أتراك أوروبا يلقنون القارة العجوز دروسا في الديمقراطية

إسطنبول
نشر في 11.04.2017 00:00
آخر تحديث في 11.04.2017 22:01

لطالما ادعت دول الاتحاد الأوروبي كونها "حصوناً من الديمقراطية" المنيعة في العالم، وحتى دول من خارج الاتحاد مثل سويسرا التي تدعي باستمرار أنها أكثر ديمقراطية من الاتحاد الأوروبي نفسه، كل أولئك فشلوا في اختبار الديمقراطية بعد تدخلاتهم المناهضة للديمقراطية جراء الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه في تركيا حول تعديلات دستورية في البلاد.

تزعم هذه البلدان أنها تمارس ديمقراطية قوية ومع ذلك فهي تقدم جميع أنواع الحريات إلى التنظيمات والجماعات العنصرية والفاشية والكارهة للأجانب والتي تريد أن تدفع أوروبا للعودة إلى الأيام المظلمة لهتلر وموسوليني. وقد وضعوا الديمقراطية جانبا في كل مرة حاولت فيها تركيا ممارسة خيارها الديمقراطي.

وفي حين لم تحظر أي من التجمعات والاجتماعات الدعائية لهذه الأحزاب والجماعات العنصرية والفاشية والكارهة للأجانب، فإن الدعاية التركية المؤيدة لخيار "نعم" في الاستفتاء القادم تواجه جميع أنواع العقبات. والمقاييس الوحيدة التي تطبقها هذه البلدان هي عندما تكون الأحزاب والجماعات التي تعد أعداء للإنسانية وتروج للإسلاموفوبيا في أوروبا وتروج للعداء ضد المسلمين والأتراك، فهي تخصص قوات الشرطة لحماية التجمعات. ومن ناحية أخرى، تستخدم الكلاب والشرطة لمنع التجمعات المؤيدة للتصويت بـ "نعم"، وهو مطلب ديمقراطي طبيعي لأولئك الذين يريدون من تركيا أن تعتمد دستورا جديدا.

وأيا كانت حرية المجموعات العنصرية والفاشية وكره الأجانب، فقد حرم الأتراك الأوروبيون الذين أرادوا فقط أن يعتمد بلدهم دستورا أكثر ديمقراطية من التعبير عن رأيهم بعد حظر تجمعاتهم. غير أن أعضاء تنظيم بي كا كا الإرهابي قاموا بتنظيم مسيرات فى مختلف المدن الأوروبية بما فيها فرانكفورت وبروكسل وأمستردام للترويج لحملة التصويت بـ"لا" في الاستفتاء.

إن وصول أحد قادة التنظيم الإرهابي في سوريا والذي يعتبر الذراع السوري لتنظيم بي كا كا الإرهابي، إلى تجمع جماهيري بأوروبا لإلقاء الخطب لم يزعج أو يقلق الدول التي "تدين الإرهاب". لقد كانت مثل هذه الإجراءات جيدة لأنها شنت حملة من أجل التصويت بـ "لا". لقد كانت الدعاية لمؤيدي التصويت بـ "لا" كافية لهم للتمتع بجميع أنواع الحريات الديمقراطية. وكل ما كان متاحا للمجموعات العنصرية والفاشية وكارهة الأجانب فهو محظور على الأتراك الأوروبيين الذين عاشوا في أوروبا منذ عقود في سلام ووئام.

قام ممثلو تنظيم بي كا كا الإرهابي وتنظيم غولن الإرهابي، الذين يخشون المزيد من الديمقراطية في تركيا ولا يريدون تركيا أقوى وأكثر ديمقراطية، بتنظيم حملتهم بكل حرية ضد الاستفتاء. لكن وزراء من تركيا، التي هي عضو في الناتو وعضو محتمل في الاتحاد الأوروبي، منعوا من التحدث في التجمعات. وإضافة إلى ذلك، منعت هولندا هبوط طائرة تحمل وزيرا تركياً، بل ذهبت أبعد من ذلك بترحيل وزير تركي وبذلك أصبحت بمثابة كوريا الشمالية في أوروبا مع تصرفاتها المناهضة للديمقراطية والتي تنتهك أيضا جميع قواعد الدبلوماسية.

