هل جاءت العقوبات الأمريكية متأخرة؟

ديلي صباح ووكالات
إسطنبول
نشر في 30.12.2016 00:00
آخر تحديث في 30.12.2016 23:22
هل جاءت العقوبات الأمريكية متأخرة؟

رغم العقوبات التي اتخذها باراك أوباما ضد روسيا، إلا أن بوتين يبدو منتصراً على جميع المستويات، وبقليل من الإمكانيات.

هل جاءت العقوبات الأمريكية متأخرة؟

هذا ما خلصت إليه صحيفة نيويورك تايمز في مقال ناقد، وهي مع ذلك من الصحف الموالية للرئيس الحالي وللمرشحة الخاسرة هيلاري.

نعم، تبدو هذه العقوبات المتأخرة سخيفة بعض الشيء. بل هناك ما هو أسوأ: لقد أُبعدت الولايات المتحدة عن المحادثات بشأن سوريا. ومن قرر وقف إطلاق النار هما روسيا وتركيا، ومن بعيد ربما إيران. هذه الدول هي من وضع الشروط لوقف النار وللمحادثات السياسية القادمة، كل ذلك، دون توجيه أية دعوة لواشنطن، التي لم نرها على هذا القدر من التهميش من قبل، بل الاستصغار.

ولكن، علينا ألا نبالغ في تصغير حجم واشنطن التي تعيش الآن وضعاً انتقالياً سياسياً. فالوقت ليس مناسباً "للصفقات" كما يقول ترامب. ولا بد من الانتظار بضعة أسابيع قبل أن نرى الدور الحقيقي للولايات المتحدة.

ولكن لماذا نشعر أن روسيا حاضرة في كل مكان؟ وتنتصر في كل مكان؟

المدهش أكثر إن قارنا بين روسيا وأمريكا. فروسيا ما هي إلا قزم أمام أمريكا.

قزم اقتصادي، فالناتج المحلي الروسي يعادل الناتج المحلي الإيطالي. وقزم سياسي، إذ ليس لروسيا أي حلفاء بينما أمريكا لديها من الحلفاء ما يكفي ويزيد. وقزم عسكري، فالميزانية العسكرية الروسية تعادل، نسبياً، مثيلتها في فرنسا. وهذا معناه أنها تخصص لجيشها مبالغ فلكية علاوة على كونها مضطرة إلى العناية بقوتها النووية العالة عليها، وقد ورثتها من الحرب الباردة. إذ تملك موسكو 7000 رأس نووي، بينما لا تملك فرنسا، مثلاً، سوى 350 ونرى الحكومة الفرنسية تئن تحت وطأة تمويل تشغيل وصيانة هذه الترسانة المتواضعة.

السؤال إذن: كيف استطاعت موسكو الوصول إلى هذه النتائج بقليل من الإمكانيات؟

الجواب سهل:

أولاً: لقد استغلت موسكو نقاط ضعف الغرب. فمنذ أن رفض أوباما التدخل في سوريا عام 2013 وروسيا تتحين الوقت الذي تُظهر فيه كافة الأطراف بوادر تعب. ثم تدخلت وبقوة سنة 2015 وقلبت الطاولة على اللاعبين. وبوتين بارع في سياسة الأرض المحروقة التي لم يغيرها منذ حرب الشيشان: سحق الخصوم تحت وابل من القنابل وحسم الأمر خلال أسابيع.

ثانياً: ليس لبوتين من يحاسبه: فالديمقراطية الغربية معقدة، ولا بد –لإرسال جنود خارج البلاد- من موافقة البرلمان واستفتاء الشارع ومواجهة المظاهرات...إلخ. في موسكو تجري الأمور بشكل مختلف تماماً وبسهولة مخيفة. هناك بوتين يقرر والبرلمان ينفذ. وطبعا المظاهرات ممنوعة.

هذا هو عمود السلطة الروسية.

يبدو الأمر فعالاً على المدى القريب. ولكن ليس على المدى البعيد. علينا ألا ننسى أن روسيا لا تملك ثمن طموحاتها. إذ يكفي أن تستمر الحرب في سوريا بضعة أشهر أخرى حتى تخور قوى موسكو وتصبح التكلفة أعلى بكثير مما يمكن لبوتين أن يدفعه.

لهذا السبب يريد سيد الكرملين إغلاق الملف السوري بأسرع وقت.

فهمه الآن ترسيخ مكاسبه وانتصاره في سوريا قبل أن تستعيد أمريكا وعيها وتفكر في حل سياسي على مقاسها قد يطول.