القدس والمسجد الأقصى.. حكاية عمرها 3 آلاف عام

نشر في 04.08.2017 00:00
آخر تحديث في 13.11.2017 20:44
رويترز رويترز

القدس مدينة مقدسة لدى الأديان السماوية الثلاثة. كل ركن منها يحتضن العديد من الذكريات التي تعد شاهداً على عراقتها. واليوم، تعرف المدينة التي شيدها داود عليه السلام قبل 3 آلاف عام باسم القدس الشرقية أو المدينة القديمة. وتنقسم المدينة القديمة إلى أربعة أقسام: حي المسلمين، الحي المسيحي، الحي الأرمني، الحي اليهودي. ويمكن التنقل بحرية بينها. الأحياء الثلاثة الأولى هي الآن عبارة عن دكاكين وأماكن للعبادة. وهناك منازل صغيرة قديمة فوق الدكاكين.

القدس مدينة مقدسة لدى الأديان السماوية الثلاثة. كل ركن فيها يحتضن العديد من الذكريات التي تعد شاهداً على عراقتها.

واليوم، تعرف المدينة التي شيدها داود عليه السلام قبل 3 آلاف عام باسم القدس الشرقية أو المدينة القديمة. وتنقسم المدينة القديمة إلى أربعة أقسام: حي المسلمين، الحي المسيحي، الحي الأرمني، الحي اليهودي. ويمكن التنقل بحرية بينها. الأحياء الثلاثة الأولى هي الآن عبارة عن دكاكين وأماكن للعبادة. وهناك منازل صغيرة قديمة فوق الدكاكين.

غربي المدينة القديمة تقع المدينة الجديدة أو القدس الغربية التي أنشئت في فترة الحكم الإنكليزي للمدينة ومن بعده الإسرائيلي. عام 1980 أعلنت إسرائيل القدس عاصمة لها وقامت بنقل البرلمان إلى هناك إلا أن العالم لم يقبل ذلك واستمرت مؤسسات الدولة الإسرائيلية في مكانها بالعاصمة السابقة تل أبيب.

مدينة الجبال الأربعة:

للتمتع برؤية أجمل مناظر المدينة المقدسة يجب الصعود إلى جبل الزيتون. فقد شيدت المدينة على أربعة جبال وجبل الزيتون هو أحد تلك الجبال. في سفح الجبل توجد مقابر يبذل اليهود الغالي والنفيس في سبيل التمكن من الدفن فيها ذلك لأنهم يعتقدون أن المسيح مخلص اليهود سيهبط أولاً في تلك البقعة. ويقع الجبل الذي يحتضن المسجد الأقصى في وسط المدينة. وهناك أيضاً جبل صهيون الذي يقع فيه قبر النبي داود عليه السلام.

القدس القديمة محاطة بالأسوار التي بناها السلطان العثماني سليمان القانوني. ويضم السور العديد من الأبواب ويسمى الشارع المقابل للسور باسم "شارع السلطان سليمان".

هناك ثمانية أبواب للدخول إلى القدس إلا أن الباب الأقرب إلى المسجد الأقصى (الباب الذهبي) مغلق دائماً. والسبب في ذلك هو المعتقد المسيحي بأن المسيح سيدخل من هذا الباب يوم المحشر، وأنه ستحدث معجزة ويُفتح الباب عند نزول المسيح.

يقع المسجد الأقصى في أقصى جنوب شرق المدينة. وهو أحد المساجد الثلاثة المقدسة لدى المسلمين. وهو أول قبلة صلى إليها المسلمون. وفيه التقى النبي محمد صلى الله عليه وسلم الأنبياء السابقين ثم عُرج به إلى السماء السابعة.

بيت المقدس:

جاء العبرانيون أجداد اليهود من شمال العراق إلى فلسطين عام 2300 قبل الميلاد. وبعد أن عاشوا في مصر لعدة قرون عادوا مرة أخرى إلى ما يسمونه "الأرض الموعود" (أرض الميعاد) مع موسى عليه السلام. وفي عام 1020 قبل الميلاد أصبح داود عليه السلام ملكاً وشيد مدينة القدس.

شيد سليمان بن داود عليهما السلام هيكله الشهير الذي يُسمى "ييت همقداش" (بيت المقدس). ويُقال إنه يقع في نفس مكان المسجد الأقصى. وهناك مجموعة من اليهود لا يعترفون بقدسية بيت المقدس أسسوا مذهبا مختلفا، وهم السامريون. ويعيشون اليوم بالقرب من نابلس.

احتلت القدس وهُدمت على يد حاكم بابل نبوخذ نصر وتم نفي شعبها إلى بابل فيما يعرف بـ"السبي البابلي". وقد اختفت التوراة الأصلية في تلك الأثناء.

هزم الفرس البابليين وسمح الملك الفارسي قورش لليهود بالعودة مرة أخرى إلى بيت المقدس عام 539 قبل الميلاد. وفي 520 قبل الميلاد شُيدت بيت المقدس من جديد.

حريق القدس:

احتل الرومان القدس عام 63 قبل الميلاد. وقام بومبيوس بإضرام النار في المدينة. وفي عام 20 قبل الميلاد قام هيرودس والي فلسطين اليهودي الذي عينه الرومان، بإنشاء الهيكل للمرة الثالثة. وفي عام 66 م ثار يهود القدس ضد الرومان فقام القائد الروماني تيتوس بإحراق وتخريب المدينة بالكامل. ولم يتبق من بيت المقدس سوى الجدار الغربي المعروف اليوم بحائط البراق (حائط المبكى). ونُفي اليهود من فلسطين وتشتتوا في كل بقاع العالم.

