المنطقة متوجسة من تنظيم "ي ب ك" المسلح أمريكياً

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 18.05.2017 00:00
آخر تحديث في 18.05.2017 23:12

كان اللقاء في السادس عشر من مايو/أيار الحالي، هو الأول بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي، دونالد ترامب. وعلى الرغم من الخلافات الحالية بين البلدين، حظي أردوغان باستقبال حار في الجناح الغربي للبيت الأبيض، تبعه مؤتمر صحفي في أجواء ودية؛ وانتهت المحادثات بين الزعيمين بالاتفاق على السعي لتوسيع مجالات التعاون.

جدير بالذكر أن تركيا رفضت التراجع عن انتقادها لقرار الولايات المتحدة تقديم أسلحة ثقيلة إلى تنظيم "ي ب ك"، ومطالبتها بترحيل زعيم تنظيم غولن، فتح الله غولن. ومع ذلك أظهر الطرفان خلال المحادثات التزاماً بعدم السماح للخلافات بالتأثير على العلاقات الواسعة بين البلدين.

إن التعاون مع تنظيم "ي ب ك" الامتداد السوري لتنظيم بي كا كا الإرهابي، في الحرب على داعش في الرقة، هو خطة تعود في الأصل إلى عهد أوباما. والضغط الغربي على واشنطن مدفوعاً بتزايد هجمات داعش في القارة الأوروبية، إضافة إلى البيروقراطية التي ما زالت تسيطر على سلوك البنتاغون الذي يهيمن عليه مؤيدو أوباما، دفعا ترامب إلى التعجيل في تسيير عملية الرقة.

وإلى حين تعيين ترامب لموظفيه في البنتاغون ليحلوا محل تابعي أوباما، وتشكيل وتطبيق سياسة للشرق الأوسط تأخذ بعين الاعتبار شعوب المنطقة، فإن التوتر الحالي لن يزول. إن المأزق الحالي في هذه المسألة لا يعني بالضرورة أن الوضع سيبقى على حاله في شمال سوريا. ويجب على إدارة ترامب أن تضع حدوداً واضحة على المدى البعيد وطبيعة الدعم الذي تقدمه إلى تنظيم "ي ب ك".

ما جرى في البيت الأبيض كان لقاءً بين حليفين مقربين يشرحان بصدق اختلافاتهما ويقدران الصدقية التي يتعاملان بها، ويبحثان فرص التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وحول الرقة، لخص الطرفان مواقفهما ومبرراتها. فتنظيم "ي ب ك" الذي يشكل مصدر قلق لتركيا والعرب والتركمان والأكراد المعادين لتنظيم بي كا كا الإرهابي في سوريا، تسلحه قوة عظمى. وحصول تنظيم إرهابي على أسلحة وعتاد بهذا الحجم سيضع بقية التنظيمات تحت تهديد كبير. ومع تقدم خطة الولايات المتحدة في الرقة، فإن تركيا لن تغير موقفها إزاء عملياتها ضد "ي ب ك".

وخلال المحادثات، تم التعبير للجانب الأمريكي عن مدى الأهمية التي توليها تركيا لاعتقال وإعادة فتح الله غولن. وقد طُلب من تركيا الانتظار حتى انتهاء الإجراءات القضائية التي تخص الأمر. كما تم بحث مسألة القس الأمريكي، أندرو برونسن، المعتقل على خلفية ارتباطاته بتنظيم غولن، وتم إقناع الأمريكيين بضرورة الانتظار حتى صدور حكم المحكمة.

من الواضح أن إدارة ترامب تحتاج إلى المزيد من الوقت لتطوير نظرة أكثر شمولية تجاه المنطقة، ومن ثم التراجع عن النظرة الضيقة للإرهاب، واكتساب المعرفة حول عناصر المعادلة العربية-التركية-الكردية في المنطقة.

الترحيب الدافئ خلال زيارة المسؤولين الأتراك والحوار الصادق والصريح خلال اللقاءات يبعثان على الأمل في مستقبل علاقات صحية على أرضية صلبة. ومع ذلك، فإن الطرفين لا يزالان بحاجة إلى الابتعاد عن أي خطوات من شأنها تهديد العلاقة. العلاقات القوية والوثيقة مع تركيا هي الشرط الأساسي لأي قوة خارجية ترغب في المساهمة في بناء مستقبل المنطقة. وعلى المسؤولين الأتراك والأمريكيين اتخاذ خطوات احترازية في مواجهة المشاكل الحالية، لمنع تضخمها، وذلك من خلال خلق سياسات تعود بالنفع على شعوب المنطقة.