عصابات تسرق اليخوت والقوارب لاستخدامها في تهريب البشر إلى اليونان

ديلي صباح
إسطنبول
نشر في 04.09.2019 16:11
المهربون يسرقون اليخوت لتهريب البشر إلى اليونان المهربون يسرقون اليخوت لتهريب البشر إلى اليونان

يلجأ تجار البشر والعاملون في تهريب المهاجرين غير النظاميين بشكل متزايد إلى سرقة اليخوت والقوارب الكبيرة في عمليات التهريب غير المشروعة التي يقومون بها من تركيا إلى اليونان. وقد أفادت وسائل الإعلام عن ارتفاعٍ في سرقات القوارب على شواطئ بحر إيجة بسبب نشاط هذه العصابات.

وكانت وسائل الإعلام قد ذكرت أن سرقة القوارب الفاخرة على ساحل بحر إيجة التركي، تأتي ضمن مجموعة من الجرائم المتسلسلة، وأن القوارب واليخوت الكبيرة تستخدم في تهريب المهاجرين غير الشرعيين من الشواطئ التركية إلى الجزر اليونانية.

وكانت صحيفة "ديلي صباح"، أوردت تقارير عن تعرض "فكرت أورمان" رئيس نادي "بشيكطاش" لكرة القدم مؤخراً، لواحدة من هذه السرقات، إذ تم العثور على يخته المسمى "لا باراديسو" مهجوراً في جزيرة كوس اليونانية بعد اختفائه في ميناء بودروم جنوب غرب تركيا.

وقد كشفت التحقيقات التي أجرتها قوات الأمن أن المهربين استخدموا اليخت لنقل المهاجرين غير الشرعيين إلى الجزيرة وتركوه هناك.

يذكر أنه على مدى شهور الصيف، سُرق ما لا يقل عن تسعة قوارب في بودروم، والبعض منها تمت سرقة محركاتها فقط، بالاضافة إلى معدات ضرورية للإبحار كانت على متنها. وقال شهود عيان إنهم شاهدوا في إحدى المرات، وصول المشتبه بهم على متن زلاجات نفاثة.

ومن المرجح أن يكون عدد القوارب المسروقة أعلى من الأرقام المسجلة، ذلك أن بعض المالكين لا يتقدمون بشكوى عندما يتم العثور على القوارب المفقودة في غضون 24 ساعة بعد سرقتها، خصوصاً إذا كانت بحالة جيدة.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن كافة حالات السرقة التي وقعت، قد سجلت في مناطق تشتهر بكثرة المهاجرين غير الشرعيين أو تقع بالقرب منها.

كذلك صرح "سنان فاردار"، وهو رجل أعمال بارز، لوكالة الأنباء الإيرانية بعد سرقة قاربه في يوليو، أن المشتبه بهم قاموا بنقل وسرقة الرادار والمعدات الإلكترونية التي تبلغ قيمتها 50.000 يورو من قاربه. وقال "فاردار": "سُرق يخت صديق لي أيضاً، وعثر عليه لاحقاً في إحدى الجزر اليونانية، حيث تركه مهربو البشر بعد استخدامه على الأرجح. كما أبلغ ملاك زوارق آخرون عن سرقات يخوتهم وقواربهم".

يذكر أن 20 مهاجراً غير نظامي من سوريا والعراق وفلسطين، تم اكتشافهم في يونيو على متن يخت تم الإبلاغ عن سرقته في وقت سابق، قبالة ساحل بودروم.

وتشكل تركيا جسراً يربط قارتي أوروبا وآسيا، وتتقاسم الحدود مع بلغاريا واليونان العضوين في الاتحاد الأوروبي، مما يجعل موقعها استراتيجياً كأفضل طريق للوصول إلى أوروبا بالنسبة للمهاجرين من آسيا وأفريقيا الذين يفرون من الحروب الأهلية والصراعات والفقر.

