خبراء: خطوات اليونان وفرنسا في شرقي المتوسط تجر المنطقة لـ "حرب باردة" جديدة

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 15.10.2021 15:49
خبراء: خطوات اليونان وفرنسا في شرقي المتوسط تجر المنطقة لـ حرب باردة جديدة

في الآونة الأخيرة اتخذت اليونان عدة خطوات رأي من خلالها الخبراء المختصين أنها تمهد الطريق لتشكيل مناخ جديد في شرق المتوسط أشبه بفترة الحرب الباردة، مثل اتفاقية الشراكة التي أبرمتها مع فرنسا في 28 سبتمبر/أيلول الماضي، والتي تنص على استراتيجية للتعاون الدفاعي والأمني.

وبالرغم من اعتبار الحكومة اليونانية أن هذه الصفقة نجاح لسياستها الخارجية، إلا أنها أثارت الجدل داخليا.

اليونان تبرم عدة اتفاقيات ضد تركيا

ورغم جهود الحوار بين أنقرة وأثينا لتخفيف حدة التوتر المتصاعد منذ عامين، إلا أن الخبراء رأوا أن الأخيرة بهذه الخطوات تعمل على تعزيز قوتها الرادعة ضد تركيا من خلال الاعتماد على قوة فرنسا النووية.

فخلال السنوات الأخيرة وقعت كل من اليونان وإدارة جنوب قبرص الرومية، عدة اتفاقيات تحالف وتعاون مع دول أخرى أبرزها (مصر وإسرائيل)، وبعد توقيع كل اتفاقية تؤكد أثينا أن هذه الاتفاقية ليست ضد أي دولة، لكن تصريحات رئيس الوزراء اليوناني أمام برلمان بلاده وتلميحاته المتكررة عن تركيا تثبت عكس ذلك.

وبحسب الخبراء فإن هناك مساعي لتنفيذ مشروع بشرقي المتوسط يشبه ما يحدث الآن في الشرق المتوسط، وأن الاتفاقية الموقعة بين اليونان وفرنسا تعد بمثابة تهديد ضمني لتركيا، حيث يؤكدون أن هذه الاتفاقية ليس لها أي قيمة حقيقية من الناحية العسكرية.

محاولة للسيطرة على ثروات شرق المتوسط

يرى البروفيسور نائل ألكان رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة حاجي بيرام، أن الموارد بشرق المتوسط ستزداد أهمية خلال السنوات القادمة، وأن أثينا وباريس وحلفاءهم لا يرغبون بمشاركة هذه الثروات مع تركيا، لذا ينتهزون كل فرصة لاتخاذ خطوات معادية لأنقرة، ويتصرفون باستفزازية.

وعول ألكان بأن الحليفتين -اليونان وفرنسا- قد ابرموا اتفاقية الشراكة الاستراتيجية للتعاون والدفاع الأمني على إطار هذا الأمر (معاداة تركيا)، مضيفا أن اليونان وإدارة قبرص الرومية يحتمون بمظلة الدول الكبرى لمواجهة تركيا، مستغلين التوتر بين الأخيرة وفرنسا، كذلك يستغل الرئيس الفرنسي ماكرون الاتجاه المعادي حاليا لتركيا ببلاده، لحصد المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

تزايد قوة تركيا الإقليمية وتمدد نفوذها في إفريقيا يزعج فرنسا

تشهد منطقة شرقي المتوسط حاليا توازن جيوسياسي جديد يشبه فترة الحرب الباردة، هذا ما أكده البروفيسور الدكتور تشينار أوزن -عضو هيئة التدريس بقسم العلاقات الدولية بكلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة- مضيفا أن فرنسا ترى تركيا تهديدا كبيرا لها بسبب تواجدها السياسي والعسكري الممتد في ليبيا.

لكن أكثر ما يزعج فرنسا هو النفوذ التركي المتزايد في ليبيا والجزائر ومالي، وانتشار تركيا من شرقي المتوسط إلى غربي أفريقيا، ما يمثل خطرا على النفوذ الفرنسي هناك، لذا تسعى فرنسا إلى إلهاء تركيا بمشاكل في منطقة شرقي المتوسط.

وأضاف أوزن أن فرنسا تستغل اليونان وتحرضها ضد تركيا، لأنهما لا تستطيعان الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا لذلك يلعبون على ثروات شرقي المتوسط.

فرنسا تستغل اليونان لبيع أسلحة بعد فشل مشروع الغواصات

من جانبه يرجح الدكتور خلوق قره داغ -عضو هيئة التدريس بقسم العلوم والعلاقات الدولية بجامعة باشكنت- أن الجانب الملفت للانتباه في الاتفاقية الفرنسية-اليونانية، هو محاولة فرنسا لتعويض جزء من خسارتها المادية بعد فشل مشروعها لتحديث غواصات أستراليا، بسبب قيام الأخيرة بشراء غواصات من الولايات المتحدة، وهو ما تسبب بخسائر فادحة لباريس.

مضيفا " فتسعى فرنسا إلى بيع المزيد من الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية إلى اليونان، لكن الأخيرة سعت إلى جذب فرنسا إلى صفها لتسليحها أكثر ضد تركيا، حيث تراها منافسا إقليميا قويا".

واختتم قرع داغ كلامع بأنه على اليونان أن تتعاون مع تركيا بدلا من الدخول معها في سباق تسلح، وإلا فإن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها أثينا ستزداد أكثر من ذلك.

وبموجب الاتفاقية فتلتزم اليونان بشراء ثلاثة فرقاطات من طراز بيلارا من فرنسا، لكن هذا القرار فرض المزيد من الأعباء الاقتصادية على اليونان، التي لم تتعاف بعد من تداعيات أزمتها الاقتصادية، وكارثتي السيول وحرائق الغابات، مع أزمة جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى ردود فعل رافضة للاتفاقية لدى المعارضة اليونانية.