متحدث الرئاسة التركية: اتفاق "ب ي د" و"داعش" أثبت فشل سياسة استخدام تنظيم إرهابي ضد آخر

ديلي صباح
أنقرة
نشر في 18.11.2017 00:00
آخر تحديث في 18.11.2017 20:05
متحدث الرئاسة التركية: اتفاق ب ي د وداعش أثبت فشل سياسة استخدام تنظيم إرهابي ضد آخر

قال متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، إن تفاصيل الاتفاق المبرم بين تنظيمي "داعش" و"ب ي د/ي ب ك" الإرهابيين في محافظة الرقة السورية، أثبتت مجددًا ضعف السياسة القائمة على استخدام تنظيم إرهابي لمحاربة آخر.

جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة "ديلي صباح" التركية الناطقة بالإنجليزية، حول اتفاق إرهابيي "ب ي د/ي ب ك" و"داعش"، على مغادرة عناصر الأخير مع أسرهم من الرقة إلى ريف محافظة دير الزور، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأشار قالن إلى أن الحرب التي دخلت عامها السادس في سوريا، باتت اليوم في قلب المواجهات الجيوسياسية وألاعيب القوى الموجودة على الساحة، مبيناً أن جميع اللاعبين الإقليميين والعالميين الكبار أصبحوا جزءا من الأزمة السورية بطريقة أو بأخرى خلال العامين الماضيين.

ولفت إلى أن التحالف الروسي الإيراني وجد فرصة جيوسياسية لدخول سوريا بعد صمتت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إزاء استخدام الأسلحة الكيميائية أو ما سموه "الخط الأحمر" في منطقة الغوطة بدمشق.

واعتبر أن هذا الوضع أدى إلى توسيع نطاق الأزمة السورية وإطالتها بشكل مُدمّر، من خلال ارتكاب جرائم لم يشهد التاريخ القريب مثلها.

وبحسب قالن، فإن الانتشار السريع لتنظيم "داعش" في الأراضي السورية، لا يمكن تقييمه بمعزل عن الأخطاء الكارثية التي ارتُكبت فيما يتعلق بوقف مجازر النظام السوري.

وتطرق قالن إلى تسليح الولايات المتحدة تنظيم "ب ي د/ي ب ك"، ذراع منظمة "بي كا كا" الإرهابية في سوريا، بدعوى التركيز على محاربة "داعش".

وقال في هذا السياق إنه بالتزامن مع هزيمة "داعش" إلى حد كبير في الرقة ومناطق أخرى، بدأت واشنطن تبحث عن حجج جديدة من أجل الاستمرار في سياستها، على عكس الضمانات التي أعطتها لتركيا بخصوص ما وصفته بـ"العلاقة المؤقتة والمرحلية" مع التنظيم (ب ي د/ي ب ك).

وأوضح أن تفاصيل الاتفاق الذي جرى في الرقة لإجلاء مئات من إرهابيي "داعش"، أثبتت مجددًا ضعف السياسة القائمة على استخدام تنظيم إرهابي لمحاربة آخر.

وبيّن متحدث الرئاسة، أن هناك سؤال مزعج لا يريد أحد طرحه في واشنطن، وهو "في أي عاصمة حول العالم سيظهر الإرهابيون الذين تم إجلاؤهم من الرقة، كانتحاريين؟".

ويُشير تحليل آخر، وفق قالن، إلى محاولة الولايات المتحدة البقاء شرقي سوريا من أجل تحقيق توازن أمام التحالف الروسي الإيراني في ذلك البلد، متذرعة بـ"داعش" و"ب ي د/ي ب ك".

وفي هذا السياق، يؤكّد بعض المحللين أن هناك العديد من النقاط العسكرية الأمريكية شرق سوريا، وأنه تم شحن كميات ضخمة من المعدات العسكرية إلى المنطقة.