وبعد اندلاع الحروب الأهلية والصراعات المسلحة في البلدان المجاورة لتركيا، تحولت البلاد لمركز رئيسي للمهاجرين غير النظاميين الذين يسعون إلى العبور إلى أوروبا، الأمر الذي دفع السلطات التركية لتعزيز دورياتها في البر والبحر، وبالرغم من تمكنها من الحد من الهجرة غير النظامية، إلا أنها ما زالت تكافح لوقف تدفق المهاجرين.

تعد الرحلات على متن القوارب غير الآمنة المزدحمة التي يقودها مهاجرون قليلو الخبرة مغامرةً قاتلة، لكن قرب الجزر اليونانية من شواطئ بحر إيجة التركية، يغري المهاجرين الذين خسروا كل شيئ في بلادهم، لذلك يندفعون غالباً بإغراء من المهربين للهجرة إلى أوروبا عبر هذا الطريق. وبذلك فإن مهربي البشر يلعبون دوراً رئيسياً في زيادة عدد المهاجرين السذج. ويعتقد أن المهربين كانوا وراء سلسلة من الشائعات التي أدت إلى تدفق جديد من المهاجرين في شرق وغرب تركيا في وقت سابق من هذا العام وفي أواخر عام 2018، حيث وصل مئات المهاجرين الأفغان إلى الحدود الشرقية لتركيا بشكل جماعي، بناءاً على شائعات بأن الحدود ستغلق إلى الأبد قريباً عند اكتمال بناء جدار جديد محمي جيداً. كما يُعتقد أن المهربين كانوا وراء حملة على الإنترنت أدت لتدفق المهاجرين إلى أدرنة في شمال غرب تركيا في أبريل الماضي.

ومع تفاقم النزاع في سوريا، نشطت تجارة البشر وازداد تهريب المهاجرين رغم العمليات الأمنية الواسعة. وتصل رسوم نقل المهاجرين من تركيا إلى أوروبا إلى 2000 دولار للشخص الواحد.

وأشار وزير الداخلية "سليمان صويلو" في اجتماع بشأن الهجرة غير الشرعية أمس في مدينة بورصة إلى أن تهريب المهاجرين يعدّ عملاً مربحاً للجماعات الإرهابية مثل تنظيم بي كا كا وتنظيم داعش. وقال: "إنهم يسهلون وينظمون تهريب المخدرات وتهريب المهاجرين وعبور المتشددين". وأوضح الوزير أن تركيا واجهت "ضغوطات" كبيرة فيما يتعلق بالأعداد المتزايدة للمهاجرين، ليس فقط القادمين من جارتها سوريا التي مزقتها الحرب، ولكن من دول الشرق الأوسط الأخرى وأفريقيا وآسيا الوسطى أيضاً.

ولمواجهة رحلات المهاجرين غير الشرعيين الكارثية إلى أوروبا، والتي تنتهي غالباً بالموت في المياه الباردة لبحر إيجه، كثفت تركيا جهودها لوقف هذا النوع من الهجرة. وقد أثمرت الجهود الحثيثة للسلطات التركية بنسبة عالية، حيث تم اعتراض 235.000 مهاجر غير شرعي في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019. لكن هيئة الهجرة التركية أعلنت الشهر الماضي أن هناك زيادة جديدة في عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد المهاجرين الذين تم اعتراضهم ارتفع بنسبة 42% بين يناير وأغسطس مقارنة بـ 158.235 في نفس الفترة من عام 2018، بفضل الجهود المشتركة لرجال الأمن والدرك وخفر السواحل. كما تشير هذه الأرقام إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر المعابر البرية كان 10.000 مهاجر في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018، لكنه انخفض إلى 4000 في نفس الفترة من هذا العام. أما عن الطريق البحري فالأمر مختلف إذ بلغ عدد الأشخاص الذين وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر 18.000 مهاجر في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2018، وارتفع العدد ليبلغ 24.000 مهاجر هذا العام.