العالم الإسلامي يستقبل ثاني رمضان وسط إجراءات صحية وقيود غير مسبوقة

وكالة اسوشيتد برس
إسطنبول
نشر في 12.04.2021 11:38
فوانيس رمضان في نابلس AP فوانيس رمضان في نابلس (AP)

في العام الماضي، قلب فيروس كورونا العادات اليومية التي تميز أقدس شهر في الإسلام.

وتسبب الوباء في تعطيل أداء الشعائر الإسلامية الجَماعية في جميع أنحاء العالم، لا سيما صلاة التراويح، في ظل احتياطات معينة، من ضمنها تقصير مدة الصلاة.

واليوم يعود شهر رمضان، الذي يبدأ هذا الأسبوع، في وقت تتعرض له معظم دول العالم لموجة جديدة من فيروس كورونا.

والقيود المفروضة على التنقل بالنسبة للعديد من المسلمين، تعني أن الآمال في رمضان أفضل من العام الماضي قد تبددت مع ارتفاع معدلات الإصابة رغم اختلاف اللوائح في البلدان المختلفة.

فضلا عن كونه شهر الصيام والعبادة والأعمال الخيرية، يتميز رمضان أيضا بتجمع الناس لأداء الصلوات وتجمع الأسر حول وجبات احتفالية للإفطار يوميا، إضافة إلى التجمع في المقاهي وتبادل الزيارات.

مرة أخرى، تفرض دول قيودا جديدة بسبب فيروس كورونا. لكن هناك مخاوف كبيرة من أن تؤدي الطقوس المتبعة خلال شهر رمضان إلى تفشي موجة أخرى.

قال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن "عدم الالتزام الذي حدث في رمضان الماضي، والتسرع في رفع حظر التجوال المفروض في ذلك الوقت، وإعادة فتح أماكن التجمعات... أدى إلى عواقب وخيمة استمرت لأشهر".

وأضاف في رسالة عبر البريد الإلكتروني "لدينا مخاوف كثيرة من تكرار ما حدث في رمضان الماضي، خاصة وأن شهر رمضان يتزامن مع عطلة مهمة أخرى، وهي عيد القيامة".

ويحتفل المسيحيون الأرثوذكس بعيد القيامة في الثاني من مايو / أيار.

في باكستان، ارتفع عدد الحالات الجديدة من أقل من 800 حالة يوميا في بداية الشهر العام الماضي إلى أكثر من ستة آلاف حالة يوميا بعد أسابيع قليلة من انتهاء شهر رمضان.

وعزا المسؤولون الزيادة إلى حد كبير إلى انتهاك الباكستانيين للقيود. وبعد التراجع في الأعداد، تعود البلاد إلى أكثر من خمسة آلاف حالة جديدة يوميا.

فيما بدأت إيران يوم السبت إغلاقا لمدة 10 أيام وسط تصاعد حاد في الإصابات أعقب عطلة عيد النوروز، رأس السنة الفارسية الجديدة.

ويلوح في الأفق أيضا المصاعب الاقتصادية خلال الشهر بالنسبة لكثيرين. ففي سوريا التي مزقتها الحرب، يشعر عابد الياسين بالقلق حيال ما ستبدو عليه وجبة الإفطار خلال رمضان هذا العام.

قال الياسين "سيكون من الصعب حتى الحصول على طبق الفتوش"، في إشارة إلى طبق السلطة الذي يعد عنصرا أساسيا في الشهر الكريم في بلده.

يقضي الياسين ثاني شهر رمضان له في مخيم بالقرب من الحدود التركية بعدما هُجر قسرا من مسقط رأسه العام الماضي بسبب هجوم جيش النظام السوري المدعوم من روسيا.

قال الرجل الذي يعيش مع زوجته وثلاثة أولاد وبنت واحدة في خيمة "أمنيتنا الأساسية هي العودة إلى ديارنا". أوضح أنه يعتمد في الغالب على المساعدات الغذائية.

وقد تلقى سكان المخيم مؤخرا أكياسا من العدس والمعكرونة والبرغل، كما يتلقون الخبز يوميا.