ويرى قالن أنه بناء على ذلك، يستنتج المحللون تخطيط الولايات المتحدة للبقاء مدة طويلة شرقي سوريا، لكن أيًا كانت الخطط والنوايا الأمريكية، سوف تُلحق سياسة دعم ذراع "بي كا كا" في سوريا، الضرر بوحدة الأراضي السورية والحل السياسي المتوقع صدوره عن مباحثات أستانة وجنيف.

وأكّد قالن أن سياسة واشنطن ستشكّل تهديداً للأمن القومي بالنسبة إلى دول الجوار، وأنقرة ستنتظر لترى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستلتزم بوعدها في قطع العلاقات مع "ب ي د/ي ب ك" عقب خروج "داعش" من الرقة، أم أنها ستحنث به.

وفيما يتعلق بالخطوات الروسية الإيرانية، أشار قالن أن الأخيرتين تحاربان "داعش" بهدف ضمان بقاء نظام الأسد في الحكم، وتعتبران أنهما الرابح خلال العامين الأخيرين من خلال منع سقوط النظام والقضاء على الخطر الإرهابي الناجم عن "داعش" فضلًا عن إضعاف المعارضة وتحقيق مكاسب جيوسياسية هائلة أمام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

متحدث الرئاسة التركية، شدد أيضاً في مقاله على ضرورة ضمان وحدة الأراضي السورية في جميع الحلول السياسية، وتطهير سوريا من جميع العناصر الإرهابية، إضافة إلى إخراج جميع المقاتلين الأجانب من البلاد.

كما دعا إلى تشكل حكومة انتقالية تشمل جميع السوريين، وتحضّر أرضية لانتخابات حرة وعادلة، فضلًا عن صياغة دستور جديد يعكس إرادة وآمال السوريين في الديمقراطية والحرية وسيادة القانون.

وتابع قالن أن "موضوع (ب ي د/ي ب ك) ما زال خطًا أحمر بالنسبة إلى تركيا، ولا يمكن لهذه التنظيمات أن تكون شريكًا لأي حل سياسي لكونها الذراع السوري لـ(بي كا كا) المصنفة كمنظمة إرهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى".

وأردف أن "اعتبار هذه التنظيمات ممثلة للأكراد في سوريا، يعد إهانة للشعب السوري، في أخف تعبير، لأن العديد من الأكراد يعارضون أيديولوجية (بي كا كا)، علمًا أنهم عانوا كثيرًا من المنظمة وذراعها السوري، لكن هؤلاء الناس يعجزون عن إيصال أصواتهم في المناخ السياسي الراهن، ويجب منحهم الحقوق التي يستحقونها في مستقبل سوراي".

وفيما يتعلق بمستقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد، شدّد قالن على أن الأخير لا يعدّ شخصًا قادرًا على منح السوريين حكومة ديمقراطية تشكل الجميع.

وقال "عند الأخذ بعين الاعتبار الجرائم التي ارتكبها (الأسد) بحق الشعب السوري، فإنه يتضح بأن مهمة توحيد السوريين لن تُمنح له (..) الأسد لا مكان له في مستقبل سوريا، وعلى الروس والإيرانيين أن يُدركوا أن إبقائه في الحكم ليس وسيلة لحماية مصالحهم في سوريا".

وبيّن أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، سيبحث هذه القضايا مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، خلال القمة الثلاثية التي ستنعقد يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في مدينة سوتشي الروسية.

ولفت إلى أن هذه القمة هي امتداد لمباحثات أستانة، وليست بديلًا من مباحثات جنيف، ويجب تقييمها كعنصر مكمّل لها.

وأوضح أن على جميع الأطراف أن يراعوا وحدة الأراضي السورية وينتهجوا موقفًا يضمن حرية وأمن الشعب السوري الذي عانى آلاما يستحيل وصفها بالكلمات، والتي لا يمكن تجاهلها لأجل المنافسة الجيوسياسية.