20 عاماً على مونديال فرنسا 1998.. وزيدان لم يزل أسطورة

وكالة الأنباء الفرنسية
إسطنبول
نشر في 04.06.2018 00:00
آخر تحديث في 04.06.2018 16:39
زين الدين زيدان أمام ملصق إعلاني يحمل صورته الفرنسية زين الدين زيدان أمام ملصق إعلاني يحمل صورته (الفرنسية)

زين الدين زيدان أو زيزو أشهر من نار على علم. اللاعب الذي تحول في السادسة والعشرين من عمره إلى معبود للجماهير الفرنسية التي هتفت باسمه على جادة الشانزيليزيه ورفعت صورته على قوس النصر في قلب باريس، وصولا إلى المطالبة به رئيسا للجمهورية!

بداية ظهور نجم الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان كان في تموز/يوليو 1998، حين قام "صانع التمريرات" الفذ بتنفيذ كرتين رأسيتين، مستولياً على لقب كأس العالم في كرة القدم لفرنسا وعلى أرضها.

واليوم، وبعد 20 عاما، لم يتوقف اللعب الجزائري الأصل عن مفاجأة عشاقه. وبعد 20 عاما، لا يزال البعض يطالبون بزيدان رئيسا للجمهورية الفرنسية.

يروي النجم الفرنسي لصحيفة "ليكيب" الفرنسية حديث الأيام التي سبقت النهائي مع المدرب المخضرم إيميه جاكيه. قال إن المدرب "ركز في الأيام التي سبقت النهائي على أهمية الركلات الركنية. قال لي +زيزو، أعرف أن الضربات الرأسية ليست نقطة قوتك الا ان هذا البرازيلي بالكاد يبلغ طوله 1,70 م (في اشارة الى الظهير الأيسر روبرتو كارلوس)، الآخر بالكاد أطول بقليل (ليوناردو البالغ طوله 1,75)، لذا أنا أضمن لك، اذا حاولت وكنت مقتنعا بقدرتك، يمكنك ان تحقق أمرا ما+".

ثم أضاف زيدان "حياتي انقلبت رأسا على عقب بعد تلك المباراة".

تدريب "الديوك" هو المسار المرجح للفرنسي الذي اختار في 31 أيار/مايو الماضي، الرحيل عن تدريب ريال مدريد الاسباني بعدما قاده إلى إحراز لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة تواليا، ليصبح أول مدرب في التاريخ يحقق إنجازا مماثلا. اختار "زيزو" الخروج من الباب العريض، كما دخل تاريخ كرة القدم من باب النجومية في نهائي كأس العالم.

"إنه مقاتل":

منافسه في نهائي دوري الأبطال هذا الموسم، الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول الانكليزي، قال عنه قبل المباراة إنه "مقاتل". وأضاف أن زيدان كان دائما مقاتلا "لقد نشأ في مرسيليا ولكي تحظى بمسيرة مشابهة يجب ان تكون مقاتلا"، وإن جودته كمدرب هي نفسها جودته كلاعب.

واعتبر كلوب أن اللحظة الوحيدة التي كان ينسى فيها العالم أن زيدان هو مقاتل "هي عندما كان يلعب، لأنه كان أفضل من الجميع".

جعل "يزيد" (الاسم الذي كان يناديه به أقاربه في صغره) كرة القدم تبدو بسيطة، سلسة، سهلة. انساقت الكرة بين قدميه كما يجري النهر في الوادي، بلا عوائق، بلا كلفة، بمسار مرسوم من أول الملعب الى آخره.

كأس عالم وكرة ذهبية كأفضل لاعب في العالم عام 1998، كأس أوروبا 2000، هدف حاسم من الأجمل في تاريخ المسابقة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2002 مع ريال مدريد... الطفل الكتوم الذي تخفي عيناه بعض الخجل، ابن العائلة المؤلفة من خمسة أولاد ذات الأصول الجزائرية، أحرز معظم الألقاب الفردية الممكنة في مسيرته التي تنقل خلالها بين أندية عدة بدءا من كاين إلى بوردو الفرنسيين، فيوفنتوس وريال.

بعد خيبة الخروج من الدور الأول في مونديال كوريا الجنوبية واليابان 2002 في ظل غيابه عن المباراتين الأوليين بسبب إصابة تعرض لها قبل نحو أسبوع على انطلاق البطولة، عاد زيدان في 2006 حاملا شارة القائد، وعازما على إنهاء مسيرته الكروية بأفضل شكل ممكن: مونديال ألمانيا.

قاد زيدان فرنسا إلى النهائي، وقدم خلال البطولة لمحات عبقرية، لا سيما في ربع النهائي ضد البرازيل (1-صفر) عندما راوغ لاعبي السيليساو بطول الملعب وعرضه، وصنع من ضربة حرة، تمريرة حاسمة لهدف تييري هنري.

إلا أن الأمور لم تصل إلى خواتيمها السعيدة. في المباراة النهائية ضد ايطاليا، وبدلا من أن يرفع زيدان كأس العالم، رفعت في وجهه البطاقة الحمراء بعد "النطحة" الشهيرة التي وجهها الى صدر المدافع الايطالي ماركو ماتيزارتزي، على خلفية ما قال زيدان إنها إهانة وجهها الى والدته.

"سامحت" فرنسا زيدان، لا سيما رأس الهرم في حينه رئيس الجمهورية جاك شيراك الذي أكد له في قصر الاليزيه "إعجاب وعاطفة البلاد كلها" تجاهه.

التحول الرابح:

بعد "انقطاع" لبضعة أعوام عن كرة القدم، عاد "زيزو" المتجدد في العام 2011، وهذه المرة من بوابة الادارة الرياضية للنادي الذي أنهى في صفوفه مسيرته كلاعب: ريال مدريد الاسباني.

"تدرج" النجم السابق في أرض الملعب، في مسار التأقلم مع الحياة على أطراف العشب الأخضر. قرر ان يخطو نحو التدريب خطوة خطوة: في 2014 أصبح مساعدا لمدرب الفريق الأول "المعلم" الايطالي كارلو أنشيلوتي، ولم يتأخر في حصد النجاح مع تتويج الفريق في نهاية الموسم بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخه.

في 2016، دفع رئيس النادي فلورنتينو بيريز بزيدان الى واجهة المشهد على نحو غير متوقع: مديرا فنيا للفريق الأول خلفا لرافايل بينيتيز. لم يتأخر الفرنسي في حصد الثمار في رحلة إثبات الجدارة بعد توليه، من دون خبرة تدريبية تذكر، مسؤولية أحد أبرز الأندية في العالم وأكثرها تطلبا.

اختلف زيدان المدرب عن زيدان اللاعب أمام وسائل الاعلام. بات يتقن لعبة الكاميرات والتصريحات، وتوزيع الابتسامات وإمرار الرسائل.

على رغم نجاحاته كمدرب، بقي زيدان يلاقي انتقادات بعض الملعقين الذين يعتبرون انه ليس "تكتيكيا" ناجحا. زميله السابق في المنتخب مارسيل دوسايي يخالف المشككين الرأي. ويقول في تصريحات لوكالة فرانس برس ان زيدان هو على عكس ما يعتقد الجميع "هو انطوائي إلا أنه متحفز للغاية، طموح للغاية".

يضيف "لا أعتقد ان ثمة أحدا يمكنه القول إنه لم يفاجأ بمسيرته. يكذب من يقول إنه كان يعرف إنه سيحقق نجاحا على هذا المستوى".