تحليل الحمض النووي يقول أن تركيا هي الموطن الأصلي... لليهود الأشكيناز

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 25.04.2016 00:00
آخر تحديث في 25.04.2016 14:08
يهود من مدينة بورصا، 1873 en.bursa.bel.tr يهود من مدينة بورصا، 1873 (en.bursa.bel.tr)

قام عالم إسرائيلي بأبحاث تقول أن الناطقين باللغة اليهودية (اليديشية) قد سلكوا طريق الحرير القديمة، واحتمال كبير أنهم كانوا تجاراً وسكنوا شمال شرق تركيا.

فقد أظهرت دراسة جديدة قام بها الدكتور إيران الحايك، عالم الوراثة والأستاذ في جامعة شيفلد، الإسرائيلي المولد، باستخدام تحليل الحمض النووي أن أصول اللغة اليديشية، اللغة التاريخية لليهود الأشكيناز، موجودة في شمال شرق تركيا.

وقد استخدم الدكتور حايك في دراسته جهازاً مماثلاً لجهاز الملاحة الجغرافية لتحديد المواقع يربط جينات المجموعات البشرية مع المواقع الجغرافية لأصولها؛ وتعرف هذه التقنية باسم البنية البشرية الجغرافية Geographic Population Structure (أو الجي بي إس) وذلك لتحديد موقع أصول الأحماض النووية للناطقين باللغة اليديشية. إذ تمكنه تلك التقنية من تحويل بيانات الحمض النووي لليهود الأشكيناز، إلى معلومات وإحدائيات جغرافية تحدد موقع أجدادهم أو أقرب المناطق الجغرافية قرباً لهم.

يقول الدكتور إران في دراسة نشرها مؤخراً في مجلة Genome Biology العلمية: "حددنا 367 شخصاً يهودي من شمال وشرق أوروبا، أكدوا أن آباءهم من اليهود الأشكيناز، فقمنا بتقسيمهم إلى مجموعتين: مجموعة يتكلم آباؤهم سوى اليديشية ومجموعة أخرى لا يتكلمونها"؛ بالإضافة للحمض النووي لأكثر من 600 شخص من غير اليهود وتحديدًا من أوروبا وغرب آسيا.

وقد أظهرت النتائج، وفقاً للدكتور الحايك، أن كثيرين ممن خضعوا للدراسة جاؤوا من منطقة في شمال شرق تركيا تضم أربع قرى قديمة أسماؤها متشابهة ويبدو أنها مشتقة من اللفظ "أشكيناز": أسكناز Askenaz وإسكناز Eskenaz وأشاناز Ashanaz وأشكوز Ashkuz؛ وجميعها تقع بالقرب من تقاطع طريق الحرير القديم. واستنتج بالتالي أن هذه القطعة الجغرافية هي جزء من موطن اليهود القدماء.

وأشار د. الحايك إلى أن "شمال شرق تركيا هو المكان الوحيد في العالم الذي توجد فيه أسماء تلك القرى، وفي هذا احتمال قوي أن تكون اللغة اليديشية قد نشأت منذ 1000 سنة تقريباً عندما كان التجار اليهود يسلكون طريق الحرير للتجارة وكانوا همزة الوصل بين آسيا وأوروبا وكانوا يريدون احتكار السوق لأنفسهم، فاخترعوا اليديشية. وهي لغة سرية لا يفهمها إلا القليل من اليهود".

ويفترض الباحثون أن اللغة اليديشية قد اخترعها يهود سلافيون وإيرانيون كان يعملون بالتجارة على طريق الحرير حوالي القرن 9 ميلادي.

أما طريق الحرير، فهي مجموعة من الطرق المترابطة كانت تسلكها القوافل على مدى قرون. وينقسم لفرعين: الفرع الشمالي يصل شمال الصين بشرق أوروبا، وشبه جزيرة القرم، حتى البحر الأسود، وبحر مرمرة، والبلقان، وصولًا إلى البندقية. والفرع الجنوبي، يتجه من الصين عبر تركستان وخراسان وكردستان والأناضول وسوريا، عبر تدمر، وصولًا إلى أنطاكية التركية، فالبحر المتوسط، أو عبر بلاد الشام، حتى مصر وشمال إفريقيا. وكان لهذه الطريق تأثير كبير على ازدهار الحضارات القديمة: الصينية والهندية والرومانية والمصرية والعربية.

يقول د. الحايك: "استطعنا تحديد الموقع المحتمل الذي جاءت منه اللغة اليديشية منذ أكثر من 1000 سنة، وهو موضوع قد شغل علماء اللسانيات لسنوات عديدة". ويتابع: "ما اكتشفناه يتوافق مع نظرية أخرى تقول إن لليديشية أصول إيرانية وتركية وسلافية وتشرح لماذا تحتوي هذه اللغة على 251 مفردة لكلمة شراء وبيع. وهو أمر طبيعي في لغة تجار متمرسين".

وتفترض الدراسة أن اليهود بانتشارهم لاحقاً في كامل أوروبا، اكتسبت لغتهم مزيداً من المفردات من اللغات الأخرى، لا سيما الألمانية.

يقول دكتور الحايك: "اليديشية لغة معقدة جداً ورائعة، أطلق عليها خطاً اسم الألمانية السيئة؛ لأنها تتكون من كلمات ألمانية وقواعد ليست ألمانية. والحقيقة أن اليديشية هي تجميع لكلمات ألمانية عادية في قالب من قواعد اللغة السلافية".

ويسعى الدكتور الحايك إلى توسيع نطاق بحثه وصقله ليشمل من 2000 حتى 10.000 سنة نظراً لوجود الحمض النووي لتلك الأحقاب.

وكان د. حايك قد أطلق سنة 2013 فرضية حول أصول اليهود الخزر تقول أن يهود شرق أوروبا انحدروا من الخزر وهم مجموعة عشائر تركية استوطنت القوقاز في القرون الأولى بعد الميلاد؛ وقد تأثروا باليهود العبرانيين فتحولوا إلى اعتناق اليهودية في القرن الثامن الميلادي.

اليهود الأشكناز؛ هم اليهود الذين ترجع أصولهم إلى أوروبا الشرقية. أما اليهود السفاريد، فينحدرون من اليهود الذين أخرجوا من إسبانيا والبرتغال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ثم استقروا في منطقة حوض البحر المتوسط والبلقان وبعض المناطق الأخرى. أما اليهود المزراحيون فهم اليهود الشرقيون أو يهود الشرق الأوسط.

وبعد، فلا زال اليهود لا يفوتون فرصة لإثبات حقهم في الأرض ولإثبات نظريات التاريخ وفقاً لنصوصهم وتحريفاتهم؛ وهاهم اليوم يستخدمون أحدث أدوات العلم في مجال الوراثة البشرية ليزعموا بهذه الدراسات أنهم أبناء عمومة أينما كانوا في الهند أو اليمن أو ألمانيا وأن جدهم واحد أيضاً. ﴿والله من ورائهم محيط﴾ صدق الله العظيم.