ثلاثة سيناريوهات توضح كيفية انتهاء جائحة كورونا

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 25.03.2020 14:21
ثلاثة سيناريوهات توضح كيفية انتهاء جائحة كورونا

أخذ تفشي فيروس كوفيد-19 منحاً مقلقاً في الآونة الأخيرة بسبب إعلانه كجائحة عالمية، وبالرغم من أن انتشاره السريع قضى على أمل احتوائه، إلا أن الكثير مما يمكن فعله لهزيمته لا يزال متاحاً. فما هي السيناريوهات المحتملة لما يمكن أن يؤول إليه الوضع في المرحلة القادمة؟

يستمر انتشار الفيروس المستجد في جميع أنحاء العالم إلى هذه اللحظة دون أية علامات للتوقف أو الانقطاع، مما يؤدي إلى إصابة أعداد متزايدة من الناس كل يوم وحصد حياتهم بنسب متنامية. كما أن معدل الانتقال السريع له جعل أنظمة الرعاية الصحية في بعض البلدان تقع تحت ضغط كبير، ودفع بعض الحكومات إلى تحويل مراكز التسوق إلى مستشفيات وبائية مؤقتة كما هو الحال في إيران مثلاً، وكذلك فعلت الولايات المتحدة التي حوّلت المساكن والفنادق الفارغة إلى مناطق حجر صحي للمصابين، أما في إسبانيا فقد تم تحويل حلبات التزلج على الجليد إلى مستوصفات مؤقتة. ومع ذلك لا يزال الأمل في القضاء عليه موجوداً.

فمن بين أكثر من 382.000 حالة مؤكدة، تعافى حوالي 102.000 شخص، بينما توفي 16.500 مصاب نتيجة المرض الناجم عن الفيروس، بالإضافة إلى 5% من الحالات التي اعتبرت حرجة. وفي الوقت ذاته ظهرت أعراض خفيفة فقط على 95% من المصابين.

واليوم يشهد العالم سباقاً ساخناً في عالم الكيمياء والبيولوجيا بين صانعي الأدوية والباحثين الذين يحاولون التوصل إلى لقاح أو علاج لإنهاء الوباء إلى الأبد. وقد أثبتت بعض الأدوية نجاحاً جزئياً في المراحل التجريبية المبكرة والتجارب السريرية، كما في بعض الحالات في الصين. كذلك أعلنت شركة التقنية البيولوجية "مودرنا" أن لقاحها القائم على الحمض النووي الريبي يمكن أن يكون جاهزاً بحلول الخريف.

ولكن بغض النظر عن هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم على لسان الجميع: متى سينتهي هذا الوباء؟ وكيف؟

مع بدء انتشار الوباء في الصين عمل الخبراء بجد على احتواء الفيروس كخط دفاع أول وخطة تحمل أملاً كبيراً مبنياً على الاستراتيجية المستخدمة في احتواء تفشي المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة "سارس" عام 2003، والتي انتهت بالنجاح.

وراح الأطباء يعزلون المرضى ويفرضون عليهم الحجر الصحي لمنع انتشار الفيروس في المجتمعات الأخرى بهدف تقييده فقط في الصين والأقاليم المجاورة. لكن ذلك مع الأسف لم يجد نفعاً وأظهرت لنا أحداث الشهرين الماضيين أن البشر استنفذوا كل فرصة لاحتواء تفشي المرض، ومن هنا جاء إعلان منظمة الصحة العالمية أن المرض تحول إلى جائحة بعد مسيرته العالمية الواسعة الانتشار والتي استحال وقفها.

ولم يكن الفشل في احتواء المرض مفاجئاً، نظراً لقدرة الفيروس الكبيرة على التكاثر وعدد الأشخاص الذين يمكن أن ينقل مصاب واحد لهم العدوى. كما أن الكثير من الناس تأخروا في التعرف على أخطار المرض واستمروا في ممارسة حياتهم اليومية مما جعل الأمور تجري نحو الأسوأ بشكل أسرع.

إلى جانب انتشاره السهل، والذي يحدث من خلال رذاذ عطاس أو سعال شخص مصاب أو من خلال الأشياء الملوثة، أظهر الفيروس تجاه محاولات احتوائه تحديات أخرى حيث كان انتشاره صامتاً ولكنه مميت. ومعظم الإصابات حدثت دون أن يلاحظها أحد لأنها إما بدون أعراض أو أنها اظهرت أعراض خفيفة للغاية، كما أن فترة حضانة الفيروس طويلة وبحسب العلماء فإنها يمكن أن تمتد من 2-27 يوم.

