عثر في مدينة حرّان القديمة الواقعة جنوب شرق تركيا على بقايا أول مدرسة إسلامية من أصل خمس مدارس مدرجة في كتب الرحالة التاريخيين، فيما تعد المدينة برمتها المركز العلمي لتلك الفترة التي عاش فيها أكثر من 300 عالم.
وتم اكتشاف أنقاض المدرسة الدينية التي تمثل مؤسسة إسلامية للتعليم العالي وتعود إلى القرن الثاني عشر، في الموقع الأثري لمدينة حران جنوب شرق ولاية شانلي أورفا.
واستمرت أعمال التنقيب في حرّان لمدة 8 سنوات، وهي واحدة من أقدم المستوطنات في العالم المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
وفي حديثه مع وكالة أنباء الأناضول قال محمد أونال رئيس قسم الآثار في جامعة حران ورئيس الحفريات فيها، إن حران مذكورة كثيراً في كتب التاريخ لأنها واحدة من أقدم المستوطنات في العالم.
وأشار أونال إلى أن أسرار المستوطنة تنكشف يوماً بعد يوم من خلال التنقيب الأثري، وأنهم عثروا على أطلال قيّمة مثل شارع وبوابة ضخمة ومدرسة أثناء عمليات التنقيب هذا العام.
وأوضح أونال أنهم وجدوا مبنىً جامعياً في المستوطنة أثناء التنقيب: "لقد حددنا بالأدلة الأثرية أن المدرسة تنتمي إلى العصر الزنكي. وكان معروفاً في السابق أن في حران خمس مدارس. لكنها المرة الأولى التي نصادف فيها إحدى المدارس الدينية المعروفة في هذه المنطقة".
وقال إنهم حددوا المبنى المكون من 24 غرفة فوق الأرض، واكتشفوا بالكامل الباب الضخم للمدرسة مع غرفها الخمس والرواق، مضيفاً أنه يوجد أيضاً مطبخ بجوار تلك الغرف مع مواقد كبيرة و فرن مصنوع من الحجارة والطين.
كما عثروا داخل المواقد والأفران الموجودة في مطبخ المدرسة على العديد من عظام الأغنام والماعز، ما يوضح أن الطعام كان يعد عندما غادر الناس المدينة على عجل، تاركين الطعام على الموقد دون أن يؤكل، بعد أن اقتنعوا تماماً بأن المغول سيستولون على المدينة.
وأكد أونال أن المدرسة تعود إلى القرن الثاني عشر وأنهم سيعرفون المزيد عنها بعد الانتهاء من أعمال التنقيب في المنطقة.
أول جامعة في العالم:
من جانبه قال جهاد كوج والي مدينة حران، إن تاريخ التعليم في حران يعود إلى 3000 قبل الميلاد، وأن الدراسات أجريت في مجالات الفلك والرياضيات والفلسفة واللاهوت.
وقال كوج إن حران تتمتع بمكانة رائدة في مجال العلوم والتعليم، مضيفاً أنه "من خلال عملنا هذا العام، اكتشفنا أولى المدارس الخمس الدينية الكبيرة والتي هي بمثابة مؤسسات جامعية هامة". مشدداً على أن أول جامعة في العالم موجودة في حران. وأنهم يعملون بجدية للكشف عن كامل أنقاض هذه الجامعة.
يذكر أن حران كانت عاصمة آشورية وأموية ذات يوم، وهي تقع على بعد 44 كيلومتراً جنوب شرق شانلي أورفا بالقرب من الحدود السورية، وتعتبر مركزاً تجارياً هاماً لبلاد الرافدين بوقوعها على طريق يمتد جنوباً إلى نينوى في العراق الحديث، وكانت مأهولة بالسكان باستمرار منذ 6000 قبل الميلاد. وبدأت الحفريات الأولى في حران عام 1950. وهي مدرجة في قائمة اليونسكو المؤقتة منذ عام 2000.
