قلق فرنسي كبير من عودة إرهابيي داعش إلى فرنسا

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 01.12.2016 00:00
آخر تحديث في 02.12.2016 06:42
قلق فرنسي كبير من عودة إرهابيي داعش إلى فرنسا

يصدر اليوم الخميس، كتاب بعنوان "العائدون"، بقلم الصحفي دافيد طومسون، ينقل فيه شهادات دواعش عادوا إلى فرنسا.

فمع انهيار وهم تنظيم داعش الإرهابي ودولته المزعومة، بدأ ما يطلق عليهم اسم "المهاجرون" وهم المقاتلون الأجانب الذي انضموا إلى التنظيم الإرهابي، بمغادرة التنظيم والعودة إلى بلادهم، لا سيما الفرنسيون منهم.

وفي هذا السياق، تقول السلطات الفرنسية أن 200 عضو من داعش قد عادوا إلى فرنسا، واحتمال أن يصل الرقم إلى 700.

والخوف من أن يعود هؤلاء بطريقة غير قانونية، إذ يمثلون تهديداً كبيراً على الأمن الداخلي.

مثلاً، كيفن غيافارش، 23 عاماً، واحد من أوائل من انضم إلى تنظيم داعش الإرهابي نهاية عام 2012، قد قرر أخيراً العودة إلى فرنسا مع زوجاته الأربع وأولاده الستة. خوفاً على عائلته من الموت.

وبعد أكثر من عام من المفاوضات مع القنصلية الفرنسية، حصل هذا المقاتل الفرنسي على الضوء الأخضر، في شهر حزيران/يونيو، بأن يقطع الحدود ويسلم نفسه للشرطة الفرنسية. أمضت زوجاته أربعة أشهر معتقلات في تركيا وقد أطلق سراحهن مؤخراً وعدن إلى فرنسا حيث خضعت ثلاث منهن للاعتقال المؤقت بينما وضعت الرابعة تحت المراقبة القضائية. وعُهد بالأطفال، ومنهم 4 ولدوا في سوريا، إلى جمعية خاصة. أما الفرنسي المنتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، فلا يزال ينتظر كلمة القضاء التركي بحقه.

الواقع أن عناصر داعش الإرهابيين يخشون أيضاً من السكان المحليين، كلما انهارت إحدى نقاط سيطرتهم: "عندما ستسقط الرقة، فالاحتمال الكبير أن يثأر أهلها من داعش. وقد سجلنا حوادث اعتداء على عائلاتهم وأولادهم. وهم في هذه الحالة، يفضلون مواجهة القضاء الفرنسي والسجن الفرنسي على أن يواجهوا الناس".

كلمة "العائدون" يدل بها الفرنسيون على رجال ونساء انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق لأسباب مختلفة منذ 2012، وهم الآن يخرجون من صفوفه ليعودوا إلى بلدانهم الأصلية، يدفعهم إلى ذلك الوضع العسكري السيء جداً للتنظيم. أما عن أسباب عودتهم فتراوح بين من خاب أمله بين ما كان يتوقعه وما رآه، وبين خائف من التنظيم نفسه الذي ينتمي إليه إذ يكفي الخليفة أن يشك في نية أحدهم بالعودة حتى يأمر بقتله، ومن بات يرى أن نهاية التنظيم وشيكة.

الظاهرة ليست جديدة، فقد شهدها العالم خلال العقود الماضية، خلال الحروب التي جرت في العراق وأفغانستان والبوسنة. الجديد في الأمر هو حجم الظاهرة اليوم وحجم الإرهاب غير المسبوق الذي اقترفه ويقترفه تنظيم داعش الإرهابي.

والأمر مقلق جداً للسلطات الفرنسية، حيث صرح رئيس الوزراء، مانويل فالس الشهر الماضي: "هذا الأمر يجب أن يكون على رأس أولوياتنا في مجال الأمن خلال السنوات القادمة".

وتجد السلطات الفرنسية صعوبة بالغة في تقدير عدد من انضم من مواطنيها إلى داعش الإرهابي ومن انشق عنه مؤخراً، إضافة إلى ورود معلومات عن أن التنظيم قد أعدم عدداً غير معروف منهم ممن حاول الفرار.

السؤال هو كيف نميز بين التائب "الحقيقي" من التائب "المتخفي"، إذ يحاول من يعود إلى موطنه دائماً أن يقلل من حجم مشاركته في القتال أو في أعمال داعش الشنيعة.

كيف نعرف منهم من عاد لكي يضرب أوروبا باسم الخليفة؟

تشير دراسة ألمانية حديثة إلى أن فقط 10% من "العائدين" قد قطعوا علاقتهم نهائياً بإيديولوجية داعش وأفكاره، بينما لا يزال 48% منهم يحملون أفكاراً متطرفة.

يقول أبو نسيبة، وهو واحد ممن هجر داعش وعاد إلى فرنسا: "بعض من عادوا لم يروا كيف هي الخلافة في آخر أيامها، ولهذا لا يزال بعضهم يراها بعين المثالية".

يقول الباحث دافيد طومسون في كتابه إن غالبية العائدين، لا سيما من هم في السجن، عادوا لخيبة أملهم بما رأوه وليس لأنهم تابوا واعترفوا بخطأ أعمالهم. فهم في داخلهم لا يزالون متطرفين متشددين.

فالرهان الكبير هو التعامل معهم بعد عودتهم إلى فرنسا، وقد اختارت فرنسا تجريمهم بتهمة "المشاركة مع مجرمين بهدف القيام بأعمال إرهابية"، ثم وضعهم في السجن الاحترازي.

فالانضمام إلى صفوف داعش اليوم يستوجب حكماً بالسجن يراوح بين 20 و 30 عاماً. وحالياً، هناك حوالي 300 سجين متطرف محتجزين في ظروف أشبه بالسجن الانفرادي.

ثم تأتي قضية إخراجهم من دائرة التطرف وإعادة إدماجهم في المجتمع، وهو أمر ليس لفرنسا، ولا للدول الأوربية، أي برنامج حوله.

من ناحية أخرى، يتساءل الصحفي نيقولا هينان في كتابه "أكاديمية الجهاد": "من سيسأل هؤلاء العائدين عما ارتكبوه في سوريا من فظائع؟ ومن سيسألهم كم مواطناً مدنياً قتلوا؟ ومن سيحاسبهم على جرائهم التي ارتكبوها هناك"، إذ لا يكفي، برأيه، أن ننظر إلى هؤلاء الدواعش السابقين فقط من منظار أمن وسلامة فرنسا.