مع التوقعات بانهيار الاتفاق.. اللاجئون في تركيا يتجهزون ويبحثون عن طرق الوصول لأوروبا

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 27.05.2016 00:00
آخر تحديث في 27.05.2016 16:16
مع التوقعات بانهيار الاتفاق.. اللاجئون في تركيا يتجهزون ويبحثون عن طرق الوصول لأوروبا

"بلجيكا، بلجيكا"، بهذه الكلمات ردت السورية أمينة (45 عاماً) على مراسل "ديلي صباح" الذي حاور عدد من اللاجئين في منطقة الفاتح وسط مدينة اسطنبول وسألهم عن نيتهم بالذهاب إلى أوروبا والطرق التي ينوون سلوكها للوصول إلى هدفهم المنشود.

أمينة التي يوجد لها ابن في سوريا وبنت في لبنان وآخرين من عائلتها تمكنوا من الوصول إلى بروكسل، تسعى بكل جهدها من أجل تأمين الوصول إلى بلجيكا مع أبنائها الستة، من أجل لم شمل عائلتها والعيش في استقرار وأمان بعد أن فقدوا الأمل بقدرة ونية المجتمع الدولي على إيقاف الحرب ببلادهم، على حد تعبيرها.

ومع اقتراب انتهاء موعد المهلة التي منحتها تركيا للمفوضية الأوروبية من أجل إلغاء تأشيرة سفر المواطنين الأتراك إلى أوروبا، تتزايد آمال اللاجئين بإمكانية انهيار اتفاق اللاجئين الذي وقعته تركيا مع الاتحاد في آذار/مارس الماضي لوقف تدفق اللاجئين إلى دول الاتحاد من السواحل التركية.

والثلاثاء، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفض بلاده المطلق لأي شروط جديدة يفرضها الاتحاد الأوروبي من أجل إلغاء التأشيرة على مواطنيه، محذراً من أن البرلمان التركي لن يوافق على اتفاق الهجرة مع الاتحاد إذا لم تتم تلبية الشروط التركية.

وتربط تركيا بشكل كامل بين رفع التأشيرة عن مواطنيها في الموعد المحدد (نهاية يونيو/حزيران المقبل) وبين الاستمرار في تنفيذ اتفاق اللاجئين.

وفعلت أوروبا مؤخراً مطالب جديدة تتعلق بتغيير تركيا لقانون مكافحة الإرهاب وحماية البيانات الشخصية، لكن الرئيس أردوغان شدد على رفض بلاده القطعي لهذه الشروط، مؤكداً أن تركيا لا يمكنها تغيير قانون مكافحة الإرهاب في ظل التهديدات التي تمر بها المنطقة والحرب التي يخوضها الجيش التركي ضد تنظيمي العمال الكردستاني وداعش الإرهابيين.

وبجانب أمينة، تجلس آية (15 عاماً) من ريف دمشق، تقول وهي تؤشر على الخريطة: "إلى هنا، أريد الذهاب إلى ألمانيا"، مضيفةً: "أنتظر قرار لم الشمل، أمي وأبي في ألمانيا وبقيت وحيدة هنا عند أقاربي، لكن يبدو أن لم الشمل سيأخذ كثيراً من الوقت، وأنا أحاول الذهاب بكل الطرق الممكنة، كلي أمل بأن تسمح لنا تركيا بعبور البحر لليونان والذهاب إلى عائلتي بألمانيا".

وتقول فاطمة (13 عاماً) وهي تبيع المناديل قرب ميدان (أك سراي) وسط إسطنبول: "عائلتي أخبرتني أننا سنذهب إلى أوروبا قريباً، لا أعلم كيف، لكنهم باعوا بعض الأدوات من البيت لتأمين المبلغ المطلوب لكي نذهب إلى أوروبا ونعيش هناك".

