المؤرخ التركي إلبر أورطايلي: عيد النصر التركي رسالة للعالم مفادها "إننا باقون هنا"

وكالة الأناضول للأنباء
أنقرة
نشر في 30.08.2018 00:00
آخر تحديث في 30.08.2018 11:10
المؤرخ التركي إلبر أورطايلي: عيد النصر التركي رسالة للعالم مفادها إننا باقون هنا

اعتبر المؤرخ التركي الشهير، إلبر أورطايلي، أن عيد النصر التركي، الذي يحيي ذكرى الهزيمة المدوية للقوات اليونانية في معركة دوملوبينار عام 1922، يعطي رسالة للعالم مفادها "أننا هنا باقون".

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها أورطايلي، بروفيسور التاريخ في جامعة "غلاطة سراي" (حكومية) بإسطنبول، خلال مقابلة مع الأناضول، بمناسبة الذكرى السنوية لانتصار الأتراك على اليونانيين في المعركة المذكورة.

ويعتبر عيد النصر، ويوم القوات المسلحة، عيدا وطنيا بتركيا وجمهورية شمال قبرص التركية؛ حيث تحيي الدولتان بهذه المناسبة ذكرى الانتصارات التي أحرزها الجيش التركي بقيادة مصطفى كمال أتاتورك (مؤسس الجمهورية)، على قوات الحلفاء والجيوش اليونانية الغازية، بتاريخ 30 أغسطس/آب 1922.

وبهذه المناسبة، تقام أنشطة وفعاليات مختلفة في كافة الولايات والسفارات والبعثات الدبلوماسية التركية بالخارج.

وذكّر المؤرخ التركي أن الأتراك السلاجقة سيطروا على منطقة الأناضول (الجزء الآسيوي من تركيا) بعد معركة دوريلايوم ضد الصليبيين آنذاك خلال الحملة الصليبية الأولى في 1 يوليو/ تموز 1097، قرب مدينة دوريلايوم الواقعة بالقرب من ولاية أسكي شهير، شمال غربي تركيا.

ولفت أن ذلك الانتصار سمح للأتراك بالاستقرار في الأناضول.

يشار أن التوغل التركي في الأناضول بدأ مع معركة ملاذ كرد في 26 أغسطس 1071، التي شهدت هزيمة الجيش البيزنطي على يد الأتراك السلاجقة بقيادة السلطان ألب أرسلان؛ ما فتح الطريق أمام الأتراك للانتشار في آسيا الصغرى، التي باتت تعرف حالياً باسم تركيا.

وحول انتصار القوات التركية على اليونانيين عام 1922، قال أورطايلي إن "هناك عاملان وراء فوزهم.. الأول سيطرتنا نحن الأتراك على الجبال إلى جانب المدن والقرى".

وتابع "أما العامل الثاني فكان قوة اللغة التي ساعدت في تعزيز سيطرة الأتراك على منطقة الأناضول"، موضحًا أن "النظام القبلي الموروث من السلاجقة ساعد أيضًا الأتراك في تعزيز هيمنتهم على الأناضول".

ولفت المؤرخ التركي أنه "لأول مرة في التاريخ، تجمع السكان الأتراك بشكل كثيف جدًا في منطقة واحدة، رغم أن الأناضول لم تكن غنية أول ما وصلها الأتراك".

وأوضح أن "المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم التركي هي آسيا الصغرى. ليس هناك أي دولة أخرى في العالم تجمع فيها الأتراك بهذا القدر".

وتابع: "هناك دول البلقان... التي تركناها، وهناك أيضا شمال سوريا وشمال بلاد ما بين النهرين."

واستطرد قائلًا: "إذا قمت بتضمين تلك الدول، فإنها تشكّل بلدًا كبيرًا جدًا. لم يكن هناك تجمعات سكانية مزدحمة على طول نهر الفولغا (أطول أنهار أوروبا)، أو في شبه جزيرة القرم أو حتى في إيران، أو في آسيا الوسطى... ولهذا السبب، أصبحت تركيا وطنًا لا غنى عنه".

أورطايلي قال في ذات السياق إن "القوى العالمية آنذاك أرادت من الأتراك مغادرة الأناضول".

وأضاف: "حاولت دول الحلفاء انتزاع الأناضول من تركيا، لكنهم فشلوا في تحقيق هدفهم.. دول الحلفاء، وخصوصًا بريطانيا أرادت من الأتراك مغادرتها تحت ذريعة أنهم غرباء؛ وبالتالي لا يمكن أن يكونوا جزءًا من الأناضول، بحسب تصورهم".

وتابع قائلًا: "لذلك، فإن انتصار تركيا الحاسم في 30 أغسطس 1922، والذي تم إضفاء الشرعية عليه في وقت لاحق بموجب اتفاقية لوزان (1923)، كان بمثابة رسالة للعالم مفادها نحن باقون هنا".

وأعاد المؤرخ التركي الشهير إلى الأذهان تحذير القائد اليوناني ايوانيس ميتاكساس من شن هجوم على منطقة الأناضول، خلال تلك المعركة.

وقال أورطايلي إن ميتاكساس رفض شن الهجوم وأبلغ السياسيين اليونانيين إنه لا يمكن الانتصار في الحرب ضد الأتراك.

وذكر المؤرخ التركي أن المؤلف ديفيد فرومكين، نقل في كتابه "سلام لإنهاء كل السلام" عن ميتاكساس قوله آنذاك "الأتراك نما بداخلهم شعور قومي".

وبحسب أورطايلي، أضاف فرومكين في كتابه نقلا عن القائد اليوناني "وهم عازمون على النضال لنيل حريتهم واستقلالهم.. هم يؤمنون بأن آسيا الوسطى بلدهم، وأننا غزاة. بالنسبة لهم، وبالنسبة لمشاعرهم القومية، فالحقوق التاريخية التي نبني عليها ادعاءاتنا ليس لديها أي تأثير".

وقال أورطايلي إنه على الرغم من أن الجيش التركي كان يفتقر إلى المعدات والأسلحة الأساسية ضد الجيش اليوناني، إلا أنه كان أكثر خبرة في خوض الحرب.

كما سلط المؤرخ الضوء على قدرة مصطفى كمال أتاتورك على قيادة شعبه، وهو الأمر الذي عزز، حسب أورطايلي، طاقة ذلك الشعب التي أجهدتها الحرب العالمية الأولى، ومكنه من المشاركة في حرب الاستقلال.

يشار أن قوات التحالف قامت باحتلال تركيا بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، ما دفع الأتراك بقيادة أتاتورك لخوض حرب الاستقلال عام 1919، التي طردوا من خلالها الغزاة من الأناضول.

وفي الفترة من 26 إلى 30 أغسطس عام 1922، قاتلت القوات التركية في معركة دوملوبينار (التي تعتبر جزءًا من الحرب اليونانية التركية) بولاية كوتاهيا الغربية في تركيا، حيث منيت القوات اليونانية بهزيمة ساحقة.

وبحلول نهاية عام 1922، كانت جميع القوات الأجنبية قد غادرت الأراضي التي أصبحت مجتمعةً جمهورية تركيا الجديدة بعد عام واحد.