ولكن مجرد فشل احتواء الفيروس، لا يعني بالضرورة أننا ننتظر إصابات أكيدة أو موت محتوم، ولا يزال بإمكاننا إنقاذ العديد من الأرواح، والحد من انتشاره وكسب الوقت الثمين إلى أن يتمكن العلماء من التوصل إلى علاج.

وبالنظر لما وصل له انتشار الوباء حتى الآن فمن المرجح لجائحة الفيروس هذه أن تنتهي بثلاث طرق: إما أن يصبح الناس محصنين ضد الفيروس، أو أن يتم تطوير لقاح فعال له، أو أن يتغير الفيروس ذاته ويفقد قوته مع مرور الوقت.

ويؤكد هذه الاحتمالات الثلاثة "محمد جيهان" الأستاذ في جامعة "حجي تيبيه" في أنقرة خلال حديثه إلى وكالة اناضول قائلاً: "سيمسي الكثير من الناس في نهاية المطاف محصنين، ويمنعون الفيروس من الانتشار، أو سيتم العثور على اللقاح وبهذه الطريقة سيصبح الناس محصنين أيضاً. والاحتمال الثالث هو أن يتحول الفيروس ويفقد قدرته على إصابة البشر"

فما هي مزايا ومحاذير كل احتمال على حدة؟

1. مناعة القطيع

يشير السيناريو الأول إلى حصانة القطيع، وهي الطريقة التي أرادت المملكة المتحدة تطبيقها أولاً ثم تراجعت بعد الانتقادات الحادة التي تلقتها بسبب المخاطرة بحياة كبار السن والمرضى المزمنين. ويتم تطبيق مناعة القطيع بتحصين عدد كافٍ من السكان ضد الفيروس، إما عن طريق الإصابة بالعدوى أو التعافي أو عن طريق التطعيم، وبذلك يمكن إيقاف هذا المرض من الانتشار بشكل فعال.

زعمت المملكة المتحدة في البداية أن مناعة القطيع ستبطئ انتشار الفيروس وتأخر ذروة سطوته حتى أشهر الصيف حين لا تكون الخدمة الصحية الوطنية تحت ضغط كبير. ولكن المخاطر العالية والانتشار السريع للمرض أدى إلى معدلات عالية من دخول المشافي واستخدام مرافق العناية المركزة.

لذا تبدو استراتيجية مناعة القطيع مقامرة محفوفة بالمخاطر خصوصاً مع غياب لقاح فعال قريب.

2. اللقاح الفعال

يُنظر إلى السيناريو الثاني على أنه الخيار الأكثر احتمالاً لاستئصال المرض إلى الأبد. ويعمل العلماء بسرعة فائقة لتطوير علاجات مضادة للفيروس أو لقاح فعال له. وهناك العديد من التطورات الواعدة.

ومن سلبيات هذا النهج أنه مستهلك للوقت ومكلف للغاية. وقد يستغرق الأمر سنة أو أكثر قبل أن تجتاز هذه اللقاحات اختبارات السلامة والفعالية اللازمة في التجارب السريرية. كما تقدر تكاليف إنتاج اللقاحات بـ 800 مليون دولار.

وفي بعض الحالات، أدى الاستخدام السريع لبعض اللقاحات دون أن تمر بالمراحل التجريبية المعتادة التي تتطلب اختبارات مطولة على الحيوانات قبل التجارب البشرية، إلى التسبب بمرض الناس أكثر بدلاً من منع العدوى.

لذلك اقترحت الدراسات أن تركز لقاحات فيروس كوفيد-19 على تعزيز المناعة، بدلاً من الحماية ضد العدوى. وتبقى السمية والآثار الجانبية مصدر قلق كبير.

3. الطفرة الفيروسية

الاحتمال الأخير في قائمة الحلول هو حدوث طفرة للفيروس المستجد وهذا أمر شائع الحدوث بمرور الوقت، إذ تخضع البنية الوراثية للفيروس لتغييرات مستمرة. ويأمل العلماء في أن يتحول كوفيد-19 الذي يتشابه وراثياً مع فيروس السارس كوفيد-2 بنسبة 85% والذي تلاشى بعد أن أحدث إصابات مميتة عام 2002.

وأخيراً يجب التأكيد على حقيقة أننا لا زلنا نجهل الكثير عن الفيروس الجديد، لذلك من الصعب معرفة مدى ارتفاع معدل الطفرة لديه. ويبقى الأمل معلقاً بما يقوم به العلماء من متابعة سلوك الفيروس عن كثب، وفهم كيفية انتشاره واحتمال ظهور سلالات مختلفة منه.