قلق بين المسلمين الأتراك في ألمانيا من تصاعد التهديدات ضد المساجد

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 14.08.2023 19:17
متظاهرون ينظمون احتجاجا على العنصرية في مركز للشرطة. روتردام. هولندا. 28 مارس 2021 رويترز متظاهرون ينظمون احتجاجا على العنصرية في مركز للشرطة. روتردام. هولندا. 28 مارس 2021 (رويترز)

يرفض الملايين من المسلمين الأتراك التعرض للترهيب وسط تزايدٍ في وتيرة المضايقات المعادية للإسلام في ألمانيا والتي تقترب تدريجياً من معدلات مثيرة للقلق

وتواجه المساجد في جميع أنحاء ألمانيا زيادة في أعمال التخريب والمضايقات والتهديدات، وهو سبب متزايد للقلق بين الجالية المسلمة في البلاد.

وتلقت المزيد من المساجد رسائل تهديد في الأسابيع الأخير، موقعة مع الاسم المستعار النازي الجديد "NSU 2.0" بحسب ما قاله كمال أرغون رئيس المجموعة التركية الإسلامية يوم الأربعاء.

وفي حديثه أمام الإعلام المحلي قال أرغون: "لن تخيفنا مثل هذه التهديدات ولكن من المخيب للآمال أنه في معظم محاولات الحرق المتعمد للمساجد والتي قد تودي بحياة العديد من الناس، لم يتم التعرف على الجناة أو القبض عليهم".

ويشير مصطلح "NSU 2.0" إلى جماعة "القومية الاشتراكية السرية"، وهي جماعة إرهابية نازية جديدة تم الكشف عنها عام 2011 وقتلت 10 أشخاص ونفذت هجمات بالقنابل استهدفت المهاجرين الأتراك والمسلمين.

وبحسب الإحصاءات الرسمية، فقد وقع 124 هجوماً على مسلمين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، بما في ذلك اعتداءات لفظية وجسدية وخطابات تهديد وحرق مساجد.

وفي مايو/أيار، تلقى مسجد وسط مدينة غوتينغن رسالة تحتوي على لغة عنصرية ومعادية للإسلام من NSU.

وفي الشهر الماضي، قال الاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية، إن مصحفاً أُحرق وأُلقي من سيارة متحركة أمام مسجد جنوب غرب ألمانيا.

ودعا إرغون السلطات إلى إجراء تحقيق شامل في مثل هذه الجرائم وتقديم الجناة إلى العدالة. كما دعا إلى اتخاذ موقف أقوى ضد كراهية المسلمين والتطرف اليميني.

وقال: "لسوء الحظ، أصبحت العنصرية حقيقة واقعة في ألمانيا. وتُظهر أحدث استطلاعات الرأي أن الحزب السياسي العنصري والفاشي المسمى البديل من أجل ألمانيا، أصبح ثاني أكبر حزب في البلاد. وهذا وحده يؤكد أننا نتجه نحو مرحلة خطرة".

ووضع استطلاع جديد الأسبوع الماضي حزب "البديل من أجل ألمانيا" المناهض للهجرة في المركز الثاني، متقدماً على حزب المستشار أولاف شولتز الاشتراكي الديمقراطي.

من جانبه قال برهان كيسيجي رئيس المجلس الإسلامي لجمهورية ألمانيا الاتحادية، إنه يجب على السياسيين من الأحزاب الديمقراطية الوقوف في وجه الشعبوية اليمينية ومواجهة رسائلهم المعادية للإسلام.

وأضاف: "نتوقع من السلطات السياسية أن تقدم دعمها للمجتمع المسلم. وعليهم أن يؤكدوا في خطاباتهم العامة أن المسلمين جزء من هذا البلد، وأنهم لا يشكلون تهديداً لمجتمعنا".

كما اقترح كيسيجي إجراءات أمنية أقوى من قبل الشرطة لحماية المساجد والمؤسسات الإسلامية.

وكانت ألمانيا قد شهدت في السنوات الأخيرة تزايداً في العنصرية وكراهية الإسلام، تغذيها دعاية جماعات النازيين الجدد وحزب البديل اليميني المتطرف، الذي استغل أزمة اللاجئين وحاول بث الخوف بينهم.

وتسجل ألمانيا جرائم الإسلاموفوبيا بشكل منفصل منذ عام 2017 حيث بلغت جرائم الكراهية في ذلك العام 1.095 جريمة، وفي عام 2018، كان هناك 910 حادثة بما في ذلك 48 هجوماً على المساجد وحدها. كما استهدفت حوالي 871 هجمة الجالية المسلمة في ألمانيا عام 2019، وفي عام 2020 هاجم المتطرف اليميني توبياس راثجين مقهيين في مدينة هاناو، ما أسفر عن مقتل 9 شبان وإصابة 5 آخرين. وجميع الضحايا من أصول مهاجرة، 4 منهم من الأتراك.

وشهد كل يوم على مدار عام 2019، استهداف مسجد أو مؤسسة إسلامية أو ممثل ديني في ألمانيا بهجمات معادية للمسلمين. ونُسبت أكثر من 90% من هذه الجرائم إلى دوافع سياسية من قبل اليمين المتطرف.

كما تعرض نحو 62 مسجداً للهجوم بين يناير/كانون الثاني وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وأصيب 39 شخصاً على الأقل بسبب أعمال العنف ضد المسلمين.

ويبلغ عدد سكان ألمانيا أكثر من 84 مليون نسمة، ولديها ثاني أكبر عدد من المسلمين في أوروبا الغربية بعد فرنسا. ومن بين مسلمي البلاد البالغ عددهم 5.3 مليون مسلم، هناك 3 ملايين من أصل تركي.

وفي عام 2021، تم استهداف الفرع الألماني لقناة TRT التابعة لتركيا أيضاً عدة مرات برسائل معادية للمسلمين ومعادية للأتراك من قبل مجموعة Prinz Eugen العنصرية، والتي تحمل اسم مجموعة عسكرية سيئة السمعة كانت من بين جنود هتلر خلال الحقبة النازية.

وتُبدي الجالية التركية في بقية أوروبا اهتماماً كبيراً أيضاً بالاتجاه المتصاعد لكراهية الإسلام والتركوفوبيا في الدول الغربية. وقد دعوا مراراً بمن فيهم مسؤولون في أنقرة، الدول الأوروبية إلى تصعيد الإجراءات ضد جرائم الكراهية.

كذلك أثارت عدة حوادث قام فيها سياسيون ونشطاء يمينيون متطرفون مؤخراً هذا العام، مثل حرق نسخ من القرآن أمام مساجد أو سفارات دول إسلامية منها تركيا والعراق، غضباً وقلقاً في جميع أنحاء العالم.

ومنذ ذلك الحين، أدان العالم الإسلامي بما في ذلك تركيا، الإذن بالمظاهرات بموجب قوانين حرية التعبير باعتباره "تمكيناً لما يشكل في نهاية المطاف جريمة كراهية"، لكن حكومات البلدان التي وقعت فيها عمليات الحرق لم تتخذ أي إجراء بعد.