أما لبنان، فيعتصر من جراء أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخه الحديث، تفاقمت بسبب الوباء والانفجار الهائل المميت في بيروت في أغسطس / آب.

قالت ناتالي نجم، وهي وسيط تأمين: "نمر بفترة يصوم فيها بعض الناس في رمضان وفي غيره". أضافت أنه على الرغم من وظيفتها، بالكاد تستطيع تغطية تكاليف الطعام، "فماذا عن الآخرين الذين فقدوا وظائفهم؟".

لمنع التجمعات الكبيرة في رمضان، منعت المملكة العربية السعودية المساجد من تقديم وجبتي الإفطار والسحور.

حاول العديد من رجال الدين المسلمين، بما في ذلك في المملكة العربية السعودية، تبديد المخاوف بشأن الحصول على لقاح فيروس كورونا في رمضان، قائلين إن القيام بذلك لا يؤدي إلى كسر الصيام.

ومع تجاوز الإصابات الجديدة الذروة السابقة في الهند، ناشد رجال الدين المسلمون مجتمعاتهم اتباع القيود الصارمة والامتناع عن التجمعات الكبيرة، كما طالبوا المتطوعين برعاية كبار السن والمحتاجين.

شهد شهر رمضان في الهند العام الماضي تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا بعد اتهامات بأن الزيادة الأولية في الإصابات كانت مرتبطة باجتماع استمر ثلاثة أيام لـ"جماعة التبليغ" الإسلامية في نيودلهي.

وفي باكستان، تسمح السلطات بأن تظل المساجد مفتوحة خلال شهر رمضان بقواعد معمول بها تشمل منع المصلين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا وطلب الأقنعة.

ولكن بالنظر إلى تجاهل القواعد على نطاق واسع هناك العام الماضي، طالب الأطباء الحكومة بإغلاق المساجد.

وقال الدكتور قيصر سجاد، الأمين العام لنقابة الأطباء الباكستانية، الأحد: "نحن قلقون للغاية بشأن التجمعات". وحث الحكومة ورجال الدين الباكستانيين على وضع خطة أفضل خلال شهر رمضان لوقف انتشار الفيروس.

أضاف "يجب أن نتعلم من العام الماضي". ودعا سجاد إلى إغلاق كامل لمدينة لاهور الشرقية.

تركت أفغانستان الأمر للمصلين مراعاة التباعد الاجتماعي والابتعاد عن المساجد عند الشعور بالمرض.

وقال سيد محمد شيرزادي، رئيس قسم الحج والشؤون الدينية في ولاية كابول: "إنقاذ حياة إنسان واجب ... لا يمكنك تعريض حياة إنسان للخطر على الإطلاق".

فرضت ماليزيا بعض القيود على الحركة وأعلنت حال الطوارئ لفيروس كورونا حتى أغسطس / آب بعد ارتفاع عدد الإصابات. لكنها رفعت العام الماضي الحظر المفروض على صلاة التراويح والبازارات الرمضانية التي تبيع الطعام والشراب والملابس، على الرغم من اتخاذ إجراءات صارمة.

وفي مصر، أرسل نوح العيساوي، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد في البلاد، رسالة إلى المصلين قبل بداية الشهر تقول: "إذا أردتم أن تظل بيوت الله مفتوحة، التزموا بالإجراءات الاحترازية."

وأحد التقاليد الرمضانية في مصر التي لا تزال ضحية للفيروس للسنة الثانية هي "الموائد الرمضانية"، وهي حفلات إفطار جماعية مجانية يفطر فيها الصائمون على موائد طويلة في الشارع.

ربما اختفت الموائد الرمضانية، لكن روح العطاء خلال الشهر لم تختف.

قالت نيفين حسين، 48 سنة، إن زملاءها أحضروا لها "حقائب رمضان" المليئة بالأرز والزيت والسكر وغير ذلك من المواد الأساسية لتوزيعها على الأسر المحتاجة. وأشارت إلى أن هذا تقليد سنوي أصبح أكثر إلحاحًا بسبب الوباء الذي أضر بسبل عيش العديد من أولئك الذين يعانون بالفعل.

قالت: "هذا شهر الرحمة وشهر الكرم".