبة لمستقبل الناتو أيضاً.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.