بابا الفاتيكان: أوروبا تماطل في مواجهة تدفق المهاجرين وتمزّقها الأنانية القومية

وكالة الأنباء الفرنسية
إسطنبول
نشر في 06.12.2021 09:47
البابا في مخيم مافروفوني في اليونان رويترز البابا في مخيم مافروفوني في اليونان (رويترز)

زار البابا فرنسيس مخيماً للمهاجرين في جزيرة ليسبوس اليونانية داعياً إلى وضع حدّ "لغرق الحضارة" في البحر المتوسط.

وقال الحبر الأعظم في اليوم الثاني من زيارته إلى اليونان إن البحر المتوسط، الأحد: "يتحول إلى مقبرة باردة بدون شواهد ... أرجوكم، دعونا نوقف غرق الحضارة هذا".

في مخيم مافروفوني الذي ما زال يضمّ نحو 2200 طالب لجوء يعيشون في ظروف صعبة، تجمّع حشد من المهاجرين خلف حواجز أقيمت بين الحاويات لاستقبال البابا بحفاوة.

وحيّا الحبر الأعظم طويلا العائلات الحاضرة وبين أفرادها الكثير من الأطفال، وباركها وسط هتافات "أهلا وسهلا بك!" و"نحبّك" و"شكرا".

ثم دخل خيمة حيث استمع إلى ترانيم جوقة من المهاجرين، قبل أن يعلن "هذا الحوض الكبير من المياه، كان مهدا للعديد من الحضارات، ويبدو الآن مرآة للموت"، ذاكرا "مشاهد الأجساد الصغيرة الممددة بلا حراك على الشواطئ".

- "بحر النسيان" -

وقال أمام الرئيسة اليونانية كاترينا ساكيلاروبولو ونائب رئيسة المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس ووزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراشي، "دعونا لا ندع +بحرنا+ يتحوّل إلى +بحر ميت+، ولا ندع مكان اللقاء هذا يصبح مسرحًا للمواجهات! لا ندع +بحر الذكريات+ هذا يتحوّل إلى +بحر النسيان+".

وحضر نحو أربعين طالب لجوء معظمهم من الكاثوليك من الكاميرون والكونغو الديمقراطية، صلاة العذراء التي أقامها البابا.

وخاطب الكونغولي كريستيان تانغو (31 عاما) البابا، فشكره على "روحه الإنسانية" التي "يظهرها" حيال جميع "الأطفال المهاجرين واللاجئين"، قبل أن يطلب منه أن يصلّي كي "يكون له مكان آمن في أوروبا".

- "بشر لا سجناء" -

قال الكونغولي أورفيوس مودا قبل حضور الصلاة "نحن بشر. نحن اللاجئين يجب أن نعامل كبشر وليس كسجناء".

وقالت السورية منال البلال بعد مغادرة البابا "لم نعد نريد كلمات، نريد مساعدة لأن الظروف هنا سيئة". ومنال أم لطفل في شهره الثاني رفض طلب لجوئها وتخشى ترحيلها الى تركيا.

وكان البابا فرنسيس نقل معه 12 سوريا في 2016. وسيتم نقل خمسين مهاجرًا من قبرص حيث أمضى يومين قبل أن يصل إلى أثينا. ولم يتم استبعاد احتمال أن يرافقه بعض طالبي اللجوء من مافروفوني إلى إيطاليا.

وأُقيم مخيم مافروفوني على عجل في ظل رياح عاتية منذ عام في ميدان رماية سابق للجيش في الجزيرة الواقعة في بحر إيجه، بعدما دُمّر مخيم موريا الذي كان الأكبر في أوروبا آنذاك، بسبب حريق هائل.

وعندما كانت جزيرة ليسبوس نقطة الدخول الرئيسية لعشرات آلاف المهاجرين إلى أوروبا، زار الحبر الأعظم موريا في نيسان/أبريل 2016 وقال في عبارة رمزية "نحن مهاجرون جميعا".

وتشكل قضية اللاجئين هذه المرة أيضًا محور رحلة البابا الـ35.

وقال الصحافي المتخصص في شؤون الفاتيكان ماركو بوليتي وهو مؤلّف كتاب عن البابا فرنسيس، إن الأخير "مقتنع بأن مسألة المهاجرين هي أكبر كارثة إنسانية بعد الحرب العالمية الثانية".

لم يكفّ البابا (خورخي بيرغوليو) الذي يتحدّر هو نفسه من عائلة مهاجرَين إيطاليَين استقرا في الأرجنتين، عن الدعوة إلى استقبال آلاف "الإخوة والأخوات" بدون أي تمييز بينهم لا على أساس الدين ولا بناء على وضع اللجوء.

واعتبر الحبر الأعظم (84 عامًا) أن أوروبا "تواصل المماطلة" في مواجهة تدفق المهاجرين و"تمزّقها الأنانية القومية" بدلا من أن تكون "محركًا للتضامن" في مسألة الهجرة.

وزيارته إلى أثينا هي الأولى لحبر أعظم منذ زيارة يوحنا بولس الثاني في 2001 التي بدورها كانت أول رحلة بابوية إلى العاصمة اليونانية منذ انشقاق الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية عام 1054.

- "التواضع" -

وجد البابا فرنسيس في ليسبوس وضعًا مختلفًا عما كانت عليه الحال في 2016.

وقال ثودوريس اليكسيليس المتحدث باسم المفوضية العليا للاجئين في ليسبوس لوكالة فرانس برس "رغم أننا لم نعد في وضع ملح، فإن تقاسم المسؤولية والانسانية والتضامن أمر ضروري اكثر من أي وقت".