قطع المساعدات الإنسانية والمالية يعاقب الشعب الأفغاني وليس طالبان

نشر في 11.10.2021 13:57
قطع المساعدات الإنسانية والمالية يعاقب الشعب الأفغاني وليس طالبان

مضى ما يقرب من شهرين على سيطرة طالبان على أفغانستان. وكان العالم في الأيام الأولى يعيش حالة صدمة جعلت وسائل الإعلام العالمية تركز بشدة على أدنى تطور في العاصمة كابل وتراقب كل خطوة تتخذها طالبان.

لكن مع مرور الوقت، بدأ الاهتمام يذوي وراحت الدول تصرف عنايتها لشؤونها اليومية إلى أن نسي العالم اليوم أمر هذه البلاد التي مزقتها الحرب وهذا بحد ذاته محزن جداً.

وأنا بصفتي صحفية ذهبت إلى كابل وأمضيت أسبوعاً هناك. أجريت خلاله مقابلة مع المتحدث باسم طالبان والرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي والعديد من النساء والرجال الذين أصروا على إخفاء أسمائهم خشية أن تطالهم طالبان.

وفي الأيام القليلة الماضية، تلقيت رسائل من هؤلاء الأشخاص أعربوا فيها عن خوفهم الشديد لأن حركة طالبان تتخذ منحىً أكثر صرامة يوماً بعد يوم، بل تعمل الحركة على مطاردة كل من كان ينتمي إلى النظام القديم.

فلماذا نسي العالم معاناة الشعب الأفغاني بدل أن يحذو حذو تركيا؟

لم تتخلَ تركيا عن مسؤولياتها تجاه الشعب الأفغاني والتي هي جزء من مسؤوليات المجتمع الدولي بأسره، وتمثل تركيا اليوم قدوةً حسنةً لكل دول العالم في هذا السياق. ففي 30 سبتمبر/أيلول، دعا مجلس الأمن القومي التركي المجتمع الدولي إلى العمل معاً وتحمل المسؤولية للتغلب على الأزمة الإنسانية في أفغانستان، مؤكداً أن تركيا ستواصل المساهمة في الجهود المبذولة في البلاد.

وجاء في البيان الذي صدر بعد اجتماع المجلس أن "تركيا ستواصل دعمها للشعب الأفغاني الصديق والشقيق لضمان حياة مزدهرة وسلمية في بلاده، بما في ذلك تشغيل المطار الدولي في كابل. لقد طلبنا من المجتمع الدولي العمل معاً وتحمل المسؤولية بصدق في التغلب على هذه الأزمة الإنسانية".

ولكن ماذا عن المساعدات الإنسانية؟

دأبت أنقرة منذ بداية الأزمة على إرسال قوافل المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان لتلبية الاحتياجات الأساسية هناك. وحمل الهلال الأحمر التركي 33 طناً من الإمدادات الغذائية لإيصالها إلى 16 ألف أفغاني يعيشون في أجزاء مختلفة من البلاد.

ومع ذلك هناك ما لا يقل عن 18 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الأساسية، أي ما يقرب من نصف السكان الأفغان. وهو رقم ضخم يوضح حجم الأزمة الإنسانية الهائلة التي تواجهها البلاد. وأنا أعتقد أن المساعدات الدولية يجب أن تتدفق مرة أخرى إلى أفغانستان دون قيد أو شرط، وإلا فقطعها يعني معاقبة السكان بكافة شرائحهم بدل طالبان.

ولا ينبغي للعالم أن ينتظر طالبان لتشكل حكومة أكثر شمولاً، أو تسمح للمرأة بالحصول على مكان مرموق في الحياة العامة أو تمنح الفتيات الإذن بالذهاب إلى المدرسة. وبالرغم من أن جميعها مطالب هامة، لكن المساعدات الحيوية كلما طال زمن توقفها، زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع والمرض، وصار لزاماً على الناس أن يتعاملوا بالإضافة إلى الاضطهاد والاستبداد، مع أبسط أشكال الحرمان.

كما أن طالبان قد تصبح أكثر قسوة واستبداداً لأنها ستحتاج إلى ممارسة المزيد من السلطة للسيطرة على البلاد إذا ما ساء الوضع.

وباختصار، إذا كان المجتمع الدولي يهدف إلى مساعدة النساء والدفاع عن حقوق الإنسان في البلاد، فيجب عليه بالتأكيد أن يواصل دعم أفغانستان. لكن البعض يعتقد أن هذا يعني تقديم الدعم لطالبان، بينما أرى المساعدة المالية تمثل دعماً للشعب الأفغاني الذي فقد وظائفه، والذي لا يستطيع نصف أبنائه الحصول على الغذاء والضروريات الأساسية الأخرى. وبمجرد تلبية هذه الاحتياجات، يمكنهم البدء في التفكير في مستقبل بديل.