تركيا تبدأ تشييد آخر مفاعل في أول محطة نووية لها

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 22.07.2022 15:36
موقع المفاعل الرابع لمحطة أكويو للطاقة النووية في مدينة مرسين جنوب تركيا ، 21 يوليو 2022 AA Photo موقع المفاعل الرابع لمحطة أكويو للطاقة النووية في مدينة مرسين جنوب تركيا ، 21 يوليو 2022 (AA Photo)

أطلقت تركيا الخميس، عملية تشييد المفاعل الرابع والأخير لمحطة الطاقة النووية الأولى التي تبنيها روسيا على ساحل البحر المتوسط.

وتم الكشف عن المرحلة الجديدة من مشروع محطة أكويو للطاقة النووية التي تمثل أكبر مشروع للطاقة تنفذه تركيا وروسيا، في حفل افتتاحي حضره مسؤولون من كلا البلدين.وتقوم شركة روساتوم الروسية للطاقة النووية ببناء المحطة على ساحل البحر الأبيض المتوسط في ولاية مرسين الجنوبية، بعد أن وقع البلدان اتفاقية تعاون عام 2010 وبدأت أعمال البناء وفقها عام 2018.

وفي تعليقه على الحدث قال فاتح دونماز وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي:"بدأ النور يلوح في نهاية النفق الآن في رحلة الطاقة النووية لتركيا التي استمرت أكثر من نصف قرن".

ومن المقرر أن تدخل الوحدة الأولى من إجمالي 4 وحدات في المحطة، حيز التشغيل بحلول منتصف عام 2023 والذي يوافق الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية تركيا.

وقال دونماز في الحفل الذي حضره رئيس روساتوم أليكسي ليكاتشيف ومسؤولون آخرون رفيعو المستوى، أن المحطة التي من المتوقع أن تنتج 35 مليار كيلوواط ساعي من الكهرباء سنوياً، ستلبي بمجرد اكتمالها حوالي 10% من احتياجات الكهرباء المحلية.

وأشار الوزير إلى أن المحطة بشكلها الحالي تعد من أكبر مواقع البناء في العالم. مضيفاً أن الطاقة النووية خيار مهم في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في تركيا بعد فترة الوباء، وأنها الحل الناجع لدعم خفض انبعاثات الكربون العالمية.

ومن المقرر أن تبدأ المفاعلات الثلاثة المتبقية، التشغيل بحلول نهاية عام 2026، بمعدل واحدٍ سنوياً لتصل في النهاية إلى قدرة إجمالية مركبة تبلغ 4800 ميغاواط.

وقد بدأ بناء الوحدة الثانية في يونيو/حزيران 2020، قبل أن تمنح تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، رخصة بناء الوحدة الثالثة.ومن المقرر أن تنتج المحطة التي يبلغ عمرها التشغيلي 60 عاماً مع إمكانية تمديده لمدة 20 عاماً أخرى، طاقةً خاليةً من الكربون على مدار الساعة.

كما ستلعب دوراً رائداً كمحطة تحميل أساسي، في تقليل الاعتماد على موارد الطاقة المستوردة وخاصة الغاز الطبيعي.ومن المتوقع أن يوظف المشروع العملاق حوالي 15.000 شخص خلال فترة ذروة البناء، وحوالي 4000 شخص خلال عملياته.

وحول هذا المشروع قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، إن تركيا تهدف إلى اتخاذ خطواتٍ لإنشاء محطات نووية ثانية وثالثة في أقرب وقت ممكن.يذكر أن محطة أكويو تمثل أول مشروع للطاقة النووية في العالم يتم تنفيذه من خلال نموذج البناء والتشغيل، حيث وافقت شركة روساتوم بموجب عقد طويل الأجل، على توفير تصميم محطة الطاقة وبنائها وصيانتها وتشغيلها وإيقاف تشغيلها.

وتمتلك الشركة 99.2% من حصة المشروع التي تقدر تكلفته بحوالي 20 مليار دولار، ما يمثل أكبر استثمار في تاريخ تركيا يتم تنفيذه في موقع واحد.وشهد المشروع أيضاً حصول المهندسين الأتراك على التدريب والخبرة اللازمين لتشغيل المحطات النووية من خلال تعليمهم في الخارج، حيث أكمل حتى الآن 246 طالباً من أصل 317، تعليمهم في مجال الطاقة النووية في روسيا ويعملون حالياً في محطة أكويو، بينما لا يزال 71 طالباً آخرين قيد التدريب.

وأعرب دونماز عن اعتقاده أن محطة أكويو ستلعب دوراً هاماً ليس فقط في إنتاج الكهرباء بل من خلال مساهمتها أيضاً في تحقيق هدف تركيا في إنتاج الطاقة الخضراء، إذ من شأن المحطة أن تمنع 35 مليون طن من انبعاثات الكربون سنوياً و 2.1 مليار طن من انبعاثات الكربون على مدار حياتها.

رحلة نووية طويلة

تعود رغبة تركيا لبناء محطة للطاقة النووية على أراضيها إلى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.وفي عام 1955 أصبحت تركيا واحدة من أوائل الدول التي وقعت على "اتفاقية التعاون بشأن الاستخدامات المدنية للطاقة الذرية".

وأعقب الاتفاقية إنشاء هيئة الطاقة الذرية التركية، التي وُجدت لتعزيز التطوير العلمي والتقني في البلاد وتدريب الكوادر المحلية.وبدأ البحث الأول حول إنشاء محطة للطاقة النووية عام 1965.

وفي عام 1974، تم اعتماد موقع أكويو في منطقة جولنار في مرسين كمكان مناسب لإنشاء المحطة الأولى.

واستمر إجراء مسوحات تفصيلية للأراضي هناك حتى عام 1976، حيث حصل الموقع نتيجة للملاحظات، على ترخيص لبناء محطة للطاقة النووية.وبعد انقطاع طويلٍ لأسباب مالية وسياسية، قررت تركيا اللجوء إلى سنوات الخبرة الروسية العديدة في مجال التكنولوجيا النووية.

وختم الوزير دونماز بالقول:"لقد أصبحت الطاقة النووية هدفاً واقعياً لتركيا، وليست مجرد حلم".