تتميز العلاقات التركية القطرية الحالية بتقارب فريد في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، أهمها القضية الفلسطينية والأزمة السورية، وموقف البلدين تجاه ثورات الربيع العربي.
واكتسبت العلاقات الثنائية بين البلدين زخماً جديداً في الآونة الأخيرة خاصة من الناحية الاقتصادية عقب تأسيس مجلس التعاون الإستراتيجي التركي- القطري المشترك في 19 ديسمبر/كانون الأول 2014.
اتضح هذا التطور الكبير في العلاقات من خلال الزيارات المكثفة التي أجرتها الوفود من كلا البلدين بشكل متبادل والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها خلال الأونة الأخيرة.
وتركزت استثمارات رجال الأعمال الأتراك في قطر على قطاع الإنشاء والمقاولات حيث تواجد في قطر نحو60 شركة تعمل في قطاع البناء والتشييد استطاعت الفوز بمناقصات العديد من المشروعات الكبرى في قطر، وقامت بتنفيذ وتسليم 123 مشروعاً خلال السنوات القليلة الماضية.
وقد قّعت تركيا وقطر في أغسطس/ آب الماضي عقد مشروع إنشاء خط الخور السريع (شمال شرق) بتكلفة تبلغ 7 مليارات و600 مليون ريال قطري (نحو مليارين و80 مليون دولار).
ويبلغ طوله 34 كيلو متراً ويتضمن 12 جسراً ومعبراً علوياً ويربط مدينة الدوحة بمدينة لوسيل والخور والملاعب الأولمبية الجديدة.
كما تحتل الصناعات الدفاعية مكانة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتحرص جميع الشركات العاملة في مجال الصناعات الدفاعية على تسويق منتجاتها لقطر، والمشاركة في معارض الصناعات الدفاعية التي تستضيفها قطر.
وكانت العاصمة القطرية، الدوحة، هي الوجهة الأولى للمعرض الدولي التركي القطري المشترك للصناعات الدفاعية، من تنظيم جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين (الموصياد)، تحت رعاية الأمير القطري الشيخ تميم بن حمد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في أكتوبر 2015.
ومؤخراً قامت تركيا بتسليم قطر جهاز محاكاة المروحية أغستاوستلاند (AW139)، المصنع من قبل شركة الصناعات الإلكترونية الجوية التركية "هوالسان".
كما أجرى وفد عسكري تركي برئاسة مستشار الصناعات الدفاعية بوزارة الدفاع التركية، إسماعيل دمير، مباحثات مع وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، يوم الاثنين الماضي، في إطار الزيارة الرسمية التي يجريها الوفد التركي حالياً لقطر برئاسة رئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركية ، رفعت حصارجيكلي أوغلو.
وفي لقاء جمع بين حصارجيكلي أوغلو والشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة القطرية (غرفة قطر)، أشار آل ثاني إلى أن قطر بصدد تنفيذ استثمارات بقيمة 140 مليار دولار في إطار الاستعدادات لاستضافة مونديال 2022، وأن الشركات التركية ستتاح لها فرصة كبيرة في تنفيذ تلك المشروعات. ولفت آل ثاني إلى أن البلدين يطمحان لتعزيز العلاقات الاقتصادية ورفع حجم التبادل التجاري بينهما، موضحاً أن قطر تطمح للاستفادة من خبرة تركيا في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
بدوره أشار حصارجيكلي أوغلو، رئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركية، إلى أن الأمير تميم بن حمد أخبره خلال اللقاء الذي جمع بينهما بأنه أعطى توجيهات بمنح الشركات التركية أولوية في تنفيذ المشروعات التي تخطط الدولة لتنفذها في إطار الاستعدادات لاستضافة بطولة كأس العالم. وأوضح حصارجيكلي أوغلو أنه عبر لرئيس الوزراء القطري، عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، خلال لقائهما عن رغبته في تسريع الاستعدادات اللازمة لتوقيع اتفاقية تجارة حرة بين البلدين، مشيراً إلى أن الاتفاقية ستساهم بشكل كبير في رفع حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة، وقطر بصفة خاصة.
وفي ظل اهتمام رأس المال الخليجي بالاستثمار في تركيا والذي تركز بشكل كبير على الاستثمار في قطاع العقارات، ركزت قطر بشكل أكبر على الاستثمار في القطاع المصرفي.
وكانت قطر من أكبر المشترين للأصول المالية في السوق التركية مؤخراً، وباتت مرشحة لتحل مكان المصارف الأوروبية في ظل زيادة حركة الاستحواذات الأخيرة.
فقد استحوذ بنك قطر الوطني (أكبر بنك في قطر وتمتلك الحكومة فيه حصة غالبة)، في ديسمبر/كانون الأول الماضي على حصة بنك اليونان الوطني "فينانس بنك" في تركيا والبالغة 99.81% مقابل 2.94 مليار دولار.
كما يمتلك البنك التجاري القطري (مجموعة مصرفية تعد ثاني أكبر بنك في قطر من حيث الأصول) حصة قدرها 75% من ألترناتيف بنك التركي (يقدم الخدمات المصرفية للشركات المتوسطة من خلال شبكة تتألف من 64 فرعاً منتشراً في 21 مدينة في كل أنحاء تركيا) منذ عام 2013.
كما استحوذ بنك الاستثمار "كيو إنفست" (مقره الدوحة ويمتلك مصرف قطر الإسلامي 50% من أسهمه) على كامل أسهم "إرغو بورتفوي"، إحدى أضخم شركات إدارة الأصول الإسلامية وأسرعها نمواً في تركيا.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وقطر مليارا و300 مليون دولار العام الماضي، في ظل توقعات بتصاعد هذا الحجم في سياق التعاون المتنامي بين البلدين.