وبمكان ليس ببعيد يجلس مازن (31 عاماً) الذي يعمل في أحد المطاعم السورية لأخذ استراحة قصيرة من العمل، يقول: "أعمل هنا لساعات طويلة لكي أحصل على القليل لتأمين حاجيات عائلتي الأساسي، أنا متزوج ولدي ولدين وعازمين على الذهاب إلى أوروبا في أقرب وقت".

ويضيف مازن: "أعمل في الطعم هنا وألتقي يومياً عدد كبير من اللاجئين، الجميع يتجهز للعبور إلى أوروبا، لم نتمكن خلال الفترة الماضية من الذهاب بسبب فصل الشتاء والإجراءات التركية المشددة، لكن مع حلول الصيف واحتمال انهيار الاتفاق هناك الآلاف الذين سيسعون بكل قوة للذهاب، وأنا منهم".

وتراجع عدد المهاجرين وطالبي اللجوء الواصلين إلى اليونان في شهر نيسان/أبريل الماضي، بنسبة 88 في المائة خلال شهر، بحسب منظمة الهجرة الدولية، وهو ما يعزى إلى الاتفاق التركي الأوروبي الخاص بإعادة القبول، حيث تسجيل 3360 شخصا في نيسان/أبريل، في مقابل 26971 في آذار/مارس. وفي العام 2015، وصل أكثر من مليون مهاجر ولاجئ إلى الاتحاد الأوروبي، غالبيتهم سوريون دخلوا اليونان.

محمد (12 عاماً) طفل سوري يبيع المناديل، التقيناه قبل نحو أسبوعين حول نفس الموضوع، بادر بالاقتراب منا والسؤال: "عمو متى راح تفتح تركيا الحدود؟ إحنا وأبي وأمي وأخواتي صرنا جاهزين، وأبي قال انو إحنا راح نحاول نروح ألمانيا لأنو بيت عمي صاروا هناك".

وتنتشر في منطقة الفاتح باسطنبول العديد من المحلات التجارية التي تبيع سترات النجاة للاجئين الذين ينوون الهجرة عبر البحر.

يقول صاحب أحد المحلات هناك بعد أن رفض الكشف عن اسمه: "العام الماضي وبداية العام الجاري بعنا آلاف السترات، كسبنا كثيراً، لكن في الأسابيع الأخيرة تجارة الستر شبه متوقفة ولم يكن هناك أي إقبال"، مضيفاً: "مع الأنباء عن قرب انهيار الاتفاق قمت بشراء كميات كبيرة على أمل تحسن المبيعات خلال الفترة المقبلة".

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال النائب بالبرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم "بولنت توران" لـ"ديلي صباح": "أحلام اللاجئين قد تتحقق في أي وقت إذا ما استمر الاتحاد الأوروبي بالتعنت والضغط على تركيا من أجل تغيير قانون مكافحة الإرهاب، تركيا قامت بما عليها من أجل تحرير التأشيرات عن مواطنيها والكرة الآن في ملعب الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "موقفنا بشأن اللاجئين واضح وثابت، هم ضيوف أعزاء علينا ولكن إذا كانوا يرغبون في المرور إلى الاتحاد الأوروبي سوف نفتح لهم الحدود".

وعلى هامش القمة الإنسانية التي عقدت الاثنين والثلاثاء، في إسطنبول، قال أردوغان: "لا يمكن بقاء أي دولة في العالم بمعزل عن تأثيرات الأزمات الإنسانية، وحدود الدول والبعد الجغرافي، لن يحول دون مواجهة المشاكل الناجمة عن الاعتداءات الإرهابية والاشتباكات والأزمات الإنسانية".

ولفت إلى "تقاعس الدول في القيام بواجباتهم تجاه اللاجئين، باستثناء بعض الدول المجاورة لسوريا"، مشيراً إلى "وجوب تحمّل كافة الدول وعلى رأسهم الدول المتقدمة، مسؤولياتها تجاه مئات الآلاف الذين يتعرضون لأزمات إنسانية".