فتح المسلمون القدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عام 636م وتسلم المسلمون المدينة من الرومان وأمنوا غير المسلمين على حياتهم وأموالهم وعقيدتهم. وبدأ في القدس عهد سلام ورخاء استمر 1300 عام.

حافظ الأمويون والمماليك والعثمانيون على بيت المقدس كما هي.

قبة الصخرة:

يضم الحرم القدسي اليوم مدرسة لتحفيظ القرآن وسبيل ماء وحديقة والعديد من الأشجار. وفي وسط فناء الحرم الصخرة التي همَّ إبراهيم عليه السلام أن يذبح ولده إسماعيل عليه السلام عندها. وهي الصخرة نفسها التي عُرج بالنبي صلى الله عليه وسلم منها إلى السماء. ولا تزال آثار قدمه الشريفة موجودة على الصخرة حتى الآن.

وتبدو الصخرة وكأنها معلقة في الهواء نظراً إلى وجود تجويف أسفلها؛ لذلك يُطلق عليها الحجر المعلق. وفوقها يرتفع المُصلى الفخم ذو القبة الذهبية الذي شيده الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. ويطلق عليه قبة الصخرة. وفي الجنوب منه يقع المسجد الذي شيده الخليفة وليد بن عبد الملك الذي يُعرف أيضاً باسم مسجد عمر إلا أنه تسمية خاطئة.

حائط المبكى (حائط البراق) وهو حائط يقف أمامه اليهود ويقومون بالدعاء متمايلين إلى الأمام والخلف. وتوجد تحته أقبية بها بقايا جدار الهيكل. ويقوم اليهود بحفريات يُعتقد أنها خطة من أجل هدم المسجد الأقصى. وقد بدأت حفريات مماثلة في عهد الدولة العثمانية إلا أن الأنفاق والأقبية تمتد تحت الحي الغربي بالمدينة القديمة وليس تحت المسجد الأقصى.

طريق الآلام (فيا دولوروسا):

هناك آثار للسيد المسيح عليه السلام في كل مكان في القدس. وطريق فيا دولوروسا (درب الآلام) وفقاً للمعتقد المسيحي هو الطريق الذي مر به المسيح عليه السلام أثناء اقتياده إلى المكان الذي صُلب فيه. وبطول الطريق توجد محطات وكنائس في كل مكان توقف فيه المسيح أو ترنح عنده أو استند إلى الحائط أو حتى نظر فيه إلى أمه السيدة مريم. والعديد من المسيحيين من جميع أنحاء العالم يذهبون إلى هناك ويمرون من الطريق المذكور وعلى ظهورهم صلبان رمزية. وعلى سفح جبل الزيتون يقع منزل السيدة مريم العذراء وبستان جشمياني الذي يضم أشجار زيتون عمرها أكثر من ألف عام ويعتقد المسيحيون أنه ألقي القبض على المسيح عليه السلام في هذا البستان.

شيدت إمبراطورة بيزنطة "هيلينا" كنيسة القيامة في المكان الذي يُعتقد أن المسيح عليه السلام صعد منه إلى السماء. وهي من أقدم كنائس العالم. وفيها القبر الذي يعتقد المسيحيون أنه قبر المسيح.

عندما فتح الخليفة عمر (رضي الله عنه) القدس وحل وقت الصلاة أراد عمر مكاناً يصلي فيه فأخبره البطريرك أن يصلي داخل الكنيسة فرفض عمر رضي الله عنه قائلاً "لو صليت في الكنيسة فسيحولها المسلمون إلى مسجد بعد ذلك" ثم صلى في مكان قريب من الكنيسة. ولا يزال مسجد عمر قائماً في تلك النقطة حتى اليوم.

قضية لا تنتهي:

كانت القدس تحت إدارة الأردن منذ انسحاب الإنكليز منها عام 1946 حتى حرب 1967 حين احتلتها إسرائيل. ولم تنسحب إسرائيل من الضفة الغربية بالرغم من كل التحذيرات الدولية. وقد مثل فقدان القدس التي ظلت في أيدي المسلمين 1300 عام صدمة كبيرة للعالم الإسلامي وكان بداية قضية لم تنته حتى الآن.

عام 1994 أبرمت معاهدة وادي عربة بين إسرائيل والأردن وبموجبها منحت إدارة الأماكن الدينية في القدس والضفة الغربية إلى وزارة الأوقاف الأردنية. واليوم يُحظر على اليهود دخول المسجد الأقصى بينما يُسمح للمسيحيين بدخوله بغرض الزيارة في أيام معينة.

خارج جدران المسجد الأقصى يوجد جنود الحراسة الإسرائيليين والفلسطينيين وتتم عملية المراقبة على مداخل ومخارج المسجد بهذا الشكل. لكن بسبب استفزازات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، واستخدام إسرائيل للقوة المفرطة لتفريق التظاهرات التي تنظم بشكل يومي تقريباً في باحة المسجد الأقصى، فإن التوتر في القدس وبخاصة في المسجد الأقصى لا ينتهي.