ربما يحدث حادث مريع مع أحدهم، فلا يعلم بدايةً ما الذي أصابه؛ ولكن وبعد فترة معينة يبدأ يشعر بالألم وبصدمة الحادثة... وهذا ما حصل الآن مع تركيا بعد القمة التي جمعتها مع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، والمتعلقة باللاجئين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر تركيا.
تعمد تنظيم بي كا كا الإرهابي أو مؤيدوه في بلجيكا تشييد خيمة، مباشرة خلف البناء الذي تمت فيه استضافة القمة التركية الأوروبية؛ وعرض المنظمون في الخيمة صوراً لزعيم التنظيم المسجون عبد الله أوجلان وإرهابيي التنظيم المقتولين في تركيا بما في ذلك الانتحاريين في الهجوم الارهابي الذي راح ضحيته العديد من المواطنين الأبرياء في أنقرة مؤخراً.
وعندما اعترض المسؤولون الأتراك على ذلك، ردت السلطات البلجيكية بقولها أنهم لا يستطيعون إزالة الخيمة لأنهم يعدون ذلك اغتصاباً لحرية التعبير. ومع استمرار القمة، بقيت الخيمة مفتوحة، بعد إزالة بعض الصور، ومنها صور الانتحاريين، لتبقى الخيمة مفتوحة إلى ما بعد القمة.
كان ذلك إهانة واضحة لتركيا وللشعب التركي وطبعاً لرئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي كان يترأس الوفد التركي في القمة الأوروبية التركية. وتواصلت فعاليات القمة، واستمرت معها الإهانة.
إذا كانت قضية المهاجرين مهمة جداً لأوروبا، والأوروبيون متحمسون جدا لحل المشكلة؛ كان على بعثتنا الإصرار على إزالة الخيمة قبل الشروع في مناقشة أي موضوع.
ماذا كان سيكون رد فعل المجتمع الدولي لو أن تركيا سمحت بتشييد خيمة ملاصقة للبناء الذي كان يستضيف قمة مجموعة العشرين في أنطاليا، تشجع تنظيم داعش الإرهابي، وتعرض صور وحوش داعش وهم يقطعون رؤوس الأبرياء؟ هل سيجدون ذلك مناسباً؟ هل سيكون ذلك لائقاً؟ إذا كان ذلك غير مناسب وغير لائق، فكيف تسمح بلجيكا وشركاؤها في الاتحاد الأوروبي لمثل هذا الأمر أن يحدث أمام البناء الذي من المفترض أن تقام فيه القمة التركية الأوروبية؟
من حق الشعب التركي أن يتساءل:
نحن مطالبون بتجنيب الاتحاد الأوروبي هجرة السوريين غير الشرعية، ومطالبون بتقديم التضحيات العظيمة باستمرار؛ ثم يتم إهانتنا بهذا الشكل.. هذا بالفعل كثير جداً.
يريد الشعب التركي أن يعرف ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يعتبر حقا تنظيم بي كا كا منظمة إرهابية أم أن أحاديثهم كلها كانت لخداعنا.
فالطريقة التي يؤيد بها مختلف السياسيين من دول الاتحاد الأوروبي تنظيم بي كا كا تدفع الأتراك للتساؤل عن صدق "الصراع" الذي يتظاهر الغرب بالقيام به ضد التنظيم.
كما أن العثور على العديد من الأسلحة المصنوعة في دول الاتحاد الأوروبي بحوزة إرهابيي بي كا كا فتح عيون الشعب التركي.
ويرى العديد من الأتراك أنه لا يجب علينا أن ننخدع برسائل التعزية المقدمة من طرف رؤساء الاتحاد الأوروبي بعد كل هجوم إرهابي في أنقرة أو اسطنبول بينما يستمر دعم تلك الدول لتنظيم بي كا كا الارهابي.
لقد قال رئيس الجمهورية رجب طيب اردوغان بكل صراحة أنه لا يثق بصدق الدول الأوروبية. وهذا هو الرأي النامي بين الجماهير التركية.
إن المعايير المزدوجة لدول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى ضعفهم في معالجة قضية اللاجئين السوريين، وخصوصاً الطريقة التي أظهرت بها قلة احترامهم للقيم الإنسانية التي يتغنون بها، تشكل خيبة أمل كبيرة للأتراك.