حكاية فتى سوري ومدرب لبناني والبحر

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 02.08.2017 00:00
آخر تحديث في 03.08.2017 00:26
علي قاسم يركب الأمواج © UNHCR/Hussein Baydoun علي قاسم يركب الأمواج (© UNHCR/Hussein Baydoun)

علي قاسم، فتى حلبي هرب من أتون الحرب في سوريا عندما كان لا يزال طفلاً واستقر مع أهله في بلدة ساحلية لبنانية منحته فرصة امتطاء الأمواج ليحلق عالياً في سماء رياضة خطيرة.

"علمتني رياضة ركوب الأمواج كيف أكون قوياً في الحياة، وأنّ لا شيء مستحيلا".

بهذه العبارة، استهلّ علي صاحب الـ17 عاما حديثه للأناضول، مفعماً بأحلام وطموحات قال إنها قد تجعل من اسمه يلمع يوما بين أبطال العالم في هذه الرياضة.

وأضاف: "تسمح لي بالتعبير عن شخصيتي.. لقد أصبحت شخصًا مختلفا، وأضحت لدي ثقة أكبر بنفسي".

* ما بين حلب وجيّة.. ولادة حلم:


أمضى علي الفترة الأولى من طفولته، وتحديدا حتى العاشرة من عمره، في مدينة حلب في شمال غربي سوريا، الخالية تماماً من البحر.

وبمجيئه مع عائلته إلى لبنان سنة 2011، استقرّ في بلدة جيّة الساحلية على بعد 28 كم جنوب بيروت حيث تمكّن ذلك الطفل الأشقر من تعلّم أصول السباحة قبل أن يصبح محترفاً في ركوب الأمواج.

أمضى علي أياماً طويلة وهو يراقب راكبي الأمواج... كان يقضّي الساعات مدققا النظر في جميع تفاصيل وحركات هؤلاء الأشخاص المحلّقين عاليا عبر الأمواج. وبعد بضعة أشهر تحوّل المراهق من صفوف المتفرجين إلى صفوف المحترفين.

وبحكم قرب منزله من شاطئ البحر، كان علي يذهب يوميا للسباحة و"مراقبة الشبان وهم يمارسون هذه الرياضة ورصدهم بشكل يومي".


عام 2015، استكمل علي عامه الـ 15، فكان أن قرّر خوض تجربة ركوب الأمواج بمفرده وبدون أي تدريب مسبق أو تجربة.

وعن رحلته في عالم الأمواج وخطواته الأولى فيه، يقول علي إنه استغل خلو الشاطئ من روّاده وأحضر لوحة من "الفلّين"، واستخدم سكّيناً لنحتها على شاكلة لوحات التزلج المحترفة التي كان يشاهدها لدى راكبي الأمواج... ثم نزل البحر!

* المصادفات تصنع "أبطالا":

عن ذلك يقول المدرب اللبناني علي الأمين، مكتشف الفتى علي قاسم: "المصادفات تقودنا أحيانا إلى مرحلة جديدة من حياتنا". علي الأمين راكب أمواج لبناني-أمريكي يدير نادياً ومدرسة تدريبية لركوب الأمواج يقول: كنت عائداً إلى شاطئ جيّة وانتبهت إلى وجود فتى يصرّ على ركوب الأمواج (...) ورغم عدم قدرته على فعل ذلك بالشكل المطلوب لكن محاولاته كان فيها شيء من الحرفية والذكاء".


وتابع: "شاهدنا الفتى وهو يحمل لوحة من الفلّين ويقف بحذر على حافة المياه، لكن لم يدر بخلدنا أبدا أنه سيخاطر بالنزول إلى المياه الهائجة، وركوب الأمواج العالية".

ومع أنّ الأمر كان بمنتهى الخطورة بالنسبة إلى فتى غير مدرّب إذ لم يكن يرتدي الثياب الخاصة بالغطس، إلا أنه "قطع نصف الطريق، قبل أن نطلب منه العودة لأنه لم يكن مربوطاً بحبل الساق، كما أن المياه كانت لا تزال باردةً"، وفق المدرّب.

* مشادة كلامية حققت الحلم:

عناد الفتى المراهق أدخله في مشادة كلامية مع الأمين (35 عاما) الذي استقطبه إصرار علي وثقته العالية بنفسه، فكان أن قرّر تدريبه، ومنحه أسرار الهواية النادرة في لبنان. ومنذ ذلك الحين، أصبح علي "الابن الروحي والمدلل" للأمين.

وفي غضون أشهر قليلة وعقب تلقّيه عدة دروس، تمكّن علي من إتقان أصول الرياضة، بل أضحى قادرا على ركوب الأمواج بثقة نفس عالية وتمكّن واضح.

ويتابع المدرب: "لم أنظر إليه على أنه مجرّد مراهق أو أنه من بلد وطائفة مختلفين.. إنما تعاملت معه كإنسان لديه طموح وذكاء، وأتمنى أن يصبح تلميذي مدرّبا محترفا وصاحب نادي متخصص في هذه الرياضة".

رغبة تتماهى مع حلم علي الذي يطمح لفتح أوّل مركز للتدريب على ركوب الأمواج في بلده سوريا، ولأن يكون أوّل من يدخل هذه الرياضة إلى وطنه.


أما رياضة ركوب الأمواج، فقد ظهرت من جديد في لبنان في 2012 على يد "الأمين"، بعد أن كانت موجودة أصلاً في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لكن ظروف الحرب الأهلية وأدتها لسنوات طويلة.