آرتفين.. لؤلؤة منطقة البحر الأسود التركية

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 26.10.2021 12:11
Shutterstock (Shutterstock)

ولاية "آرتفين" التركية الواقعة شمال البلاد على الشريط الساحلي للبحر الأسود، هي في الواقع مكان يمكن فيه لمس الغيوم، وهي توفر للزوار الهواء النقي مصحوباً بالطبيعة والتاريخ، وهي عناصر يندر الجمع بينها إلا في تركيا.

ولعل معظم الناس يركزون عند التخطيط لرحلة إلى تركيا، على الأجزاء الجنوبية من البلاد المشهورة بجمالها، بالإضافة إلى سواحل بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط الرائعة بشواطئها الجميلة ووديانها ومواقعها التاريخية.

وبالرغم من أنه يتعين على الجميع بلا أدنى شك زيارة تلك الأماكن مرة واحدة على الأقل في حياتهم، إلا أن معظم السياح لا يعلمون أن تركيا الجذابة سياحياً، لديها الكثير لتقدمه لزوارها في الشمال، خاصة في منطقة البحر الأسود التي تعد موطناً للخضرة والهواء النقي، في قلب الطبيعة بعيدًا عن صخب المدينة.

ومن إحدى جواهر منطقة البحر الأسود، ولاية أرتفين التي تشتهر بجبالها الشاهقة وبحيراتها الصافية وغاباتها الخضراء الزمردية وشلالاتها العذبة وثراء الحياة البرية فيها. وبدأت المنطقة مؤخراً تجتذب اهتمام المغامرين الحقيقيين ومحبي الطبيعة. فهذه الأرض التي تشبه الحلم تبهر زوارها بجبالها التي يصل ارتفاعها إلى 4000 متر، وبمنحدراتها الصخرية التي يقطعها أحد أطول الأنهار في تركيا.

وتحيط بأرتفين وديان شديدة الانحدار منحوتة على ضفاف نهر "جوروه"، وجبال عالية في "كاج قار" و"كارجال" و"يالنيزجام"، إلى جانب الغابات والمتنزهات الوطنية مثل حديقة "قره غول-صحارى" التي تحتوي على بحيرتي "شاوشاط" و"بورجكا"، وكلها تجعل من آرتفين وجهة سياحية بديلة لمن يحبون الاستغراق في الطبيعة الجميلة.

كيفية الوصول الى هناك

نظراً لوقوع الولاية على حدود جورجيا شمال شرق تركيا، فإن القيادة إليها قد تكون صعبة بعض الشيء، إذ يستغرق الطريق من إسطنبول على سبيل المثال، ما يقرب من 20 ساعة بالسيارة، وربما أكثر بالحافلة. ويبقى الخيار الأفضل هو السفر إلى مطاري طرابزون أو باتومي ثم استئجار سيارة للقيادة إلى آرتفين.

ما هي الأنشطة التي يجب القيام بها في هذا المكان الساحر

تشتهر آرتفين بشعبها المضياف وطبيعتها الخلابة وبالطبع بطعامها اللذيذ. وتسود ثقافات القوقاز والبحر الأسود في المنطقة، لأن آرتفين هي موطن شعوب لاز وكذلك الكيبشاك والجورجيين المسلمين الذين هاجروا إليها بُعيد ترسيم الحدود الشمالية عقب حرب الاستقلال التركية. ومن الطبيعي أن يؤدي مزيج العديد من الثقافات هناك إلى تقاليد غنية في فنون الطهي، ما يحتّم على الزائر ضرورة تذوق أكبر عدد ممكن من الأطباق التقليدية.

ومع ذلك يسيطر جمال الطبيعة الأخاذ على بقية عوامل الجذب السياحي الرئيسية في آرتفين نظراً لأن الطبيعة تشكل جزءاً كبيراً من الولاية جغرافياً وثقافياً، إلى جانب فرص السياحة البديلة مثل التخييم والتزلج ورحلات السفاري بسيارات الجيب وركوب القوارب النهرية والتجديف وكلها نشاطات تحظى بشعبية كبيرة.

وتعد زيارة جبل "كاج قار" أحد أعلى الجبال في تركيا، ومحاولات صعوده من أكثر الأنشطة المرغوبة في المنطقة. حيث تصل مجموعات متسلقي الجبال من الزوار والمحترفين إليه، بالسير عبر قرية "يوسفلي يايلار" إلى مرتفعات "جاملي همشين آيدر" في "ريزة". وإذا بدا هذا المسار صعباً بعض الشيء، فبإمكانهم أن يسلكوا العديد من الطرق الأخرى عبر جبال "ألتي بارماك".

كما يُسمح للزوار بالصيد خلال الموسم المفتوح للمنطقة. ومع ذلك، يُنصح الصيادون الزائرون بتوظيف مرشد محلي لتجنب الضياع في غابات آرتفين الكثيفة.

وتضم الولاية عدداً قليلاً من المتنزهات الوطنية، أشهرها حديقة "قره غول-صحارى" الوطنية، التي دخلت تحت حماية الدولة عام 1994. وتتكون الحديقة التي تغطي 3.251 هكتاراً من منطقتين، حيث يحتوي جانب "قره غول" على نباتات الزينة والورود المتنوعة والأشجار الكثيفة ويقصده السكان المحليون كمتنزه ترفيهي. أما الجزء الصحراوي من الحديقة الوطنية، فيواصل فيه الناس عيش حياة مرتفعات البحر الأسود التقليدية.

ولكن ماذا عن الجزء التاريخي؟

آرتفين هي موطن لثلاثة قلاع تاريخية شهيرة. الأولى هي قلعة "شاوشاط" الواقعة في منطقة "صوغوتلو"، وبنيت هذه القلعة في القرن التاسع على يد العائلة المالكة الأرمنية "باغراتونيس"، واستخدمها العثمانيون كمركز عسكري فيما بعد. وتبدو القلعة مهجورة اليوم، لكن أجزاء من أبراجها لا تزال مرئية.

ويوجد أيضاً قلعة آرتفين التي بنيت في القرن العاشر من قبل ملوك "باغراتونيس" أيضاً، وهي تقع على مرتفع صخري ضخم بالقرب من نهر "جوروه".

أما الثالثة فهي قلعة "أردانوج" وهي واحدة من أهم الآثار في المنطقة. ويعود تاريخها إلى الحضارات القديمة التي استوطنت المكان. وبسبب تصميمها الداخلي الفريد، ظلت القلعة نقطة جذب لعدة قرون. كما تم ذكرها حتى في آثار السلطان العثماني سليمان القانوني.

بقلم: ASENE ASANOVA