مساجد تاريخية بنيت دون إسمنت ولا مثبتات تجذب السياح في "أكشاكوجا"

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 05.08.2020 12:45
مسجد أورهان غازي الأناضول مسجد أورهان غازي (الأناضول)

تتحدى معظم المباني التاريخية في تركيا مرور الزمن كونها قائمةً حتى يومنا هذا تشهد على عصور وحقبات توالت عليها، ولكن مساجد "أكشاكوجا" في ولاية دوزجة شمال غرب تركيا يندر مثيلها حقاً.

قد تبدو المباني المقامة دون أساسات معدنية أو مثبتات ثانوية كالمسامير وغيرها، ليست غريبة في عصر الهندسة الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، لكن مساجد "أكشاكوجا" التاريخية المبنية بتلك الطريقة، لا تزال صامدة منذ عدة قرون وهي مستمرة في إثارة دهشة السياح والزوار.

ويعتبر مسجد "أورهان غازي" ومسجد "الجمعة" في "أكشاكوجا" من رموز الثقافة المحلية ليس في المدينة فحسب بل في المنطقة بأسرها بفضل ما يتمتع به هذان المسجدان من فنون العمارة الفريدة التي تجذب الزوار والسياح المحليين والأجانب. فقد تم تشييد هذه المباني التي تعود إلى قرون بدون مسامير ولا مثبتات، وتم تجميعها باستخدام تقنية تاريخية معروفة باسم تقنية "çantı"، وهي طريقة تركية تقليدية في النجارة والبناء تستخدم الأخشاب الطبيعية بعد معالجتها وتربط بينها من خلال إنشاء مفاصل متشابكة تجعلها مرصوصةً مع بعضها البعض دون مثبتات فيزيائية ولا غراء. كما أن هذه المساجد لم تُبنَ على أساسات إسمنتية، إنما تم بناؤها ببساطة فوق أحجار كبيرة مترابطة معاً، يصل ارتفاعها إلى متر واحد تقريباً.

واستخدمت هذه التقنية منذ قرون طويلة على نطاق أوسع في شمال الأناضول، وخاصة في أسقف منازل الطوب التي كانت تقام في الهضاب أو في قرى الغابات. وبالرغم من أن استخدامها شهد انخفاضاً كبيراً منذ عام 1950 بسبب ظهور تقنيات الإسمنت وتطورها، إلا أنها عادت إلى الظهور مؤخراً كونها أكثر فعالية من حيث التكلفة والصحة.

وقد يتبادر إلى الأذهان أن المباني التي شيدت باستخدام هذه التقنية لن تصمد أمام الكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الفيضانات، ولكن هذه المساجد بفضل مهارة المعماريين القدماء وذكائهم وإتقان الصنعة اليدوية فيها، تمكنت من تحمل اختبارات الزمن وامتحانات الطبيعة القاسية وتخطتها جميعاً.

سمي المسجد الهرم الذي يقع في قرية "جاي آغزي" والذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ 700 هذا العام، باسم "أورهان غازي" نجل "عثمان غازي" الأب المؤسس للإمبراطورية العثمانية. ويعتقد أن "أورهان غازي" زار المنطقة عام 1323 وأمر ببناء المسجد الذي يحمل اسمه الآن. ويمثل هذا المسجد جزءاً هاماً من التاريخ المحلي ونموذجاً جميلاً من العمارة التركية التقليدية.

أما مسجد "الجمعة" الذي يصغر سابقه بحوالي 200 عاماً، فقد بني عام 1834 بأمر من السلطان محمود الثاني حاكم الإمبراطورية العثمانية آنذاك، وتم بناؤه باستخدام تقنية "çantı" ذاتها.

يضم المسجد في طابقه الأول أعمالاً يدوية حجرية وفي طابقه الثاني أعمالاً خشبيةً صنعت باستخدام تقنية "çantı"، وللمسجد أهمية ثقافية كبيرة في المنطقة.