إلى من سينحاز حزب السعادة التركي؟

إسطنبول
نشر في 16.11.2021 15:02
رئيس حزب حزب السعادة المعارض تمل قره مولا أوغلو الأناضول رئيس حزب حزب السعادة المعارض تمل قره مولا أوغلو (الأناضول)

يقف حزب السعادة التركي المعارض على مفترق اختيار سياسي كبير، سيؤثر بدون شك عليه بالدرجة الأولى وعلى انتخابات 2023 المقبلة أيضاً.

طُرح مؤخراً تساؤل إلى من سينحاز حزب السعادة، في ضوء الاجتماع الأخير للرئيس رجب طيب أردوغان مع رئيس الحزب المعارض "تمل قره مولا أوغلو" والذي استمر لأكثر من ساعتين. ومع الإصرار على أنه من السابق لأوانه تحديد التحالف الانتخابي الذي سينضم إليه، يبدو أن قره مولا أوغلو وفقاً لتصريحاته العلنية، أقرب إلى تحالف الأمة المؤيد للمعارضة دون إغلاق الباب أمام تحالف الشعب الموالي للحكومة. فوفقاً لأقواله لا يعارض قره مولا أوغلو النظام الرئاسي "من الصفر" بل يرى أن تعزيز "الضوابط والتوازنات" داخل نظام الحكم الحالي، يمثل نوعاً من الشروط المسبقة لإجراء محادثات مع تحالف الشعب.

ومع ذلك، لا يزال هناك ما يوحي باستمرار حوار أوثق بين أردوغان وقره مولا أوغلو في المستقبل، مع التأكيد على أن لا أحد سوى قيادة الحزب والأعضاء والناخبين من شأنه التدخل في مسألة أي تحالف سينضمون إليه في نهاية المطاف. ومن الواضح أن هذا القرار سيعكس التداخل بين خيارات السياسة ومكاسب الحزب. وفي الحقيقة، فقد انضم حزب السعادة لحزب الشعب الجمهوري مرتين في الانتخابات، مقابل جزء بسيط مما طالب به حزب العدالة والتنمية الحاكم. لذلك ومع الأخذ في الاعتبار أن القرارات السياسية ليست عقلانية دائماً، أرى أنه من المفيد تقييم ما يمكن أن يستتبعه كل خيار على حدة.

"نحن المعارضة"

وغني عن البيان أن نظام الحكم الحالي في تركيا يتطلب من أي مرشح رئاسي أن يحقق أغلبية بسيطة في الجولة الأولى، مما يضيف إلى أهمية الأحزاب الهامشية مثل حزب السعادة. ويدرك كلا التحالفين الانتخابيين هذه الحقيقة تماماً، حيث يحاولان التوسع قبل انتخابات عام 2023. وقد قال رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي في خطابه البرلماني الأخير "نحن مسؤولون عن الضوابط والتوازنات في البرلمان" و"نحن المعارضة".

وقد تم تفسير هذا البيان بطريقتين: إما أن رئيس حزب الحركة القومية أبرز أهمية حزبه لإبعاده عن حزب العدالة والتنمية، أو أنه مهد الطريق لأحزاب معارضة إضافية للانضمام إلى تحالف الشعب. ومن الواضح أن بهتشلي يؤيد توسيع التحالف الموالي للحكومة، بالنظر إلى مدى أهمية انتخابات 2023. كما يدرك زعيم حزب الحركة القومية على وجه الخصوص، أن هناك تحدياً متزايداً للأمن القومي التركي، في ضوء معارضة حزب الشعب الجمهوري للعمليات العسكرية، واعتماده مؤخراً سياسة التعامل مع حزب الشعوب الديمقراطي الموالي لـ بي كا كا الإرهابي باعتباره "لاعباً شرعياً". ويحاول حزب المعارضة الرئيسي من خلال الفوز بحزب الشعوب الديمقراطي، توحيد جميع أحزاب المعارضة بما في ذلك حزب السعادة. وفي النهاية يبدو الهدف من الحديث عن "استعادة النظام البرلماني" هو الحفاظ على تماسك هذه الأحزاب.

إيجابيات وسلبيات

شكّل حزب السعادة جزءاً من تحالف الأمة في الانتخابات السابقة، وحصل على مقعدين برلمانيين اثنين -أحدهما مستقيل حالياً- ولم يستطع زيادة شعبيته. وبالنظر إلى أن تقلبات الناخبين عالية جداً داخل التحالفات الانتخابية، يكاد يكون من المستحيل بالنسبة لحزب السعادة أن يفوز على ناخبي حزب الشعب الجمهوري أو حزب جيد. وفي الوقت نفسه، من غير المرجح أن يفضل مؤيدو أي من الحزبين حركة الرؤية الوطنية وهي تقليد سياسي محافظ يمثله حزب السعادة، بالرغم من معارضة أردوغان.

علاوة على ذلك، فإن كونه جزءاً من تحالف يضم حزب الشعب الجمهوري، يمنع حزب السعادة من جذب المحافظين الذين قد يديرون ظهورهم لحزب العدالة والتنمية. في الواقع، قد يعزز تعهد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال قليجدار أوغلو "بالتعافي مع المتدينين"، شرعية حزب الشعب الجمهوري في أعين الناخبين المحافظين إلى حد ما، لكنه لن يفيد حزب السعادة بأي شكل من الأشكال. والسبب أنه طالما يتعاون حزب السعادة مع تحالف الأمة الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري، يتم تشجيع الناخبين على دعم حزب جيد بدل حزب السعادة نفسه. والواقع أن القاعدة نفسها تنطبق على حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم بالرغم من خطابهما "الليبرالي".

خطوات تحالف الشعب

إن التزام حزب السعادة بإيديولوجية الرؤية الوطنية يجعله أقرب إلى تحالف الشعب عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية والاستقلال الوطني. وإذا تم التوصل إلى اتفاق "لتحديث" النظام الرئاسي، يمكن إدارة جميع الخلافات الأخرى من خلال ما يصفه بهجلي بأنه "البقاء في المعارضة بالرغم من الانضمام إلى التحالف". علاوةً على ذلك، قد يؤدي القرار المحتمل من جانب حزب السعادة للانضمام إلى تحالف الشعب إلى مستوى معين من التقلب بين تلك الحركة وحزب العدالة والتنمية، ما يعني المزيد من المقاعد في البرلمان وحصة أكبر من الأصوات الوطنية. وفي الوقت نفسه، من خلال الانضمام إلى "تحالف الشعب" يمكن للحزب أن يبعث برسالة إيجابية إلى الناخبين الأكراد.

وخلاصة القول، يمكن لبقاء حزب السعادة جزءاً من تحالف الأمة الذي يهيمن على سياسته وخطابه حزب الشعب الجمهوري، أن يخلق فقط إرثاً يجعل سياسيو الرؤية الوطنية يجدون صعوبةً في تفسيره مستقبلاً، من حيث التقييم العقلاني سواءً للمكاسب المحتملة أو الهوية أو الأيديولوجيا.