وكان أعضاء تنظيمات كل من بي كا كا الإرهابي و ب ي د الإرهابي و غولن الإرهابي قد استخدموا حقهم في التحرك بحرية في أوروبا التي منعت دخول الوزراء الأتراك الذين كانوا سيتحدثون إلى حملة التصويت بـ "نعم" في الاستفتاء.

من المؤكد أن الإرهابيين من التنظيمات المذكورة لم يكونوا خائفين من القبض عليهم بينما كانوا يتكلمون عن تهديدات للمواطنين الأتراك إذا صوتوا ضد الدستور الجديد، في ألمانيا والنمسا وفرنسا.

ولم تبدِ الشرطة السويسرية أي تحرك ضد لافتات تشجع على اغتيال الرئيس رجب طيب أردوغان في سويسرا. ومع ذلك، تم إلغاء التجمعات المؤيدة للتصويت بـ "نعم" التي قام بها الأتراك السويسريون، الذين قدموا إسهاما كبيرا لسويسرا.

هل هذا مثال عظيم للديمقراطية؟

مع الأسف يا أوروبا لقد فشلتِ في هذا الاختبار الديمقراطي.

ثم ينتقدون الرئيس أردوغان لاستخدامه لغة قاسية بينما هم يحرمون الأتراك الأوروبيين من حقوقهم الديمقراطية، مثل الحق في التجمع، ويمنعون دخول وزراء من تركيا، التي تمثل سوقهم الاقتصادي الأكبر، ويقومون بترحيل وزراء في بلد هو حليفهم في الناتو، وله ثاني أكبر قوات مسلحة في هذا الحلف. وقد حظروا تجمعات المواطنين الأتراك المؤيدين للتصويت بـ "نعم"، وهي -تركيا- دولة تقاتل داعش وتحاول مساعدة أوروبا بتحرير سوريا من داعش الإرهابية.

إنهم يؤيدون أولئك الذين يتبنون العداء ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بفضل 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا بدلا من أوروبا.

دعموا تنظيم غولن الإرهابي، التنظيم الذي يقف وراء محاولة الانقلاب الأكثر فتكا في تركيا في 15 يوليو 2016، إضافة إلى أنهم يمنحون الحق في اللجوء لأعضاء التنظيم الإرهابي المذكور.. وهم يسمحون لإرهابيي تنظيم بي كا كا بتنظيم أنفسهم بحرية في بلدانهم. وعلى رأس ذلك، يحاولون التلاعب باستفتاء الدستور الذي سيجرى في 16 أبريل / نيسان!

ماذا يمكن أن نتوقع؟ لقد شاهدتُ الملايين في مسيرات أردوغان وحضرت كمتحدث في مسيرات في العديد من المدن، وللأسف إن المواطنين الأتراك لا يريدون حتى سماع اسم الاتحاد الأوروبي.

إنهم غاضبون من الاتحاد الأوروبي ككل، ومن ألمانيا وبلجيكا والنمسا وسويسرا وهولندا على وجه الخصوص. إذا كان هذا قد نفذ عن قصد، إذن فمهمتهم قد أنجزت. لم يعد المواطنون الأتراك يؤمنون بالاتحاد الأوروبي، وهو أمر مشين لأن تركيا لا تزال تتمسك بالتزاماتها بالانضمام إليه. ولكن كيف يمكن للحكومة أن تتصرف بما يتعارض مع إرادة مواطنيها؟

لقد توجه الأتراك الأوروبيون للإدلاء بأصواتهم يوم الاثنين في الاستفتاء على الرغم من كافة القيود والتهديدات، ووصل عدد المشاركين إلى 1.4 مليون شخص. ومن المتوقع أن يرتفع معدل المشاركة إلى 1.45 مليون بحلول 16 أبريل.

هذا درس في الديمقراطية من الأتراك الأوروبيين إلى أوروبا. إذ التزم حوالي 1.5 مليون ناخب بقواعد الديمقراطية. وقد دفعت القيود التي فرضتها أوروبا عليهم إلى مزيد من التحفيز للمشاركة.

أنا متأكد أن 70% على الأقل من الأصوات ستكون "نعم" في 16 أبريل. نأمل أن تكون الرسالة قد وصلت إلى أوروبا.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.