صفقة انجيرليك على حافة الانهيار

نشر في 24.08.2015 00:00
آخر تحديث في 24.08.2015 17:50

يبدو أن حزب الشعوب الديمقراطي قد يعارض قرار تفويض الجيش، الذي يضم انشاء منطقة آمنة خالية من عناصر تنظيم الدولة، لمجرد أن ذلك يخالف مصالح تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي، بغض النظر عن كون القرار ضربة كبيرة لتنظيم الدولة (داعش).

إن الاتفاقية بين تركيا والولايات المتحدة حول قاعدة انجيرليك الجوية، تشكل نقطة تحول في الحرب على تنظيم الدولة (داعش). وقد سمحت الحكومة التركية لقوات التحالف باستخدام القاعدة الجوية التي تبعد دقائق معدودة عن قواعد تنظيم الدولة في شمال سوريا. وبحسب مصادر فإن الاتفاقية تقود بشكل عملي الى تشكيل منطقة خالية من عناصر تنظيم الدولة، حيث سيتمكن المدنيون والثوار المعتدلون من التمتع بالحماية من عنف الهجمات.

ولا شك في أن الاتفاقية ستجعل الهجمات الجوية أكثر فعالية، مما سينعكس على أمن الحدود التركية. ونظرا الى التهديدات التي أرسلها تنظيم الدولة الى تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، فإن انشاء منطقة خالية من عناصر التنظيم في شمال سوريا قد ارتفع أكثر على سلم أولويات تركيا. إلا أن التغيرات الجارية داخل البيت التركي، تعرض الاتفاقية الى الخطر.

فقد جرت الانتخابات البرلمانية في السابع من حزيران / يونيو، وبعدها أثبتت جولات المحادثات فشلها. والدستور التركي يطالب رئيس الجمهورية بالدعوة الى انتخابات مبكرة، كما يطالب بتشكيل حكومة تسيير أعمال، تشارك بها جميع الأحزاب في البرلمان. وقد انسحب حزبا الشعب الجمهوري والحركة القومية، الأسبوع الماضي، من الدخول في حكومة تسيير الأعمال المرتقبة. بينما يبقى موقف حزب الشعوب الديمقراطي غير معروفا. وفي حال أراد حزب الشعوب الديمقراطي استخدام حقه في الدخول في حكومة تشكيل الأعمال، فإنه سيتسلم ثلاثة حقائب وزارية.

لا بد وأن القارئ يتساءل عن العلاقة بين حكومة تسيير الأعمال واتفاقية انجيرليك. فكما ترون، فإن تركيا دولة ديمقراطية تخضع فيها العمليات العسكرية العابرة للحدود ووجود القوات العسكرية الأجنبية في داخل أراضيها الى موافقات تتم في خطوتين. الخطوة الأولى تتكون من موافقة مجلس الوزراء بالاجماع على تفويض الجيش، ومن ثم ارسالها الى البرلمان، ليتم التصويت عليها. وفي حال رفض أحد الوزراء للتوقيع على التفويض، فإن ذلك يمنع التفويض من المرور الى البرلمان. وبالمثل، فإن البرلمان قد يصوت ضد التفويض مما يعني الغاءه على الرغم من تصديق مجلس الوزراء.

ان الصفقة التركية مع الولايات المتحدة تعمل ضمن إطار التفويض العسكري لمدة عام، وهو ما توصل اليه البرلمان في أوكتوبر / تشرين الأول عام 2014. وفي هذه المرحلة، فإن الجانب التطبيقي يستخدم صلاحياته لتفويض الجيش بالقيام بعمليات في سوريا والعراق، وكذلك للمساح للقوات الأجنبية بالتواجد على الأراضي التركية. كما أن العمليات الجوية ضد تنظيم الدولة في شمال سوريا، والعمليات ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، مغطاة قانونيا من خلال التفويض العسكري الساري حاليا. وتنتهي صلاحية التفريض العسكري الحالي في اوكتوبر / تشرين الأول من العام الجاري، وسيضطر مجلس الوزراء الى اصدار تفويض جديد، ويجب ان تتم الموافقة عليه في البرلمان. والسؤال الأن يكمن في ما إذا كان ممثلو حزب الشعوب الديمقراطي سيوقعون على التفويض العسكري أم لا.

ثمة سببان على الأقل لرفض حزب الشعوب الديمقراطي لهذا التفويض: الأول، هو أن هذا التفويض سوف يتيح للحكومة التركية تنفيذ هجمات ضد كل من تنظيم الدولة، وتنظيم حزب العمال الكردستاني. بينما يقف حزب الشعوب الديمقراطي ضد الحرب على تنظيم حزب العمال الكردستاني. والسبب الثاني، يكمن في أن قيادة حزب الشعوب الديمقراطي تؤمن بأن انشاء منطقة خالية من عناصر تنظيم الدولة في شمال سوريا، سوف يعيق آمال تنظيم حزب الوحدة الديمقراطي بتشكيل منطقة موحدة تابعة له في شمال سوريا. وهناك احتمال كبير بأن يعارض حزب الشعوب الديمقراطي أي تحرك من شأنه الاضرار بمصالح تنظيم حزب الوحدة الديمقراطي، حتى وإن كان ذلك التحرك هو توجيه ضربة قاسية الى تنظيم الدولة.

وانطلاقا من قناعتها بأن حزب الشعوب الديمقراطي سوف يعيق اصدار التفويض العسكري، سارعت الحكومة التركية الى العمل على مذكرة التفويض الجديد الأسبوع الماضي، لتضمن أن التفويض الجديد سيمر عبر مجلس الوزراء الحالي قبل تشكيل حكومة تسيير الاعمال الجديدة.وزارة الخارجية التركية قدمت مذكرة التفويض الى مجلس الوزراء، الذي مرر المذكرة الى البرلمان. وبذلك ضمنت الحكومة بأن العمليات العسكرية ستستمر من دون تدخل حزب الشعوب الديمقراطي. وستدعو الحكومة، الشهر القادم، البرلمان الى جلسة استثنائية للتصويت على قرار تفويض الجيش قبل انتهاء مدة التفويض والمحددة بعام واحد.

ولا شك بأن حزب الشعوب الديمقراطي سيصوت ضد التفويض في البرلمان. وفي هذه الحالة، فإن من الممكن أن يمرر التفويض من دون أي مشاكل في حال دعم أحد حزبي الحركة القومية أو الشعب الجمهوري، حزب العدالة والتنمية في حربه على الإرهاب. ولكن ماذا لو اتفقت أحزاب المعارضة على التحالف للتصويت ضد التفويض، لتأزيم موقف حزب العدالة والتنمية قبيل الانتخابات المبكرة؟! حينها ستنهار صفقة انجيرليك بلا شك.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.