بعد مئة يوم: الأزمة الخليجية.. مواقف ودور الإعلام التخريبي

اسطنبول
نشر في 16.09.2017 00:00
آخر تحديث في 16.09.2017 22:23

أما بالنسبة إلى تركيا، فأنقرة منزعجة جداً من اندلاع هذه الأزمة واستمرارها، وترى أنها لا تخدم مصلحة أي من هذه الأطراف، بل تضرها جميعاً، كما أن استمرار هذه المشكلة قد يخاطر بعلاقات تركيا مع بعض هذه الأطراف.

مرّ أكثر من مئة يوم على بدء الأزمة بين قطر من جهة، وبين عدد من الدول الخليجية ومصر من جهة أخرى، دون أيّ بوادر على الانفراج في الأفق، وسط تمسك كل من الطرفين بمواقفهما السابقة. وزال التفاؤل بسرعة بحصول الانفراج مع الاتصال الهاتفي بين أمير قطر الشيخ تميم وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إثر الخلاف على طبيعة هذا الاتصال.

اندلعت الأزمة بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة، وهناك إشارات ودلائل قوية على إعطاء الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لهذه الحملة ضد قطر، للضغط عليها لأجل تغيير سياساتها المزعجة أحيانا لواشنطن والدول العربية الأربع المقاطعة لها. تصريحات ترامب في بدايات الأزمة أكبر دليل على أنه من أعطى الضوء الأخضر لهذه الحملة.

طبعاً الولايات المتحدة دولة المؤسسات، سرعان ما تدخلت وزارة خارجيتها والبنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) لاستدراك خطأ ترامب وهرولته، لموازنة المواقف الأمريكية. بعد مرور قرابة مئة يوم، يبدو أن ترامب كذلك فهم خطورة استمرار الأزمة وتفكك بنية مجلس التعاون الخليجي على المصالح الأمريكية، إذ اتصل مع قادة الخليج لحثهم على الحوار والجلوس إلى طاولة الحوار لإنهاء خلافاتهم فيما بينهم.

ما لا شك فيه أن نجاح جهود وساطة الكويت مرهون بمواقف الإدارة الأمريكية الصريحة والحاسمة من استمرار هذه الأزمة.

أما بالنسبة إلى تركيا، فأنقرة منزعجة جداً من اندلاع هذه الأزمة واستمرارها، وترى أنها لا تخدم مصلحة أي من هذه الأطراف، بل تضرها جميعاً، كما أن استمرار هذه المشكلة قد يخاطر بعلاقات تركيا مع بعض هذه الأطراف.

اندلاع الخلاف بين هذه الدول الصديقة لتركيا كان في حد ذاته محرجاً بالنسبة إلى أنقرة، إذ تمتلك تركيا علاقات متميزة مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي، فحرصت أنقرة على تبني خطاب الحياد الإيجابي مع أطراف الأزمة، وانضمت إلى جهود دولة الكويت في وساطتها لإنهاء الخلاف. وزار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المنطقة والتقى قادتها. من جهة أخرى فإن أنقرة مع حرصها على إظهار خطاب الحياد مالت إلى جانب قطر، فرفضت حصارها، وقامت بتلبية احتياجاتها الغذائية بأسرع وقت بُعَيد إغلاق السعودية حدودها البرية والجوية والبحرية معها. كما سارعت بإرسال جنود أتراك في إطار الاتفاقية العسكرية المشتركة بين البلدين. يقول بعض المراقبين إن مسارعة أنقرة بإرسال جنود لها إلى قطر أحبط مخططات الانقلاب، أو احتمال تدخل عسكري في الدوحة.

ليست الحكومة التركية فحسب، بل الرأي العام التركي كذلك يميل إلى مواقف قطر، والسبب في ذلك ربما يعود إلى الفعاليات والنشاطات القطرية في تركيا، ويبدو أن جهود السفير السعودي الشخصية بأنقرة لم تغير نظرة الرأي العام التركي، كما يبدو أن اللوبي القطري أكثر تأثيراً من اللوبي السعودي في تركيا.

إيران هي الأخرى رفضت حصار قطر، وقدمت لها تسهيلات مرورية وتجارية، رغم الخلافات السابقة بين البلدين، وسحب الدوحة سفيرها من طهران تضامناً مع الرياض في خلاف الأخيرة مع إيران.

من هنا أريد التطرق إلى دور الإعلام السلبي في تصعيد الخلاف وإشعاله بين هذه الدول المختلفة. في الحقيقة إن التراشق الإعلامي المتبادل لم يساعد ولم يساهم أبداً في حل الأزمة بل زادها عمقاً وترسيخاً أكثر فأكثر، الحملات الإعلامية ونظيرتها المضادة حولت الخلاف السياسي إلى أبعاد أخرى ربما أكثر خطورة!

منذ اندلاع الأزمة نرى القنوات الإخبارية الكبرى تكاد تخصص نصف نشراتها الإخبارية للهجوم على الطرف الآخر، أو للرد على ذلك الهجوم، وفي كثير من الأحيان يتم تحريف الحقائق والوقائع بما يخدم مواقف هذا الطرف أو ذاك.

أنا شخصياً كنت أتجنب الخوض في هذا الخلاف الداخلي بين الأشقاء العرب، ولكن حصل أن أجرت وسيلة إعلامية من المنطقة لقاء معي حول هذا الموضوع ثم حرّفت كلامي وأخرجته عن صياغته بما يناسب وجهة نظرها!

نحن كطرف صديق لجميع هذه الدول والشعوب علينا القيام بواجب الصداقة، وهو السعي الجادّ للمصالحة بين الأشقاء، ولا يصح أن نكون جزءاً من المشكلة، بل علينا أن نكون جزءاً من الحل.

في الواقع حلحلة الأزمة ليست مستعصية، تقول دول المقاطعة الأربع إن سياسات الدوحة تزعجها وتضر مصالحها، بينما تؤكد الدوحة استقلالها وسيادتها. والحل عدم الإضرار بالآخر، واحترام استقلال وسيادة جميع الأطراف. في النهاية أقول: الصلح خير.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.