لماذا يواصل الاتحاد الأوروبي تأجيل "أجندته الإيجابية" مع تركيا؟

نشر في 29.06.2021 13:20

اكتسبت العلاقات عبر الأطلسي زخماً جديداً في ظل رئاسة جو بايدن، وجاء جدول الأعمال الدبلوماسي مزدحماً لشهر يونيو/حزيران بعد أن عقد زعماء الاتحاد الأوروبي اجتماعاً آخر رفيع المستوى بُعيد اجتماعات قمة مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران 2021.

وبالرغم من الحماس الذي أبدته واشنطن للعمل مع حلفائها في القارة الأوروبية، إلا ان الآثار المدمرة لإرث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إضافةً لتداعيات الفيروس المستجد لم يتخلص منها حتى الآن، وبدت المشاعر متضاربة في أوروبا حول تعزيز التعاون مع واشنطن، خاصة في السياسة الخارجية وقضايا الأمن.

وبهدف الحفاظ على اللهجة الإيجابية في العلاقات عبر الأطلسي، أجلت بعض الموضوعات المثيرة للجدل مثل كيفية التعامل مع الصين وكذلك التعاون الاقتصادي والتنسيق الدولي سعياً للتعافي بعد جائحة كورونا.

وكان من أبرز نقاط الخلاف بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كيفية التعامل مع روسيا وحدود استقلالية الاتحاد الأوروبي في السياسة الخارجية والدفاع.

ففي الوقت الذي تدافع فيه دول البلطيق وبولندا وجمهورية التشيك ورومانيا عن نهج أكثر تشدداً ضد موسكو، تدعم كل من ألمانيا وفرنسا نهجاً إيجابياً ومشروطاً للتعامل معها يترك مساحة للحوار، ما يجعل هذه القضية ماضيةً في تفتيت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال السنوات القادمة.

ومع أن بايدن ذهب بعد قمة حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلى جنيف للتحدث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بثقة أكبر، لكن من الواضح أن القضية بالنسبة لموسكو ستظل تشكل خلافاً بين بروكسل وواشنطن ما يجعل هدف احتوائها من الاتحاد الأوروبي باستخدام نهج متعدد الأوجه غير محبذ. وإذا ما اتبعت موسكو مناهج دبلوماسية ذكية ومتوازنة وبناءة مع الأعضاء الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي، فإن الانقسام داخل الاتحاد يمكن أن يتعمق أكثر.

ومع ذلك، فإن موجةً أخرى من التحركات الدبلوماسية والعسكرية العدوانية من الجانب الروسي كفيلة بتوحيد وتعزيز موقف اللاعبين الأوروبيين ضد موسكو.

وكانت مكافحة جائحة الفيروس المستجد وخطة التعافي الاقتصادي بعدها إنجازاً آخر من الإنجازات الرئيسية لقمة القادة الأخيرة وقد قطع قادة الاتحاد الأوروبي خطوات ملحوظة بالاتفاق على خطة التعافي التي تتوافق أيضاً مع التحول الأخضر.

ولكن ماذا بشأن العلاقات مع تركيا؟

بالنسبة لتركيا، فشلت قمة القادة الأخيرة في التعهد بأي خطوات بناءة، وكانت القمة في الواقع خيبة أمل كبيرة لأنقرة التي استعدت لإعادة تنشيط العلاقات مع بروكسل.

لقد فشل خطاب الأجندة الإيجابي في تحقيق نتائج ملموسة مع تركيا، وصار من الواضح الآن بالنسبة للكثيرين أن "أجندة الاتحاد الأوروبي الإيجابية" المفترضة لم تكن صادقة وذكرت فقط لاحتواء جهود أنقرة المستقلة.

فبالرغم من البنود التسعة التي ورد ذكرها في الإعلان الختامي والمتعلقة بتركيا، لم تذكر أي من هذه البنود تركيا كبلد مرشح للعضوية ولم تكن هناك خطوات ملموسة للتأكيد على وجود خطة إيجابية مع البلاد. حتى الحوار مع أنقرة تم ربطه بشروط معينة مع أن تركيا لا تحتاج لشروط للتحدث مع نظرائها الأوروبيين.

ولم تكن هناك إشارات محددة تدل على بيان الاتحاد الأوروبي وتركيا الصادر في 18 مارس 2016، بالرغم من ذكر مساعدة المهاجرين السوريين في البيان الختامي. لكن التعاون في مجال الهجرة ليس خطوة جديدة بالنسبة لتركيا.

كما لم تتخذ أي من الخطوات التي وعد بها الجانب الأوروبي لتطبيع العلاقات مع تركيا مثل تحرير التأشيرات وتحديث الاتحاد الجمركي وإعادة تنشيط عملية الانضمام والتعاون الفعال في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية.

ألا يوجد أي تغيير منذ عام 2016؟

يبدو أن النقاط الرئيسية في بيان الاتحاد الأوروبي وتركيا الصادر في 18 مارس 2016 بعيدة كسراب في الأفق.

لكن ماذا بشأن تركيا التي تواصل التزاماتها المتعلقة بالهجرة وجهودها المبذولة للحد من التوترات في شرق المتوسط؟

لقد تحولت الفترة القصيرة من التفاؤل والحماس التي أثارها الحديث عن الأجندة الإيجابية في المجتمعات المدنية وكذلك الجهات الرسمية، إلى خيبة أمل بسبب تسويف الاتحاد الأوروبي المستمر.

وبالنظر إلى التشكيك بالنوايا الأوروبية الراسخ في تركيا، بدا الأوروبيون هم الملامون حصراً إذ من الأمور المثبتة لدى الشعب التركي أنه عندما لا تتحرك العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى الأمام، فإنها تميل إلى العودة إلى الوراء.

وقد تكون بعض الدول الأعضاء في الاتحاد سعيدة بتدهور العلاقات بين الأوروبيين وتركيا، لكن الحفاظ على الجمود السلبي سيضعف أيضاً الموقف الاستراتيجي طويل المدى للاتحاد الأوروبي.

وستكتسب الأصوات المتشككة في أوروبا والمنتقدة في تركيا المزيد من الحجج في أعقاب قرارات القادة الأوروبيين غير العادلة المتعلقة بتركيا.

أما الموقف الرسمي في تركيا فيستند إلى حقيقة أن "أجندة الاتحاد الأوروبي الإيجابية" فيما يتعلق بتركيا "غير صادقة". الأمر الذي من شأنه أن يجعل النهج التركي التعاوني في العلاقات الثنائية أكثر صعوبة مما كان عليه قبل 6 أشهر عندما كانت بعض الآمال تلوح في الأفق.

ويبقى المستفيدون من هذا النهج غير الصادق هم الدوائر المعادية للأتراك في أوروبا، والدائرة المشككة بصدق أوروبا الآخذة في الاتساع في تركيا.

ختاماً يتعين على قادة الاتحاد الأوروبي التوقف عن الاختباء وراء مزاعم القبارصة الروم واليونانيين كذريعة لتأخير تحسين العلاقات مع تركيا.

إن مصداقية "الأجندة الإيجابية" على المحك. وإذا ما استمر هذا الموقف الرسمي غير الصادق قد تفقد أنقرة والشعب التركي بكافة أطيافه الاهتمام والحماس لقضية تحسين الحوار والتعاون مع الاتحاد الأوروبي.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.