الدروس المستخلصة من هجوم "هاناو" الإرهابي

نشر في 25.02.2020 16:05
آخر تحديث في 25.02.2020 17:21

أودت مذبحة هاناو العنصرية التي حدثت الأسبوع الماضي في ألمانيا، بحياة تسعة أشخاص أبرياء. إذ هاجم الجاني "توبياس راثجين" بالسلاح مقهيين وقتل أربعة مواطنين أتراك من بين تسعة آخرين.

ما حدث في هاناو لم يكن مفاجأة، بل كان عملاً إرهابياً استمر صنعه لسنوات.

لم يكن الهجوم الذي وقع الأسبوع الماضي على الأجانب الأول من نوعه في أوروبا. ولن تكون هذه المذبحة هي الأخيرة من نوعها في قارة تزداد فيها الحركات اليمينية المتطرفة قوة، ويلجأ السياسيون فيها إلى لغة تحريضية عنصرية في حملاتهم الانتخابية ويصبح التطرف هو الوضع الطبيعي الجديد فيها. لو كانت معظم المجتمعات الأوروبية تتكون من مجموعة عرقية واحدة، فقد لا يكون التمييز العنصري مصدر قلق خطير. لكن العنصرية تعد بالفعل قضية اجتماعية مهمة بالنسبة لمستقبل أوروبا لأن القارة هي موطن لمجموعات عرقية ودينية متعددة من إفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى. لذلك، يتعين على أوروبا أن تولي ما يلزم من الاهتمام لهجوم هاناو وأن تأخذ منه الدروس والعبر الضرورية.

هناك بعض الحقائق التي تستحق الاهتمام حول هوية الإرهابي. كان "راثجين" موظفاً من ذوي الياقات البيضاء وله خلفية في مجال البنوك والإدارة. وكان يتحدث الانجليزية بطلاقة ولا يبدو أن لديه أية مشاكل مالية. كما أن هناك شيء آخر من شأنه أن يرفع حدة التوجس في كل مكان، وهو أن قوات الأمن الألمانية لم يكن لديها معرفة مسبقة به إذ لم يكن لديه سجل جنائي. بمعنى آخر، هناك نوع جديد من المجرمين ممن يعانون من مرض العنصرية، أخذ يطارد شوارع أوروبا.

ما هي دروس مجزرة هاناو؟

الدرس الأول موجه لوسائل الإعلام الألمانية والأوروبية. إن الجهود الضمنية التي تبذلها وسائل الإعلام الألمانية لحماية هؤلاء المجرمين تشجع فعلياً الإرهاب المتطرف. حيث تكشف نظرة سريعة على تقارير وسائل الإعلام المحلية حول مذبحة هاناو، أن الاسم الكامل للمهاجم قد تم إخفاؤه باستثناء الاسم الأول. بينما لو ارتكب إرهابي ذو خلفية شرق أوسطية هذه المجزرة الوحشية في هاناو، لكان العالم قد حفظ اسمه الكامل على الفور. وهناك ما هو أكثر من ذلك، فقد زرت الموقع الإلكتروني لمجلة "دير شبيغل" لقراءة بيان الإرهابي. فوجدتها قد نشرت القصة مع صورة رصاصة بدلاً من صورة القاتل. وكان من المفروض أن تحتل صورة القاتل مؤلف البيان مساحات معقولة على الموقع هو الذي قتل للتو تسعة أشخاص أبرياء، مما يشير إلى أن وسائل الإعلام الألمانية تواصل حماية المتطرفين اليمينيين. بالإضافة إلى أن معظم الروايات حول الحادثة تصف "راثجين" على أنه "عنصري" و "يميني" بدلاً من كونه إرهابي. يجب علينا تحمل مسؤولياتنا بالإشارة إلى الإرهابيين بوصفهم إرهابيين. وما لم يتغير الموقف الحالي لوسائل الإعلام الأوروبية، فإن مجازر مماثلة ستحدث في المستقبل بالتأكيد.

الدرس الثاني هو للسياسيين الأوروبيين. فالقاتل راثجين كان يؤمن بأن الإسلام قوة مدمرة في العالم. وقد تضمن بيانه العديد من التصريحات العنصرية والمهينة حول المهاجرين واللاجئين. والحق أن العديد من السياسيين الأوروبيين، وليس فقط راثجين الإرهابي، يتبنون مثل هذه الآراء. وإذا فكرنا لوهلة في مدى انتشار الخطاب المعادي للمسلمين والمعادي لتركيا والذي يتبنى كراهية الأجانب في أوروبا خلال الحملات الانتخابية، فإننا نجد أن كراهية الأجانب لا تزول عندما تنتهي تلك الانتخابات. حتى إذا عدّل السياسيون لهجات خطابهم فيما بعد، فإن مثل هذه الآراء تترسخ بين الناس العاديين وتتسلل إلى التيار العام في البلاد. والمذابح الوحشية على غرار ما حدث الأسبوع الماضي في هاناو، هي نتاج لمثل هذه الحملات الانتخابية.

لا تزال أوروبا تغرس نفسها عميقاً في العنصرية وهي تزداد تعمقاً في كل يوم. ولسوء الحظ، يبدو أن القادة العسكريين المسؤولين عن تبديل هذا الواقع إلى النقيض قلائل جداً.

تنبيه قانوني: تنبيه قانوني: جميع حقوق النشر والاستخدام للأخبار والمقالات المنشورة ملك مؤسسة "تركواز ميديا جروب" Turkuvaz Medya Grubu'. ولا يجوز اقتباس أي مقال أو خبر بالكامل حتى مع ذكر المصدر دون الحصول على إذن خاص.
يجوز اقتباس جزء من أي مقال أو خبر بشرط وضع رابط مباشر للمقال أو الخبر المقتبس.. من فضلك اضغط هنا لقراءة التفاصيل اضغط.