موقف أنقرة من أحداث إيران

اسطنبول
نشر في 03.01.2018 00:00
آخر تحديث في 03.01.2018 21:52

مند مطلع عام 2011 شهدنا كيف استغلت قوى الغرب الشريرة حراك الشعوب المقهورة لإضعاف بلدان المنطقة وتمزيقها وتقسيمها. تم إضعاف مصر وتمزيق السودان والعراق وسوريا والآن محاولة تمزيق إيران، وغدا..؟

تركيا تراقب عن كثب ما يحدث في إيران منذ أسبوع، من مظاهرات واحتجاجات وأحداث عنف أسفرت حتى الآن عن عشرات القتلى ومئات المصابين من المدنيين ورجال الأمن، وفي اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسن روحاني أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضرورة المحافظة على السلم والاستقرار الاجتماعي في الجارة إيران.

في حين دعا نائب رئيس الحكومة التركية والمتحدث باسمها، بكر بوزداغ، الحكومة والشعب الإيرانيين إلى التحرك بحصافة وحذر لمواجهة "الفخاخ المنصوبة والتي ستنصب لهم"، وذلك في تعليقه على الأحداث هناك. كما طالب بوزداغ الإيرانيين بمواجهة التحريض والاستفزازات، للحفاظ على هدوء وسلامة واستقرار بلدهم.

فيما أشار وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو إلى أن المظاهرات في إيران يؤيدها كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مستنكراً التدخل الخارجي في الشأن الإيراني الداخلي. وأن الرئيس الأمريكي يقوم بالتحريض اليومي للشعب الإيراني ضد السلطة هناك.

كذلك بعض الدول العربية التي لها ثأر مع نظام الملالي في طهران تدعم هذه الاحتجاجات وتسميها بـ"الربيع الإيراني" في تناقض جلي مع مواقفها من "الربيع العربي".

أما تركيا التي دعمت مطالب الشعوب العربية بالحرية والكرامة فتتابع تلك الأحداث وتدعو الحكومة والشعب الإيرانيين إلى توخي الحذر وعدم الانجرار إلى الاقتتال الداخلي. هنا الموقف التركي يثبت أن صناع القرار في أنقرة قد تعلموا دروسا كثيرة من أحداث الربيع العربي عامة وأحداث سوريا خاصة.

كما هو معلوم أن أحداث الربيع العربي بدأت كحراك شعبي ضد نظم الاستبداد في عدد من الدول العربية، لقد دعمت تركيا مطالب الشعوب المشروعة في التغيير ولكن مع تطور الأحداث وتدخل الجهات المعادية للشعوب ومطالبها المشروعة تحولت تلك الأحداث ضد البلدان والشعوب ومطالبها معاً..

وفيما وصلنا إليه فتركيا هي البلد المتضرر الأول من تداعيات تلك الأحداث وما زالت تدفع الفاتورة غالية، أكثر من أربعة ملايين لاجئ، كيان إرهابي انفصالي على حدودها الجنوبية، توتر مستمر مع عدد من الدول.

تركيا مع شعبها تعبت من متاعب المنطقة، وتريد المحافظة على استقرارها ومواصلة تنميتها وتقدمها..

إيران والعراق وسورية دول جارة لتركيا وبين هذه الدول والشعوب روابط كثيرة متنوعة مع تركيا بحيث كل ما يحدث في الجوار يؤثر على بلاد الأناضول سلباً أو إيجابا. لن يكون من المستغرب تدفق ملايين الإيرانيين نحو الأراضي التركية في حال –لا سمح الله- حدوث صدامات واسعة أو اندلاع حرب أهلية في إيران، كما حصل في سورية والعراق. إضافة إلى تداعيات سلبية أخرى كثيرة لا يمكن لتركيا تحملها! ليس بمقدور تركيا مواجهة جميع الأنظمة الديكتاتورية لتساعد شعوب هذه البلدان على نيل حريتها وكرامتها! ولابد للشعوب من إيجاد طرق سلمية للمطالبة بحقوقها.

من جهة أخرى مند مطلع عام 2011 شهدنا كيف استغلت قوى الغرب الشريرة حراك الشعوب المقهورة لإضعاف بلدان المنطقة وتمزيقها وتقسيمها. تم إضعاف مصر وتمزيق السودان والعراق وسوريا والآن محاولة تمزيق إيران، وغدا ...؟

طبعا لا أنكر حق الشعوب في المطالبة بحقوقها ولكن أدعو إلى الحذر واجتناب الاقتتال الداخلي وضرورة رفض التدخل الخارجي وعدم تصديق القوى الخارجية.. على الشعوب الرهان على نفسها بدلا من الرهان على الخارج!

وما أحداث سورية ببعيدة عن أنظارنا، نتذكر جيدا كيف أعلنت الدول الغربية والولايات المتحدة دعمها لمطالب الشعب السوري المظلوم ثم تركوه مع آلة القتل للنظام وحلفائه من الروس والإيرانيين.

تأكيد الاستقرار ليس منبعه حب هذه الأنظمة المستبدة بل حب سلامة واستقرار المنطقة وشعوبها.. وعلى شعوب المنطقة إيجاد طرق للتغيير أقل ضررا... وأعلم أن التغيير السلمي في النظم الاستبدادية يكاد يكون مستحيلا!.

هذا فيما يتعلق بموقف تركيا أما على المستوى الشخصي فأرى أن الطابع القمعي والفاسد لنظام الملالي في طهران أضر بالشعب الإيراني كثيراً في كافة المجالات، أما الطابع التمددي له فأضر بدول وشعوب المنطقة وأثارت كرهها تجاه إيران.. آمل أن تكون هذه الأحداث دافعاً وسبباً في تغيير النظام الإيراني سياساته داخلياً وخارجيا بشكل إيجابي لتصبح إيران دولة مسالمة لجوارها.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.